كشفت وكالة “أسو شيتد برس” شهادات سجناء معتقلين بسجون في اليمن خاضعة لسيطرة دولة الإمارات، أوضحوا خلالها تعرضهم لعمليات تعذيب بشعة وممنهجة وفق جدول زمني محدد، بالإضافة إلى استخدام العنف الجنسي.

وبحسب الشهادات التي نقلتها الوكالة على لسان المعتقلين، فإن “القائمين على عمليات التعذيب كانوا يتبعون جدولًا زمنيًّا محددًا: الضرب أيام السبت، التعذيب أيام الأحد، والاثنين استراحة، في الأيام الثلاثة الأخرى تعاد الكرة ذاتها، في أيام الجمع يحين وقت الحبس الانفرادي”.

وروى سجين يمني احتجز دون تهم سبل التعذيب والاعتداء الجنسي من خلال رسوماته التي هربت إلى الـ”أسو شيتد برس” من سجن “بير أحمد” في مدينة عدن جنوبي البلاد، وتقدّم لمحة قاتمة لعالم خفي من انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة التي يرتكبها ضباط إماراتيون بمنأى عن المحاسبة والعقاب.

وأوضح السجين وستة معتقلين آخرين لوكالة “أسو شيتد برس”، أن العنف الجنسي هو الأداة الأساسية في إلحاق العقوبة بالمعتقلين لاستخلاص الاعترافات.

وتظهر التخطيطات التي رسمت على ألواح من البلاستيك رجلًا عاريًا معلقًا من أغلاله أثناء تعرضه لصدمات كهربائية، ونزيل آخر على الأرض محاط بكلاب تزمجر فيما يقوم عدة أشخاص بركله، وتخطيطات لعملية اغتصاب.

وقال السجين مختصرًا نحو عامين من الاحتجاز الذي بدأ العام الماضي بعد أن تحدث ضد الإماراتيين علنًا: “أسوأ ما في الأمر هو أنني كنت أتمنى الموت كل يوم ولا أستطيع أن أجده”.

وفي يونيو الماضي، كشف التحقيق الذي أجرته الوكالة عن السجون السرية التي تستخدم فيها الإمارات التعذيب على نطاق واسع، ومنذ ذلك الحين حددت الوكالة ما لا يقل عن 5 سجون تستخدم فيها قوات الأمن التعذيب الجنسي لقمع السجناء وإخضاعهم.

وأوضحت الوكالة أنه خلال الحرب اليمنية الدائرة منذ ثلاث سنوات، استولت القوات الإماراتية، التي تدعي أنها تقاتل نيابة عن الحكومة اليمنية، على مساحات واسعة من الأراضي جنوب اليمن واعتقلت مئات الرجال واحتجزتهم في شبكة مما لا يقل عن 18 سجنًا سريًّا للاشتباه في كونهم أعضاء في تنظيم “القاعدة”.

وقال شهود عيان: إن “حراسًا يعملون تحت إشراف ضباط إماراتيين، يستخدمون عدة أساليب تعذيب وإذلال جنسية”.

وأضافوا أنهم يغتصبون معتقلين ويلتقطون مقاطع فيديو لهم.

بينما يتم الاعتداء على سجناء آخرين جنسيًّا بواسطة قطع خشبية ومعدنية، حسبما قال رجل يبلغ من العمر 45 عامًا اعتقل أكثر من عامين وتحدث مثل غيره من المعتقلين شريطة عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام.

وقال مسؤول أمني سابق تورط في عمليات تعذيب لانتزاع اعترافات لوكالة “أسو شيتد برس”، إنه يتم استخدام الاغتصاب كوسيلة لإجبار المعتقلين على التعاون مع الإماراتيين في التجسس.

وأضاف: “في بعض الحالات، يقومون باغتصاب المعتقل وتصويره، واستخدام الفيديو كوسيلة لإجباره على العمل معهم”.

تورط أمريكي

وأكد مسؤولون أمريكيون، العام الماضي، أن الولايات المتحدة استجوبت بعض المعتقلين في سجون سرية تديرها الإمارات في اليمن.

وشددت وزارة الدفاع الأمريكية على عدم علمها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، رغم أن الحصول على معلومات استخباراتية عن طريق التعذيب يعد انتهاكًا للقانون الدولي.

وسألت “أسو شيتد برس” أولاً وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها شريكتها الإمارات قبل عام واحد.

لكن على الرغم من التقارير الموثقة جيدًا عن تورط الإمارات في التعذيب من قبل لـ”أسو شيتد برس” وجماعات حقوق الإنسان وحتى الأمم المتحدة، قال المتحدث باسم البنتاجون “أدريان راناكين جالوي” إن “الولايات المتحدة لم تشهد أي دليل على إساءة معاملة المعتقلين في اليمن”.

وفي 24 مايو الماضي، صوت الكونجرس لصالح مطالبة وزير الدفاع الأمريكي “جيمس ماتيس” بالتحقيق في نطاق التدخل الأمريكي في المواقع السوداء للإمارات العربية المتحدة، فيما يتوجب على “البنتاجون” تقديم تقرير خلال 120 يومًا إلى الكونجرس.

ومن بين خمسة سجون وجدت فيها “أسو شيتد برس” تعذيبًا جنسيًّا، هناك أربعة في عدن، وفقًا لثلاثة مسؤولين أمنيين وعسكريين يمنيين تحدثوا للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم يخشون من أن الكشف عن مثل هذه التفاصيل قد يعرض حياتهم للخطر.

أحد السجون في قاعدة “البريقة” في عدن، مقرّ القوات الإماراتية، حيث شوهد ضباط أمريكيون مع مرتزقة كولومبيين، بحسب سجينين ومسؤولين أمنيين.

في الداخل، قال السجناء إن العسكريين الأمريكيين بالزيّ الرسمي لم يكونوا متورطين مباشرة ولكنهم كانوا على علم بالتعذيب، إما عن طريق سماع الصراخ أو رؤية الآثار.