في موقف يكشف حجم التعالي الأمريكي على الأنظمة العربية، صرح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بأن واشنطن لن ترسل جنودها لمواجهة “حماس”، مؤكداً أن على إسرائيل أن تتولى المهمة بنفسها، بينما يلقى العبء على الدول العربية لتقديم “حل مناسب”. 

كما أضاف أن الولايات المتحدة ستمنح الحكام العرب وقتًا لتقديم خطة بعد اجتماعهم في السعودية، محذراً من أن الفشل في إيجاد مخرج سيعيد الجميع إلى “المربع الأول”.

هذه التصريحات تعكس بوضوح كيف تتعامل واشنطن مع الأنظمة العربية كأدوات تنفيذية لمخططاتها، وليس كدول ذات سيادة التوجيهات تأتي مباشرة من واشنطن، والأوامر تُلقى من فوق رؤوسهم، وكأنهم مجرد موظفين في مشروع أمريكي-إسرائيلي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية. 

أما المقاومة الفلسطينية، التي يحاول الجميع كسرها، فقد فرضت نفسها في المعادلة بقوة، حتى باتت الولايات المتحدة تعترف ضمنيًا بأن قتالها ليس سهلاً، وأن حتى القوة العسكرية الأولى في العالم لن تخوض مغامرة من هذا النوع.

حكام العرب أذلاء.. والمقاومة تفرض واقعاً جديداً

موقف روبيو يكشف شيئاً خطيراً، ألا وهو ان واشنطن لا تتعامل مع الحكام العرب كحلفاء، بل كأدوات يجب أن تؤدي دورها المطلوب دون أي تردد، فهي لا تطلب منهم تقديم حل للقضية الفلسطينية، بل تأمرهم بإيجاد وسيلة لإنهاء “حماس”، وكأنهم مجرد مقاولين ينفذون تعليمات البيت الأبيض.

وإذا لم يتمكنوا من ذلك، فإنهم سيعودون إلى “المربع الأول”، في تهديد مبطن بأنهم سيُعاملون كأنظمة فاشلة لا تلبي متطلبات “التحالف”.

في المقابل، المقاومة الفلسطينية هي الطرف الذي يتم التعامل معه كقوة قائمة بذاتها. فرغم كل محاولات تشويهها، لا يمكن إنكار أنها أصبحت رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية.

لو كانت مجرد “مشكلة أمنية” يمكن القضاء عليها، لما احتاجت أمريكا إلى البحث عن حلول عربية لتفكيكها. لكن لأنها قوة حقيقية، تمتلك السلاح والقدرة على المواجهة، فإنها باتت تُعامل كواقع لا يمكن تجاوزه بسهولة.

أمريكا تخشى المواجهة.. والمقاومة تُغير موازين القوة

ما لم يقله وزير الخارجية الأمريكي صراحة هو أن الولايات المتحدة تدرك أن الدخول في حرب مباشرة ضد “حماس” سيكون مقامرة خاسرة، فهذا الفصيل المقاوم، الذي نشأ تحت القصف والحصار، لم يعد مجرد مجموعة مسلحة، بل أصبح قوة منظمة تمتلك ترسانة عسكرية متطورة، وهو ما يدفع أمريكا إلى ترك المهمة لإسرائيل، رغم كل ما تقدمه لها من دعم عسكري واستخباراتي.

هذه ليست مجرد لعبة سياسية، بل تحوّل استراتيجي يُثبت أن المقاومة الفلسطينية لم تعد مجرد حركة محاصرة في غزة، بل طرفاً يفرض قواعد اللعبة. فالمعادلة لم تعد تدور حول كيفية تصفية “حماس”، بل حول كيفية التعامل مع واقع جديد فرضته المقاومة، وهو واقع يعكس فشل كل المشاريع التي حاولت تصفيتها عبر الحصار والتجويع والضغوط السياسية.

في النهاية، تكشف تصريحات روبيو حقيقتين واضحتين: الأولى أن الحكام العرب لا يُنظر إليهم إلا كأدوات لتنفيذ الأوامر، والثانية أن المقاومة الفلسطينية نجحت في فرض نفسها كطرف صعب التجاوز. وبينما يواصل البعض في العواصم العربية تقديم الولاءات المجانية، تثبت غزة مرة أخرى أن المقاومة وحدها هي القادرة على تغيير موازين القوة في المنطقة.

 

اقرأ أيضًا : أمريكا تتخلى عن أوكرانيا.. رسالة واضحة للأنظمة العربية: من يبقى لكم في النهاية هم شعوبكم