لسنوات وفي كل مكان في أوروبا بشكل عام، وفي سويسرا على وجه الخصوص، دفع نظام بن زايد الملايين لشركةAlp  Services  في جنيف من أجل استهداف وتتبع شخصيات ومنظمات بعينها لتشويه صورتهم واتهامهم بتمويل الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة. ومع إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب الإماراتية، وفي ظل الأزمة مع قطر، شوهت الإمارات سمعة هذه الكيانات والشخصيات بحجة التعاون مع قطر في تمويل الإرهاب والانضمام للإخوان المسلمين.

تم الكشف عن خطة الإمارات الخبيثة من خلال وثائق سرية حصلت عليها Mediapart ، والتي شاركتها بدورها مع اتحاد وسائل الإعلام الأوروبية للتعاون الاستقصائي (EIC) التي من جهتها كشفت هذه الألاعيب.

تأسست شركة Alp Services عام 1989، وعلى مدار ثلاثة عقود تركزت أنشطتها على العمليات الاستخبارية للتجسس على كبار رجال السياسة والاقتصاد حول العالم لصالح أنظمة بعينها.

حسب المستندات الداخلية التي سُربت من Alp Services فإن مدير الشركة وفريقه قاموا عام 2017 بإعداد خطة عمل لعميل غامض سنطلق عليه “محمد”. التواصل معه كان عبر رسائل بريد إلكتروني مشفرة، وحسب تدقيق EIC فإنه مسؤول في أجهزة المخابرات في دولة الإمارات العربية المتحدة.

الأسماء الكودية: زهرة العطاس، الكينو، النرجس، الزعفران

العميل محمد ورئيسه الشيخ علي سعيد النيادي، وهو عضو في المراتب العليا للسلطة الإماراتية، كانا المشرفان الرئيسيين على هذه العمليات التي هدفت إلى استهداف اثنين من خصوم نظام أبو ظبي: قطر- منافستها السياسية والاقتصادية، وتنظيم الإخوان المسلمين-الذي تعتبره الإمارة جماعة إرهابية.

في إحدى رسائل البريد الإليكتروني المسربة، وعدت شركة Alp Services العميل محمد عبر عرض باوربوينت بـ “إلحاق ضرر جسيم بالإخوان المسلمين في أوروبا من خلال تحديد شبكتهم ورؤوسهم، و مهاجمتهم في وسائل الإعلام والتأثير على صانعي السياسات”، كما جاء في الرسالة “سنطلق حملات عبر الإنترنت شديدة الخطورة وسرية”.

في رسالة أخرى في أغسطس/آب 2017 قال ممثل الشركة للإماراتيين “سنسعى إلى تشويه سمعة أهدافنا من خلال نشر معلومات مضللة تشوه سمعتهم بطريقة تبدو منطقية وصادقة”.

انطلقت عملية “زهرة العطاس” في صيف عام 2017، لمدة ستة أشهر تم تمديدها لستة أشهر آخرين، وتبعها عمليات “الكينو”، “النرجس”، “الزعفران”، وحسبما كشفته الفواتير والوثائق الداخلية المؤرخة بين عامي 2017 و2020، كانت شركة Alp Services قد تلقت أكثر من 5 ملايين فرنك من عميلها الإماراتي لتنفيذ هذه المهام.

تنفيذ الخطة

بدأت Alp Services تنفيذ الخطة عبر تتبع جميع الأشخاص والمنظمات الذين يُزعم أنهم مقربون أو مرتبطون بجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا أو لديهم صلات بقطر، وقد عمل موظفو شركة Alp Services على نطاق واسع من أجل جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول هذه الأهداف، وشملت القائمة المستهدفة محامون ومدافعون عن حقوق الإنسان ورجال الأعمال وباحثون وجمعيات إسلامية ومنظمات إنسانية وخيرية وإغاثية ذات توجه إسلامي.

قائمة Alp Services ضمت أكثر من 1000 اسم وعنوان وأحيانًا أرقام هواتف محمولة لأشخاص يعيشون في سويسرا وفرنسا وبلجيكا وإنجلترا وهولندا وإيطاليا وألمانيا والنمسا، وقد أُرسلت هذه القائمة إلى جهة سرية في أبو ظبي على شكل رسوم بيانية وجداول.

أهداف في سويسرا

ضمت هذه القوائم بعض الأسماء المعروفة في سويسرا من الناطقين بالفرنسية، مثل باسكال جمبرلي، الأمين العام لاتحاد فودوا للجمعيات الإسلامية (UVAM)،  وعمدت Alp Services إلى الإشارة إلى وجود صلات محتملة بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، إذ جاء في القسم الخاص به: “إنه على صلة بعدد كبير من شخصيات منتمية للإخوان المسلمين، لكن لا نستطيع أن نجزم أنه واحدًا منهم.

تعليقًا على هذه التقارير علق باسكال جمبرلي قائلًا “لقد صدمت لأن ينتهي بي الأمر في مثل هذه الوثيقة بشكل واضح في عملية تجسس لصالح دولة ثالثة من قبل شركة سويسرية… لقد اتهموني بالإرهاب وشوهوا سمعتي، وبالطبع سيؤثر على حياتي أو مهنتي”.

العالم المسلم طارق رمضان – حفيد حسن البنا مؤسس جامعة الإخوان المسلمين- كان أخد الشخصيات الذين جاء اسمهم في قائمة Alp Services، وتعليقًا على هذا قال رمضان عبر البريد الإلكتروني: “لطالما تحملت نتيجة وجود صلة قرابة بيني وبين حسن البنا… لكنني أؤكد أنني لست عضوًا في هذه المنظمة بأي شكل… بل لقد كتبت مقالات عديدة تنتقد سياساتها”.

أما فيما يتعلق بالمنظمات غير الحكومية، كانت مؤسسة الكرامة هي أبرز الكيانات التي استهدفتها الإمارات عبر شركة Alp Services، وقد قالت عنها الشركة إنها ممولة من قطر ومن بين مؤسسيها شخصان مدرجان من قبل الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب، لكن المدير الحالي للكرامة رشيد مسلي يؤكد أن السبب وراء هذا هو انتقاد المنظمة لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من قبل النظام الإماراتي.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا