الشهر الماضي أصدرت قاضية فيدرالية قرارًا باستمرار دعوى بطولة الجولف PGA ضد البطولة الممولة سعوديًا LIV، معلنة بذلك أنه عندما يتعلق الأمر بقضايا الجولف فإن المسؤولين السعوديين والحكومة السعودية ليسوا محصنين من المحاكم الأمريكية بالطريقة التي تكون بها الدول ذات السيادة عادةً.

هذا القرار أربك المدعى عليهم، فالحكم يعني أن محامي بطولة PGA سيكونون قادرين على استجواب كبار المسؤولين حول الأسرار التجارية وراء هذه الصفقة مما يجعل المرشح الرئاسي لعام 2024 ترامب وآخرين تحت تهديد مواجهة عواقب قانونية إذا تضمنت هذه الأسرار فضائح فساد يبدو أنها موجودة بالفعل بسبب هذا رفض السعوديين ورجال ترامب للقرار القضائي.

القاضية الأمريكية بيث لابسون فريمان أعلنت أن ياسر الرميان -محافظ صندوق الثروة السيادي في عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغة قيمة أصوله 600 مليار دولار – غير محمي بموجب الحصانة السيادية واستدعته للمثول أمامها لشبهة فساد بعد أن رفعت بطولة PGA المنافسة قضية احتكار ضد البطولة الممولة سعوديًا LIV.

وفي دعواها، قال ممثلو PGA Tour إن الرميان متورط شخصيًا في عمليات تجنيد لاعبي LIV ، ووافق على عقود LIV وكان بخلاف ذلك صانع القرار والمدير في دوري الجولف، وهو أمر رد عليه محامو السعودية بالقول إن تصرفات الرميان كانت تصرفات مستثمر متحمس، وليست من شخص يدير شركة بالفعل.

القضية وجدت صدى واسع النطاق ليس فقط في عالم الجولف، لكن امتدت خارجه لتشمل مجالات اقتصادية وسياسية خاصة وأنه يوجد العديد من المطالبات القضائية لمزيد من الشفافية والمساءلة للمسؤولين السعوديين المتورطين بارتكاب انتهاكات حقوقية داخل وخارج المملكة.

إن إصرار المسؤولين السعوديين على أن المحاكم الأمريكية ليس لها ولاية قضائية على تصرفاتهم أمر حساس بشكل خاص، على سبيل المثال في العام الماضي، نجحت المملكة، بدعم قانوني من إدارة بايدن، في القول إن المحاكم الأمريكية ليس لها سلطة محاكمة الأمير في دعوى قضائية تتعلق بقتل الصحفي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي في 2018، رُغم أن مسؤولو المخابرات الأمريكية خلصوا إلى أن مساعدين ومسؤولين سعوديين أرسلهم بن سلمان شخصيًا لقتل خاشقجي، في جريمة تسببت في شرخ كبير في العلاقات الأمريكية السعودية خاصة في عهد بايدن.

يحمي القانون الدولي القائم منذ فترة طويلة بشكل عام قادة وحكومة الدول من المحاكمة أمام القضاء في دولة أخرى، لكن الكونجرس اعتبر النشاط التجاري استثناء لتلك الحصانة السيادية عام 1976.

من جانبهم، قال القائمون على بطولة PGA في بيان يوم الجمعة إن المملكة العربية السعودية وصندوق ثروتها السيادية تحت إشراف الأمير يتعاملون بازدواجية في المعايير فيما يتعلق بالحصانة السيادية حسب ما يخدم مصلحتهما في مختلف الصفقات التجارية والدعاوى القضائية.

دونالد بيكر، المحامي والرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل، قال عن هذه القضية إن “المملكة قد تكون في وضع صعب من الناحية القانونية”، متوقعًا أن القضية يمكن أن تؤدي إلى المحكمة الفيدرالية في المنطقة الشمالية في كاليفورنيا التي تسعى للحصول على إفادات من أفراد العائلة المالكة السعودية.

من جانبها، قالت سارة ليا ويتسن- مدير منظمة الديموقراطية للعالم العربي الآن: “للأسف لا أحد يستطيع أن يحاسب السعوديين.”

تشتهر بطولة الجولف الاحترافية التي تمولها السعودية، والتي دخلت الآن موسمها الثاني وبشعار “جولف، لكن بصوت أعلى”، بموسيقاها الصاخبة، وحقائب السفر التي تقدر بملايين الدولارات، وعلاقاتها مع ترامب، والتنافس غير الودي مع بطولة PGA ، والجدير بالذكر أن ملاعب ترامب ستستضيف هذا العام ثلاث بطولات LIV ، في صفقات لم يُكشف عن شروطها المالية علنًا.

في ظل حكم العاهل السعودي الملك سلمان، الذي استمر ثماني سنوات الآن، جعل نجله الأمير محمد من صندوق الثروة السيادي للمملكة أداة أساسية للاستثمار السعودي في الداخل والخارج، خاصة بعد أن أصبح الأمير هو رئيس الصندوق.

في عهد الأمير محمد ومحافظ الصندوق ياسر الرميان، استثمر الصندوق أكثر من 30 مليار دولار في أوبر وميتا والعلامة التجارية للسيارات الكهربائية الفاخرة ومنافس تسلا Lucid و Paypal و Costco وغيرها من الشركات الأمريكية المتداولة علنًا.

كما عزز الصندوق علاقة السعوديين مع عائلة ترامب، باستخدام ملاعب الجولف الخاصة بترامب، وإيداع ملياري دولار في الشركة الاستثمارية لصهر ترامب جاريد كوشنر.

ينفق صندوق الثروة السيادي السعودي أيضًا بكثافة على الرياضة، بالإضافة إلى إنشاء بطولة LIV للجولف، اشترى السعوديون فريق نيوكاسل يونايتد لكرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز واستضافوا سباقات الفورمولا 1 ، وسباقات الخيول بأموال قياسية، وغيرها من البطولات والمباريات، من السنوكر إلى الملاكمة والشطرنج.

وفي الوقت الذي يعتبر فيه النظام السعودي هذه الصفقات دليل إصلاح وتقدم، تعتبر الجماعات الحقوقية هذه التصرفات بأنها “غسيل رياضي”، قائلة إن المملكة الواقعة تحت نفوذ محمد بن سلمان تحاول أن تنأى بنفسها عن مقتل خاشقجي، وسجن نشطاء ومعارضين آخرين، وحرب فاشلة في اليمن.

للاطلاع على هذا النص من المصدر اضغط هنا