هل تؤثر إقالة رئيس الوزراء السوري على نظام الأسد؟

في خطوة مفاجئة، اعتبرها البعض صادمة، قام الرئيس السوري بشار الأسد بإقالة رئيس وزراء حكومته عماد خميس على خلفية المظاهرات الأخيرة التي شهدتها دمشق احتجاجاً على تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.

وسائل الإعلام الحكومية السورية لم تقدم تفسيراً لاستغناء الأسد عن خدمات “خميس”، لكن مما لا شك فيه، فإن إقالة رئيس الوزراء ستكون لها عواقب على نظام الأسد الذي يعاني من تخبطاً واضحاً الفترة الأخيرة.

لا يوجد وقت أسوأ من الوقت الحالي لإقالة خميس، تضررت سوريا من عوامل عديدة من بينها تسع سنوات من الصراع والحرب الدامية، وسنوات من العقوبات الغربية، والاقتتال الداخلي على مستوى الحكومة التي تعاني من الفساد بالفعل، بالإضافة إلى تفشي فيروس كورونا والانكماش الاقتصادي الذي تفاقمه الأزمة المالية في لبنان، وانخفضت العملة السورية إلى مستوى قياسي بلغ 3500 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء – مقابل 700 في بداية العام؛ لتساهم كل هذه العوامل في إفقار الشعب السوري الذي يعيش 80٪ منه في حالة فقر مدقع.

إقالة “خميس” جاءت في وقت حرج بالنسبة لبشار الأسد، الذي كان بحاجة إلى داعمين بدلاً من فقدهم، خاصة بعد المشكلات التي دبت بينه وبين رجل الأعمال رامي مخلوف بعد أن استولت الحكومة السورية على أصوله في مايو/أيار المنصرم بسبب ملكيته لإحدى أكبر الشركات في البلاد تسمى سيريتل.

ورامي مخلوف، هو ابن خال الأسد وأغنى رجل أعمال في سوريا، ساهم بصورة كبيرة في تمويل قوات الأمن السورية “الوحشية” التي عذبت آلاف الأشخاص خلال ذروة الحرب الأهلية في البلاد عام 2011، وبعد أن فقد الرئيس السوري دعم أحد أبرز أفراد عائلته، تضررت شرعية نظامه أكثر.

مما يزيد من مشكلات الأسد أن العقوبات الأمريكية الأكثر صرامة ستدخل حيز التنفيذ الأسبوع المقبل، تزعم واشنطن أن هذه العقوبات تهدف إلى معاقبة الرئيس السوري وحلفائه على الجرائم التي ارتكبت خلال الصراع في البلاد.

العقوبات تمنع أي شخص من جميع أنحاء العالم من التعامل مع المسؤولين السوريين ومؤسسات الدولة، كما يستهدفون أي شخص متورط في التهريب إلى سوريا، معظمهم من العراق ولبنان، ومن المتوقع أن تتصاعد هذه العقوبات بعد أن بدأ نظام الأسد في الانهيار.

إن إقالة خميس جعلت الرئيس السوري أضعف من أي وقت مضى، على الرغم من أنه ليس العامل الوحيد الذي دمر حكومته بمرور الوقت، ولولا تمسك روسيا وإيران به لفقد كل وسائل القوة والنفوذ، حيث لم تبد أي من روسيا أو إيران أي إشارة تدل على رغبتهما في عزله من منصبه.

ومع ذلك، على المدى الطويل قد تقسم موسكو وطهران سوريا بينهما وبين تركيا، التي تخشى على حدودها من توغل الأكراد.

قد تستخدم إيران جنوب البلاد كوسيلة لتهديد إسرائيل، بينما قد تستخدم روسيا وتركيا الشمال لإعادة توطين اللاجئين.

سيكون هذا الحل أيضًا أفضل طريقة للدول الثلاث لسحق القوات السورية الكردية، ولكنه يثبت أيضًا أن الأسد ضعيف جدًا لدرجة أن مصيره يعتمد على بوتين.

يتوقع تشارلز ليستر من مجلة “بوليتيكو” أن هذه الأزمة الداخلية غير العادية يمكن أن تؤدي إلى تغيير جذري في المشهد، حيث يمكن أن يحدث هذا السيناريو بسبب خيبة الأمل من الفقر المدقع الذي يشل سوريا وبسبب ازدياد عدد الأشخاص الذين يتحدون نظام الأسد، لكن موسكو ستحتاج إلى الاقتناع بعزل الرئيس السوري بسبب النفوذ الذي يمتلكه الروس على مصير الأسد.

على صعيد آخر، يجب على الولايات المتحدة تغيير أولوياتها تجاه سوريا والاستفادة من ضعف موقف الرئيس السوري، فموقف الأسد الضعيف بعد إقالة رئيس وزرائه هو فرصة لأمريكا للعمل مع الآخرين لتحقيق الاستقرار في سوريا.

الفترة الأخيرة شهدت تشاورات بين وزارة الخارجية الأمريكية وبين موسكو من وراء الكواليس بشأن عملية دبلوماسية جديدة ليصبح لدى واشنطن فرصة لإقناع الروس أنه يمكنهم تأمين شكل من أشكال تقاسم السلطة ووقف إطلاق النار لتخفيف التكاليف الاقتصادية الروسية التي تحافظ على نظام الأسد.

ومن الناحية السياسية، يمكن إطلاق سراح السجناء السياسيين، كما يمكن للنظام السوري إصلاح دستوره.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا