العدسة – ربى الطاهر

شهدت الساحة الطبية العديد من الجرائم التي ارتكبت باسم الطب واستغلالا من هؤلاء المرضى النفسسين الذين تمكنوا من مزاولة تلك المهنة العظيم، ولعل آخرها كان ما قام به جراح بريطاني شهير في سابقة هي الأولى من نوعها، بكتابة الأحرف الأولى من اسمه على كبد أحد مرضاه.

وتم توقيف الطبيب سيمون برامهول عن ممارسة مهنته للاشتباه في أنه كتب أحرف “SB” على أكباد مرضاه، وحكم على الجراح البريطاني بالعمل في خدمة عامة لمدة 12 شهرا وتغريمه 10 آلاف جنيه إسترليني (13500 دولار)، بعد اعترافه بقيامه بنقش الحروف الأولية من اسمه حرقا باستخدام غاز الأرجون الذي يتم استخدامه في العمليات الجراحية على أكباد اثنين من المرضى.

وقال فرانك فيرجوسون، رئيس وحدة الجريمة الخاصة لهيئة الإدعاء الملكية: “من المهم إجراء هذه الملاحقة القانونية من أجل الضحايا، وأيضا للحفاظ على ثقة المرضى الذين يضعون كامل ثقتهم في الجراحين”.

ووصفت الهيئة سابقا، الجراح برامهول بأنه “جراح محترم” ولكنه ارتكب اعتداءين كانا “خاطئين، ليس فقط على المستوى الأخلاقي، بل وعلى المستوى الجنائي أيضا”.

وقد أقر “برامهول” (53 عاماً) أمام محكمة بيرمنجهام الملكية كورت، بما نسب إليه من اتهام، ولكنه نفى اتهامات أخرى بـ”إحداث ضرر فعلي بالجسد”.

واكتشف ما قام به برامهول، عندما قام جراح آخر باجراء عملية جراحية لأحد هؤلاء المرضى الذين كانوا قد خضعوا لعملية زراعة كبد، فعثر على تلك الحروف محفورة على كبده باستخدام تجلط الدم بشعاع الأرجون، وهو إجراء شائع استخدامه لعلاج جروح الكبد.

وبرغم فداحة ما فعله “برامهول” فإن حوادث أكثر بشاعة، قد قام بها أطباء آخرون تخلوا عن ضمائرهم، ربما لإشباع غرائز حيوانية، وربما لتحقيق ثروات مادية.

قلعة طبية للقتل

وقد شهد عام 1886 جرائم قتل بشعة هزت مدينة شيكاغو، والتي ارتكبت على يد أحد الأطباء وهو “هيرمان ويبستر مادجيت”، والذي اشتهر باسم “إتش إتش هولمز”، والذي قام ببناء قلعة -أطلق عليها فيما بعد “قلعة القتل”- من ثلاث طوابق، ولكنها بنيت بنظام غريب، حيث ضمت الكثير من المتاهات والغرف السرية، حتى الأبواب كانت تفتح من الخارج فقط ، ويبدو من هذا التصميم في البناء وجود نية مسبقة لتهيئته لارتكاب جرائم.

وكان “هولمز” قد خصص لنفسه غرفة في القبو، وهي الأسوأ على الإطلاق، وكانت مجهزة بأجهزة تعذيب، وأدوات طبية كما أنها كانت معدة بحفر حمضية وسموم، وكان يتحكم من خلال هذه الغرفة في ضحاياه الذين استقدمهم بعد ايهامهم بتوفير فرص عمل، حيث كان يطلق الغاز في غرف أخرى عن طريق أنابيب متصله بها فيغيبون عن الوعي، و يحدد هؤلاء الضحايا بناء على تسجيل بوليصة تأمين على حياتهم يكون المستفيد منها هو هولمز.

وكان هذا الطبيب الغريب الأطوار، يقوم باختبار أجهزة التعذيب عليهم، ثم يوم بقتلهم ويبيع أعضاءهم وجماجمهم إلى كليات الطب، واستطاع تكوين ثروة من ذلك، فضلا عن اكتساب المال من شركات التأمين، كما قد عمد إلى حيلة لإبعاد الشبهة عن نفسه، حيث اعتمد في بناء هذه القلعة على شركات بناء متعددة، وبذلك لا يمكن لأحد غيره معرفة ما يوجد داخل مبناه إلا هو وحده، ولكن أمره افتضح فيما بعد، واستطاعت الشرطة بعد مجهود كبير من البحث العثور على عدد لا يستهان به من القتلى لم تستطع إحصاء أعدادهم، حيث كانت الجثث عبارة عن أشلاء يصعب تمييزها، ويقال إنه قتل من 27 إلى 200 شخص في دهاليز هذا المنزل الغريب، وتم إلقاء القبض عليه وإعدامه في 1896.

طبيب يتسبب في إدمان مرضاه

وهذه واقعة أخرى لطبيب كان يعمل في إدارة الألم، وكانت المواد المخدرة التي تخضع للرقابة تقع تحت سيطرته، مثل الكوكايين والمورفين والميثامفيتامين، فما كان من الطبيب ملادن أنتالوك، إلا أنه استغل منصبه هذا ليجمع الأموال، بالإضافة لإشباع غرائزه الجنسية.

فقد قام “أنتالوك” بإعطاء هذه المواد المخدرة للنساء الجميلات صغيرات السن، حتى يتمكن منهن الإدمان، وهنا يخضعن له فيدعوهن إلى حفلات لتحقيق أغراضه الجنسية.

