العدسة – ربى الطاهر

لأسباب عديدة يعاني الكثيرون من الأرق، وقلة ساعات النوم، وربما لا يدركون خطورة ذلك على صحة المخ والخلايا العصبية، وعلى صحتهم بشكل عام، وربما كذلك لا يخطر ببالهم أن إدمان السهر وقلة النوم من الممكن أن تؤدي لوفاتهم؛ فقد أكدت دراسة مهمة أجراها باحثون في جامعة marche polytechnic الإيطالية  أنَّ الأرق يتسبب في تآكل الدماغ، فالمشابك العصبية تتآكل بشكل حرفي بفعل الخلايا النجمية بسبب قلة النوم واستمرار الأرق.

وفي تجربة أجرتها الباحثة ميشيل بليسي على مجموعة من الفئران استمتعت بالنوم لمدة كافية ومجموعة أخرى تم إيقاظها دون أن تنال كفايتها من النوم، ومجموعة ثالثة تم حرمانها من النوم لمدة 5 أيام متواصلة، وأوضحت النتائج أنَّ الفئران التي لم تنم لأيام متواصلة وصلت نسبة تآكل الدماغ والخلايا العصبية لديها لنسبة 13.5 %، في حين أنَّ النسبة بلغت لدى الفئران التي نامت جيدًا إلى5.7 %.

وأكدت الدراسة أنَّ نقص الخلايا العصبية وتآكلها يحدِث خللًا في المخ والجهاز العصبي المركزي مما يتسبَّب في أمراض عديدة.

وفي دراسة أخرى أجراها معهد بحوث الإجهاد في جامعة ستوكهلم ومعهد كارولينسكا بالسويد أثبتت أنَّ الأفراد الذين ينالون قسطًا من الراحة وينامون ساعات من 6 إلى 8 ساعات أقل عرضة لخطر الوفاة من أولئك الذين ينامون أقل من 6 ساعات يوميًا، وأن طول العمر مرتبط جدًا بعدد ساعات النوم.

 أمراض خطيرة

وأوضح الباحثون أنّ الأرق يتسبب في  الإعياء والترنح والتعب والإحباط وصعوبة التركيز  واضطراب الساعة البيولوجية المسئولة عن تنظيم أشياء كثيرة في الجسم، حيث تؤدي قلة النوم إلى الكثير من الأمراض النفسية والعصبية وإلى زيادة احتمال الإصابة بالسكتات الدماغية نظرًا لضعف ضخّ الدم للمخ وارتفاع ضغط الدم.

والنوبات القلبية لأنَّ ضغط الدم ينخفض أثناء النوم وعدم الحصول على ساعات نوم كافية  يحرم أجسامنا من هذه الوقاية ويزيد من تعرضنا لارتفاع ضغط الدم ونوبات القلب ومرض السكري؛ حيث أثبتت الدراسات أنَّ قلة النوم تنشط هرمونات التوتر مثل الكورتيزول والنوريبينيفران التي تزيد مقاومة الأنسولين وتسبّب مرض السكري.

كما أثبتت الدراسات أنَّ التعرض للضوء ليلًا وعدم الخلود للنوم يخفض من مادة الميلاتونين المسئولة عن إفراز هرمون الأستروجين مما يزيد من احتمالات إصابة السيدات بسرطان الثدي.

كما يؤدّي الأرق لاحتمالات زيادة الوزن لأنَّ عدم تنظيم ساعات النوم يؤدي لعدم تنظيم مواعيد تناول الوجبات كما يؤثر الأرق على رغبة الإنسان الجنسية ويقللها بشكل ملحوظ؛ وذلك لأنَّ قلة النوم تؤثر على الجهاز العصبي وتسبّب خللًا في إفراز الهرمونات التي تسبّب تلك الرغبة.

وحسب الدراسات فإن أولئك الذين يعانون قلة النوم والأرق معرضون للإصابة بالشيخوخة المبكرة؛ لما يسببه الأرق من تأثير سلبي ومباشر على البشرة والجلد، وما يسببه من وجود انتفاخات في الجفون، وهالات سوداء تحت العين، وظهور مشكلات حب الشباب، ومشكلات البشرة المختلفة.

وتؤثر حالة الأرق على حالة الإنسان النفسية مما يؤثر مباشرة على وزنه وصحته، كما يعوق الأرق ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية؛ بسبب إحساسه بالنعاس وانعدام النشاط، مما يصعب عليه ممارسة مهامه كإنجاز عمله وقيادة سيارته، وتنخفض قدرته على التعلم والاستيعاب والتركيز.

وقد أكدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون القلق والاكتئاب والأمراض العصبية والنفسية ينامون ساعات أقل بكثير من الآخرين؛ فكلاهما مرتبط بالآخر، وقد يكون سببًا له.

 

علامات الأرق

وتؤكد الدراسات زيادة نسبة الإصابة بالأرق على مستوى العالم وأكدت أن 40 % من النساء يعانين منه في حين تصل نسبة الأرق لدى الرجال إلى 30 %  وأن 60 % من الأمريكيين يعانون الأرق واضطرابات النوم، وأن الأشخاص الذين يعانون الأرق تبدو عليهم الأعراض التالية:

صعوبة الإغفاء

كثرة الاستيقاظ في الليل وصعوبة النوم ثانية.

الاستيقاظ مبكرًا جدًا في الصباح.

النوم غير المنعش.

 

وهناك نوعان من الأرق

أرق قصير المدى، ويستمر من ليلة واحدة إلى عدة أسابيع، ويكون بسبب مشاكل نفسية أو صحية كأن يعاني الإنسان من مشكلة في حياته أو عمله تؤدّي لعدم قدرته على النوم أو يعاني من مشكلة صحية وآلامًا جسدية تحرمه من الراحة والنوم.

والأرق طويل المدى وهو معاناة الإنسان من الأرق لمدة ثلاث ليالٍ على الأقل في الأسبوع لأكثر من شهر.

علاج  الأرق

القلق قصير المدى لا يحتاج لعلاج؛ فبمجرد انتفاء سببه ينتهي، أما القلق المزمن أو طويل المدى فعادة يرتبط بمشكلة نفسية أو حياتية مستمرة، ويصعب على الإنسان بمفرده التغلب عليها، وهذا النوع من الأرق يستوجب استشارة طبيب مختص؛ نظرًا لخطورته وتأثيره على جسم الإنسان وصحته وكافة نواحي عمله وعلاقاته وحياته، ولذلك يستوجب استشارة طبيب مختص، وهو بدوره سيرصد تاريخ نومك، وكل ملاحظاتك وملاحظات أفراد أسرتك، وسيحدد خريطة علاجك ما بين أدوية وعقاقير وممارسة عادات ورياضة معينة، وتحديد عادات غذائية جديدة، وما بين جلسات استماع نفسي لحل المشكلة النفسية التي تسبّبت في هذا الأرق المزمن.