لطالما روّجت إسرائيل لنفسها كـ”وطن قومي آمن” لليهود، إلا أن الأوضاع المتدهورة جعلت هذه السردية موضع تشكيك متزايد بين الإسرائيليين أنفسهم. 

فبحسب الدراسة، رغم الأوضاع المتردية، لا يزال 40% من الإسرائيليين يؤكدون أنهم لن يغادروا البلاد، لأنهم يعتبرونها “الوطن القومي للشعب اليهودي”، بينما أكد 21% أنهم باقون بسبب ارتباطهم العائلي، لكن رغبة ربع السكان في الرحيل تُشكل تحديًا وجوديًا لإسرائيل، إذ إنها تعكس تآكل الثقة في قدرة الاحتلال على توفير الأمن والاستقرار لمواطنيه. 

فقد أصبحت الهجرة اليوم حلًا مطروحًا لكثير من الإسرائيليين، وهو ما دفع الحكومة إلى محاولة السيطرة على الظاهرة عبر التضييق الإعلامي على مناقشتها، ووصم الراغبين في المغادرة بأنهم “خونة أو جبناء”، في محاولة لتخفيف حدة الأزمة.

 

المقاومة الفلسطينية تُربك الاحتلال.. والهجرة أحد نتائجها

لم تأتِ هذه الأزمة من فراغ، فالمقاومة الفلسطينية، التي تخوض معركتها ضد الاحتلال وفق رؤية استراتيجية طويلة الأمد، نجحت في تفكيك الشعور بالأمان داخل المجتمع الإسرائيلي، وهو ما انعكس في تصاعد معدلات التفكير في الهجرة.

منذ سنوات، أدركت المقاومة أن أحد مفاتيح هزيمة الاحتلال يكمن في زعزعة استقراره الداخلي، وليس فقط في المواجهات العسكرية المباشرة. وقد تجلى ذلك في العمليات الفدائية النوعية، والاستهداف الدقيق للجنود والمستوطنين، وإرغام الإسرائيليين على العيش في حالة من التوتر الدائم. كل ذلك جعل الاحتلال يفقد أهم ميزاته أمام مستوطنيه: الشعور بالأمن والاستقرار.

الهجرة من إسرائيل ليست مجرد مسألة اقتصادية أو اجتماعية، بل هي نتيجة مباشرة لنجاح المقاومة في تقويض ثقة الإسرائيليين بمستقبلهم. فكلما تزايدت العمليات التي تكسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وتعمّقت حالة الانقسام الداخلي، كلما وجد الإسرائيليون أنفسهم أمام خيار وحيد: الرحيل إلى مكان أكثر أمانًا.

 

خاتمة: المقاومة ترسم ملامح مستقبل الاحتلال

لم يعد الحديث عن هجرة الإسرائيليين مجرد تقارير صحفية أو تحليلات سياسية، بل أصبح حقيقة ملموسة تهدد مستقبل إسرائيل. فمع تصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية، واستمرار العمليات البطولية للمقاومة، بات واضحًا أن المجتمع الإسرائيلي يواجه انقسامًا داخليًا غير مسبوق، قد يكون بداية لانهيار المشروع الصهيوني من الداخل.

ومع استمرار هذا التوجه، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: هل ستتحول إسرائيل من “دولة لليهود” إلى دولة يعجز حتى سكانها عن العيش فيها؟

اقرأ أيضًا : بأوامر إماراتية.. مجازر الدعم السريع تحرق أكبر مخيم نازحين في السودان وسط صمت دولي