إلا أن أمره افتضح بعد فترة، فقام أحد الأشخاص بالإبلاغ عنه في إدارة مكافحة المخدرات بالولايات المتحدة، وتمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه، وهو متلبس ببيع حبوب منع الحمل بنسبة كبيرة للحصول على المال، بجانب أغراضه الجنسية، إلى جانب أنه كان يوزعها من داخل منزله، وعندما قبض عليه وجهت إليه الكثير من التهم، ورفع كذلك ضده عدد لا بأس به من الدعاوى القضائية، حتى إنه حصل على156 سنة سجن، ولكنه كان حسن الحظ؛ إذ تم تخفيضها في الاستئناف، وحصل على 10 سنوات فقط للعقوبة.

الطبيب السفاح

أما هذا الطبيب فلا يمكن إطلاق أية صفة عليه سوى أنه سفاح.. فقد كان جوزيف مايكل سوانجو يسمم زملاءه ومرضاه، فقد لاحظت إحدى الممرضات أن “سوانجو” الذي تخرّج بمرتبة الشرف من كلية الطب، أثناء تدريبه في سنوات الامتياز في المركز الطبي بجامعة أوهايو، فجأة يتوفى جميع مرضاه، والذين كانوا في مراحل جيدة من التحسن العلاجي، بينما شاهدت مريضة أخرى “سوانجو” وهو يقوم بإعطاء حقنة لأحد المرضى، ولكنه تألم بعدها جدا، فقام فريق العمل بإخبار إدارة المستشفى عن مشاهدتهم حول أفعال “سوانجو”.

وتم التحقق مما ذكر حول الطبيب، وبدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق معه وتضييق الخناق عليه، ولكنه فر هاربا إلى زيمبابوي التي عمل فيها طبيبا في إحدى المستشفيات، ولكنه قام بنفس جرائمه هناك أيضا، وبالفعل تم اعتقاله هناك، إلا أنه تمكن من الهرب ووصل إلى ناميبيا، ومنها سعى إلى السفر للحصول على فرصة عمل في المملكة العربية السعودية التي كانت المحطة الأخيرة للقبض عليه وتسليمه إلى الولايات المتحدة، وبعد أن أثبتت السلطات في زيمبابوي وكذلك الولايات المتحدة، ما قام به من جرائم قتل، أصدرت المحكمة ضده 3 مؤبدات على أعماله الإجرامية.

طبيب اغتصب مريضاته

بينما قام تشارلز موماه، طبيب النساء، باستغلال وظيفته للقيام بانحرافات أخلاقية، فقد اتهمته العديد من المريضات بالتحرش الجنسي والاغتصاب، كما أنه أجرى عمليات جراحية لأكثر من 100 من مريضاته، فاتهمته إحداهن أنه أجرى لها 13 عملية جراحية غير لازمة، كما قام أيضا باغتصابها، وقامت بإبلاغ الشرطة، وذكرت أيضا في أقوالها أن أخا للطبيب “تشارلز” وهو الطبيب دينيس موماه، قام أيضا بالاعتداء عليها جنسيا، ولكنه نفى كل تلك الاتهامات، واستطاع الإفلات منها، لأن تلك المريضة كانت مدمنة للمخدرات فلم تصدقها الشرطة.

ولكن لم يمهله الوقت، حيث قامت سيدة أخرى بتقديم بلاغ آخر بنفس الاتهامات ضد “تشارلز”.. وهنا تم اعتقاله، وحكم عليه بالسجن 20 عاما، ولكن لم تتوفر الأدلة عن مشاركة أخيه “دينيس” تلك الجرائم.

طبيبة قتلت مرضاها جوعا

استطاعت بورفيلد هازرد ممارسة مهنة الطب منذ أوائل 1900، رغم أنها لم تحصل على شهادة في الطب، بسبب وجود ثغرة في قانون واشنطن مكنتها من ذلك، وكانت تؤمن بأن الصيام شفاء لكل الأمراض، وسيخلص الجسم من كل السموم والأمراض، فكانت تضع نظاما غذائيا طويل الأمد عبارة عن قطعة طماطم صغيرة مع مرق الهليون لكل الحالات التي تعالجها.

ولكن هذا النظام الغذائي لم يعالج المرضى، بل إنه زاد من معانتهم وإحساسهم بالجوع حتى ماتوا، وكانت أولى الحالات التي ماتت جوعا في العام 1902، ولكنها استطاعت التخلص من الملاحقة القضائية.

ولم تكتف بما حدث! ولكنها افتتحت بعد ذلك عيادة ومصحة توفي بداخلها 40 مريضا آخرون جوعا، ولكن أحدهم مات نتيجة تعرضه لطلق ناري في رأسه، ولم يُحلَّ لغز القضية إلى الآن، وكان ما يحدث بالمصحة على مرأى ومسمع من السكان المحليين، الذين شاهدوا المرضى وكأنهم هياكل عظمية تمشي على الأرض ويستنجدونها لإطعامهم لكنها ترفض، حتى إن بعض المرضى وصل وزنهم إلى 27 كيلوجرامًا.

ولكن في عام 1911، اتهمت بارتكاب جرائم قتل ضد مرضاها، وقضت على إثرها عامين في السجن، من أصل 20 عاما، بعد أن حصلت على عفو من الحاكم، وظلت “هازرد” تتبع هذا النظام الغريب في العلاج لمدة 15 عاما، وتم إحراق المصحة في عام 1935، والغريب أن “هازرد” هي نفسها ماتت بعد أن اتبعت هي الأخرى هذا النظام العلاجي!.