سلطت منظمات حقوقية بارزة الضوء على قضية “الهوية” التي تؤرق عشرات الآلاف من المصريين في المنفى، والذين اضطروا للفرار من البلاد هربًا من قمع السيسي ونظامه، واستقروا في البلدان المختلفة بحثًا عن ملاذ آمن، لكن بدلًا من العيش في سلام، يصمم النظام المصري على التنكيل بهم عبر الحدود، ويرفض في سبيل ذلك إصدار أي أوراق ثبوتية لهم.
كشف تقرير صدر حديثًا عن “هيومان رايتس ووتش” أن السلطات المصرية تتعمد الرفض بشكل منهجي إصدار أو تجديد وثائق الهوية لآلاف المعارضين والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان المقيمين في الخارج، في ممارسة قمعية تتسبب في شلل كامل لحياة هؤلاء المواطنين في الخارج.
حسب التقرير فإن “عدم القدرة على الحصول على شهادات الميلاد أو تجديد الوثائق الأساسية مثل جوازات السفر وبطاقات الهوية يسبب مشاكل في المعيشة لهؤلاء المواطنين وعائلاتهم في الخارج”، على سبيل المثال لا يتمكنون من تجديد تصاريح الإقامة، أو السفر للتعليم، والعلاج، أو العمل في مكان يضمن لهم دخلًا أفضل، ما يُجبر البعض على تقديم طلبات لجوء، والبعض الآخر يظل مكبل اليدين بلا مأوى أو حل.
قال آدم كوغل، نائب قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش “إن تصدير الحكومة المصرية للقمع عبر سفاراتها وقنصلياتها في الخارج يهدف إلى تدمير سبل عيش المصريين الذين يعيشون في المنفى وأصبح جانبًا مهمًا من هجومها المستمر على جميع أشكال المعارضة.”
هيومان رايتس ووتش أجرت مقابلات مع عشرات المصريين المتضررين من هذه السياسة القمعية والذين يقيمون في تركيا وقطر وماليزيا وألمانيا وغيرها، وفي حواراتهم أكدوا جميعًا أنه ما من سبيل للطعن قانونًا على رفض السلطات المصرية إصدار وثائق رسمية، خاصة عندما ترفض السفارات والقنصليات معالجة طلبات التوكيل لتفويض المحامين في مصر لتمثيلهم أمام الجهات الحكومية في الداخل من أجل استخراج مثل هذه المستندات.
وأكد التقرير أنه بحرمان المواطنين من الحصول على جوازات سفر وأوراق ثبوتية فإن الدولة المصرية “تنتهك الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان “.
ولفت التقرير أن القنصلية المصرية في تركيا، موطن عدد كبير من شخصيات المعارضة المصرية، أكثر قنصلية تمارس هذه السياسة القمعية، مضيفة أنها تطلب من المتقدمين لجميع الخدمات تقريبًا ملء استمارات غير رسمية بتفاصيل عن حياتهم الشخصية بما في ذلك أسباب مغادرتهم مصر وروابط حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفقًا للأرقام والتقديرات الرسمية المنشورة في السنوات الأخيرة، فإن من تسعة إلى 14 مليون مصري يعيشون في الخارج، وحسب تقديرات المنظمات الحقوقية فإن عشرات الآلاف منهم يعيشون في المنفى لتجنب القمع في الداخل، خاصة مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين.
منذ توليه السلطة في 2014 بعد انقلاب عسكري على الرئيس المدني المنتخب عام 2013، كثيرًا ما اتهمت جماعات حقوقية محلية ودولية السيسي بشن أسوأ حملة قمع ضد حقوق الإنسان وحرية التعبير والإعلام في التاريخ المصري الحديث مما تسبب في واحدة من أكبر موجات الهجرة الخارجية بدافع سياسي منذ عقود”.
اضف تعليقا