في خطوة تعكس استمرار سياسة التطبيع العلنية بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، تسلّم وكيل وزارة الخارجية الإماراتية، عمر عبيد الحصان الشامسي، نسخة من أوراق اعتماد السفير الجديد لدولة الاحتلال، يوسي شيلي، في مراسم رسمية تؤكد على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العالم العربي ضغوطًا متزايدة لجرّ المزيد من الدول إلى دائرة التطبيع، وسط تصعيد الاحتلال لمخططاته التوسعية والتهجيرية بحق الفلسطينيين.

من التطبيع الدبلوماسي إلى الشراكة الاستراتيجية

لم تعد العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب تقتصر على التبادل الدبلوماسي، بل تطورت إلى تحالف استراتيجي يشمل مختلف المجالات، بدءًا من الأمن والتكنولوجيا وصولًا إلى التعاون العسكري والاستخباراتي. 

فمنذ توقيع اتفاقيات “أبراهام”، عززت الإمارات استثماراتها في شركات إسرائيلية تعمل في بناء المستوطنات وتوسيعها، مما يدعم الاحتلال على الأرض ويقوض أي فرصة لحلٍّ عادل للقضية الفلسطينية.

وبالتزامن مع ذلك، لم تتوقف الإمارات عن استضافة الوفود الإسرائيلية رفيعة المستوى، فضلًا عن دعمها لمشاريع تكنولوجية مشتركة تهدف إلى تعزيز التفوق الإسرائيلي في المنطقة. ويرى محللون أن أبوظبي تحولت إلى قاعدة دعم للاحتلال، حيث تلعب دورًا رئيسيًا في تسهيل تحركاته الاقتصادية والسياسية في العالم العربي، وتقديمه كحليف طبيعي، رغم الجرائم المستمرة بحق الفلسطينيين.

الإمارات وكيل الاحتلال في تهجير الفلسطينيين

في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، برزت الإمارات كطرفٍ أساسي في خطط الاحتلال لتهجير سكان غزة والضفة الغربية، من خلال تقديم نفسها كوسيطٍ لحلول ظاهرها إنساني، لكن باطنها يخدم الأجندة الإسرائيلية. 

فقد كشف تقارير إعلامية عن دور الإمارات في محاولات إيجاد “دول مضيفة” للاجئين الفلسطينيين، مما ينسجم مع المخطط الإسرائيلي الرامي إلى تفريغ الأرض من سكانها الأصليين.

ومن جانب آخر، لعبت الإمارات دورًا في تمرير مشاريع اقتصادية تساعد على تسهيل عمليات الاحتلال في المنطقة، حيث وفّرت تسهيلات تجارية ضخمة عبر “الجسر البري”، الذي سمح بإدخال المنتجات الإسرائيلية إلى الأسواق العربية تحت غطاء الشراكات الاقتصادية. 

كما أظهرت أرقام رسمية أن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإسرائيل تجاوز مليارات الدولارات، مما جعلها من أكبر الشركاء التجاريين للاحتلال في المنطقة.

الهجوم على المقاومة والتماهي مع الاحتلال

لم يقتصر الدور الإماراتي على التطبيع الاقتصادي والتجاري، بل تبنّت أبوظبي خطابًا معاديًا للمقاومة الفلسطينية، حيث استخدمت وسائل إعلامها للهجوم على الفصائل الفلسطينية، متماهيةً بذلك مع الخطاب الإسرائيلي الذي يصف المقاومة بالإرهاب. 

وقد كشفت تقارير استخباراتية عن تنسيق أمني بين الإمارات والاحتلال في مراقبة وتضييق الخناق على الناشطين الفلسطينيين في الخارج، ضمن سياسة تهدف إلى خنق أي صوت داعم للقضية الفلسطينية.

في ظلّ مخططات التهجير والتهديدات الإسرائيلية لدول المنطقة

تأتي هذه التطورات في وقتٍ تكثّف فيه إسرائيل سياساتها التوسعية في المنطقة، وسط تهديدات متزايدة لدول الجوار، وخاصة لبنان وسوريا، فضلًا عن مساعي الاحتلال لإيجاد موطئ قدم في إفريقيا والخليج بدعم إماراتي.

فبينما تستمر الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، تعمل تل أبيب على تصدير أزماتها إلى دول أخرى، من خلال سياسات التخريب والتجسس ونشر الفوضى، وهو ما يجعل دعم الإمارات لها بمثابة خطرٍ مباشر على استقرار المنطقة بأكملها.

ويرى مراقبون أن الدور الإماراتي لا يقتصر على مجرد تعزيز العلاقات مع الاحتلال، بل أصبح جزءًا من مشروع أكبر يهدف إلى فرض واقع جديد في المنطقة، يخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الشعوب العربية، ويعمل على تقويض أي فرصة لمقاومة الاحتلال أو حتى رفض التطبيع.

هذا التطور يعكس بوضوح كيف أصبحت الإمارات لاعبًا أساسيًا في تعزيز التطبيع، ليس فقط على المستوى السياسي، بل من خلال تقديم الدعم الاقتصادي واللوجستي لمشاريع الاحتلال، مما يهدد الأمن القومي العربي ويفتح الباب أمام سياسات أكثر عدوانية من قِبل إسرائيل في المستقبل.

اقرأ أيضًا : الذباب الإلكتروني السعودي يبدل ولاءاته: من مهاجمة المقاومة إلى التودد لإيران