“السعوديون مُحبطون حقا من الإمارات”.. هذا ما أكده مصدر في “أوبك” لوكالة رويترز. المصدر أشار أيضا إلى أن هذا الإحباط دفع وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، لعرض التنحي عن منصب نائب رئيس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في المنظمة النفطية.

أوبك

أوبك

هذه الأزمة لم تكن الحدث الوحيد خلال الأسابيع الأخيرة، الذي يكشف عن حدوث شرخ آخذٍ بالاتساع، في العلاقة التي تجمع المملكة العربية السعودية، بدولة الإمارات العربية المتحدة، واللتين عاشتا خلال السنوات الخمس الماضية، أزهى فترات التعاون والوحدة في المواقف الإقليمية والدولية على حد سواء.

فالمملكة وتركيا أظهرتا خلال الشهر الأخير، بوادر إيجابية متبادلة، لتطبيع العلاقات بينهما، بعدما كادت تصل حد القطيعة الدبلوماسية والاقتصادية، عقب اغتيال الصحفي السعودي البارز، جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018. ويرى مراقبون أن اقتراب الرياض من أنقرة، يعني ابتعادا حتميا عن أبوظبي.

وبينما تصر الإمارات حتى اللحظة على استمرار حصار قطر، كثّفت المملكة جهودها مؤخرا لحل أزمتها العالقة مع الدوحة منذ أكثر من 3 سنوات، بعد هزيمة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب بالانتخابات، في محاولة لكسب ود إدارة الرئيس المنتخب بايدن القادمة. وفق تأكيد صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وفي مساء الثلاثاء الماضي، 1 ديسمبر/كانون أول الجاري، وصل مستشار الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنر، العاصمة القطرية الدوحة، قادما من الرياض، في إطار مساعي الإدارة المنتهية ولايتها لإذابة جليد الخلاف بين البلدين، وإنهاء الحصار المفروض على قطر.

عباءة الرياض

نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطّلعة في منظمة “أوبك” تأكيدها أن الإمارات خرجت من تحت جناح النفوذ السعودي في أوبك، بعد رفضها تخفيض إمدادات النفط، وهو ما أدى إلى تأجيل اجتماع المنظمة للبت في استراتيجية أوبك وحلفائها (أوبك بلس)، الأمر الذي أثار إحباط السعودية من حليفتها.

وأفادت رويترز، في 1 ديسمبر/كانون أول الجاري، أنه بسبب هذا الإحباط عرض وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان التنحي عن منصب نائب رئيس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في أوبك، وعُرض منصب نائب الرئيس على الإمارات، لكنها لم ترغب فيه.

وكانت الرياض طالبت في اجتماع أوبك الاثنين الماضي الدول الأعضاء بتمديد تخفيضات الإمدادات 3 أشهر. فيما ترى أبوظبي ضرورة أن تلتزم الدول ذات الإنتاج الزائد بالتخفيضات المحددة لها، والتعويض عن الإنتاج الزائد من قبل.

وزاد موقف الإمارات التعقيدات بعدما اشترطت أبوظبي التزام الدول الأعضاء بتعهداتها بشأن تخفيضات الإنتاج لكي تؤيد التمديد.

لكن التوتر السعودي الإماراتي ليس وليد اللحظة، ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أكدت وكالة بلومبيرج أن الخلاف بين الطرفين تصاعد منذ أواخر الصيف الماضي، عندما زادت أبوظبي إنتاجها فوق حصتها في أوبك، مما دفع الرياض إلى التحذير الشديد.

وذكرت الوكالة أن الخلاف بين البلدين الخليجيين والحليفين المقربين، دفع مسؤولين للقول إن الإمارات أصبحت تفكر جديا في الانسحاب من تحالف أوبك بلس.

تسوية مع تركيا وقطر

وعلى عكس الموقف المتصلب لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، من الأزمة الخليجية، أظهر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رغبته واستعداده للقيام بخطوات فعلية لإغلاق ملف حصار قطر، لاسيما بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، وهزيمة حليفه القوي وأكبر داعميه، دونالد ترامب.

ولفتت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، نقلا عن مصادر مطلعة، أن محمد بن سلمان بات يشعر بأنه “في مرمى النار” بعد وصول الديمقراطيين إلى البيت الأبيض، لاسيما في ظل الأزمة الدبلوماسية التي تعاني منها الرياض بسبب اعتقال عشرات الناشطين ورجال الأعمال، فضلا عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، قبل عامين في اسطنبول.

وأكد المحلل السعودي، “علي الشهابي”، المقرب من الديوان الملكي، للصحيفة البريطانية، أن الحكومة السعودية كانت “منفتحة على إنهاء المشكلة” مع قطر منذ عدة أشهر.

وأضاف الشهابي: “السعوديون كانوا يعملون على إغلاق عدة ملفات ساخنة ومن الواضح أن ملف إنهاء الحصار على قطر واحد من تلك الملفات”.

وفي سياق متصل، وصل وفد أمريكي رفيع، برئاسة جاريد كوشنر، إلى قطر مساء الثلاثاء الماضي، للقاء أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد أن التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في محاولة أخيرة لرأب الصدع الخليجي قبل نهاية ولاية الرئيس ترامب في 20 يناير/كانون الثاني المقبل. 

وتعقيبا على زيارة كوشنر إلى الخليج، قالت الخارجية الألمانية إن الأزمة الخليجية التي أثقلت كاهل المنطقة يجب أن تُحل في إطار خليجي وعربي.

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية، ماريا أديبار، ترحيب بلادها بأي وساطة تساعد على حل الأزمة، مضيفة أن برلين ستتابع زيارة “كوشنر” للمنطقة، وستقيم مخرجات مبادرته لحل الأزمة.

وفي الأسابيع الماضية، ظهرت مؤشرات “إيجابية” من السعودية وتركيا، اعتبرها محللون بوادر جدية لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، ولفتح صفحة جديدة، استعدادا لوصول الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، إلى البيت الأبيض، والذي يبدو أن العلاقات بين البلدين الإسلاميين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، لن تكون بأفضل حالاتها خلال فترة ولايته.

أول تلك المؤشرات الإيجابية، تمثلت بتقديم العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، التعزية بضحايا زلزال ولاية إزمير التركية، مطلع نوفمبر الماضي، إضافة للإعلان عن مساعدات للمنكوبين في الزلزال، بتوجيهات منه.

وتبع تلك الخطوة، اتصال بين الملك السعودي والرئيس التركي، قبل يوم من قمة العشرين التي استضافتها المملكة. وأكد الزعيمان خلال الاتصال، على ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية، وإزالة المشاكل العالقة.

وفي مؤشر آخر يدل على قرب إنهاء التوتر بين البلدين، جمع “لقاء ودي” وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان آل سعود، ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، على هامش مؤتمر وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في عاصمة نيجيريا نيامي.

ووصفت أنقرة لقاء وزيرها مع نظيره السعودي بـ”اللقاء الودي الصادق”. فيما قال “جاويش أوغلو” في تغريدة له عبر حسابه في “تويتر” كتبها باللغة العربية، إن “الشراكة القوية بين تركيا والمملكة العربية السعودية ليست لصالح البلدين فحسب، بل للمنطقة بأكملها”.

أقرا أيضاً: إدانة قنوات وبنوك أبوظبي.. هكذا نجحت قطر في تأديب الإمارات وإحراجها دوليا