العديد من الأفلام ناقشت قضية اللاجئين العرب في الدول الغربية، كلٌ بمنظور مختلف، لكن هذا الفيلم الذي بين يدينا اليوم، لا ينبغي أبداً مقارنته بأي من تلك الأفلام الأخرى التي تحمل “قصصاً مشابهة”، الفيلم هذا المرة يقدم دراما سريعة ومؤثرة بحبكة ذكية حول مدى صعوبة عبور الحدود، خاصة في البلدان التي لا تريدك من الأساس.
تم عرض هذا الفيلم لأول مرة العام الماضي، لكن توقيت عرضه هذه المرة، والذي هو من قبيل الصدفة البحتة، سيعطي له زخماً مختلفاً كونه يأتي في وقت اتضح فيه للعالم أجمع ازدواجية المعايير التي تتبعها الدول الأوروبية في التعامل مع اللاجئين، خاصة بعد الاستقبال الحافل الذي قوبل له اللاجئين الأوكرانيين بعد الغزو الروسي.
ركز الفيلم بشكل أساسي حول مسألة الهجرة، وعلى المعاناة التي يلقها أولئك الفارين من المناطق التي دمرتها الحرب أو حتى من الأماكن غير المستقرة في الشرق الأوسط أو إفريقيا.
لم يكن من المستغرب أن يواجه هؤلاء المهاجرون العداء على أطراف أوروبا، لكن التعاطف الذي أظهرته تلك البلدان مع اللاجئين الأوكرانيين، سيدفع بهذا الفيلم إلى منطقة مختلفة تماماً.
مع رؤية الفيلم، سيدرك المشاهدون التناقض بين الطريقة التي عوملت بها مجموعتان مختلفتان من اللاجئين، لكن نأمل أن يساعدنا الاهتمام بالفرار من العدوان الروسي جميعًا على فهم المعاناة التي يعيشها أشخاص آخرون لأسباب مماثلة [مثل الحرب].
بطل القصة هو كمال (آدم علي) – لاجئ عراقي- الذي نراه في البداية وهو يحاول عبور الحدود بين تركيا وبلغاريا في ليلة مقمرة مع العديد من الأشخاص الآخرين من مختلف البلدان.
يوضح الجزء الافتتاحي من القصة حقيقة أن المرشدين الفاسدين [وكلاء السفر]، الذين يستعين بهم المهاجرون للحصول على المساعدة، هم في الواقع متعاونون مع الشرطة والميليشيات المدنية التي تلاحق “بعنف” عابري الحدود.
ونتيجة لذلك، يقدم الفيلم بعض المغامرات الرهيبة ذات الطابع البائس مع مجال رؤية ضيق (لا يختلف عن فيلم الهولوكوست الحائزة على جائزة الأوسكار Son of Saul ) حيث تحوم الكاميرا بجوار الشخص المذعور والمتحرك بشكل دائم “كمال”، حتى أن الكاميرا تتبعه وهو يندفع نحو شجرة للاختباء ويرى رجلاً آخر يُقتل بدم بارد أسفله مباشرة.
بعد ذلك، يأتي مشهد غير عادي تماماً، تم عرضه عن قصد دون ترجمة، تمكن كمال المصاب من إيقاف سيارة عابرة، تقودها امرأة تُدعى (سفيتلانا يانتشيفا) وأقنعها بنقله إلى المستشفى.
تحركت الكاميرا ذهابًا وإيابًا بين وجوههم وهم يستمعون إلى البث الإذاعي باللغة البلغارية، وفجأة يظهر على ملامح المرأة مشاعر غضب وصدمة من كمال، ويبدو عليها أنها خائفة أيضاً مما سمعته للتو من الإذاعة، ثم تقوم بطرد كمال من السيارة.
يتم تحسين “الصورة” من خلال تصميم صوتي مؤلف بشكل جميل ومتوازن، يمزج بين الضوضاء البشرية، وأصوات الطيور (الاستماع إلى نقار الخشب) والعالم الطبيعي، الذي يؤكده باستمرار تنفس كمال المتوتر.
في حين أن صناعة أفلام الكاتب والمخرج حيدر راشد هي تجارب شجاعة حقًا، إلا أنها قصيرة بعض الشيء كقطعة روائية، لم يتم سرد أي تفاصيل عن البطل بصرف النظر عن حقيقة أنه عراقي، عداء سريع ومولع بالأغاني التي تحتوي على كلمات عن حب الأم.
بالرغم من أن النهاية غامضة، لكن مع ذلك، فإن هذا عمل مكثف وعاطفي.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا