تواجه دولة الإمارات موجة من الانتقادات المتزايدة بسبب اعتقالها للسياسي السوداني محمد فاروق سليمان، القيادي السابق في قوى الحرية والتغيير، دون توجيه تهم رسمية له. 

وتعتبر هذه الخطوة جزءًا من سياسة قمعية متزايدة ضد المعارضين السياسيين والناشطين السودانيين الذين يرفضون التعاون مع أبوظبي. 

وقد أثار اعتقال سليمان، الذي عُرف بمناصرته للديمقراطية وحقوق الإنسان، غضب الأوساط السودانية، حيث أطلق ناشطون حملة واسعة تحت وسم “اكسروا حاجز الصمت”، مطالبين بإطلاق سراحه فورًا.

ووفقًا لبيان صادر عن أصدقاء ورفاق سليمان، فقد تم توقيفه في 19 يناير الماضي في مطار دبي أثناء استعداده للسفر، ومنذ ذلك الحين وهو محتجز دون محاكمة أو توجيه أي تهمة واضحة. 

وتفاقمت المخاوف بشأن سلامته الصحية، خاصة أنه كان قد خضع لعدة عمليات جراحية كبرى قبل اعتقاله، مما يجعل استمرار احتجازه في ظروف مجهولة يشكل خطرًا على حياته. 

هذه التطورات تأتي في ظل تواتر التقارير حول استهداف الإمارات لناشطين سودانيين بسبب توثيقهم لانتهاكات قوات “الدعم السريع”، وهو ما يؤكد الدور الإماراتي المثير للجدل في الأزمة السودانية.

 

دور الإمارات في الأزمة السودانية: دعم خفي واعتقالات تعسفية

لم يكن اعتقال سليمان حدثًا منفصلًا، بل يأتي في سياق حملة أوسع شنتها الإمارات ضد المعارضين السودانيين، الذين انتقدوا تدخلها في المشهد السوداني عبر دعمها لقوى معينة على حساب أخرى. 

وتتهم الإمارات بالعمل على تشكيل “حكومة موازية” في السودان عبر دعم قوات الدعم السريع ومجموعات سياسية موالية لها، وهو ما كشفه سليمان في عدة مقالات قبل اعتقاله مباشرة.

ويشير البيان الحقوقي إلى أن الأجهزة الأمنية الإماراتية عرضت على سليمان رشوة مالية لإجباره على التعاون معها في دعم أجندتها داخل السودان، لكنه رفض ذلك، مما أدى إلى اعتقاله لاحقًا. 

ولم يكن سليمان الوحيد الذي تعرض لضغوط من هذا النوع، فقد وثقت تقارير عدة حالات لناشطين سودانيين تم احتجازهم أو التضييق عليهم داخل الإمارات، بهدف إسكات أصواتهم المعارضة. 

ويرى محللون أن هذه السياسة الإماراتية تهدف إلى خلق بيئة قمعية تمنع السودانيين من كشف حجم التدخل الإماراتي في بلادهم.

دعوات دولية لوقف الاعتقالات التعسفية ومحاسبة الإمارات

في ظل تصاعد الغضب الشعبي، دعا ناشطون وسياسيون سودانيون المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإنهاء ما وصفوه بـ”الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” من قبل السلطات الإماراتية. 

وطالب البيان الموجه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبعثة تقصي الحقائق بشأن السودان بفتح تحقيق رسمي في اعتقال سليمان، وإدانة السياسات الإماراتية تجاه السودانيين المقيمين على أراضيها.

كما وجهت الدعوات نداءً إلى حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والنرويج للضغط على أبوظبي، لضمان الإفراج الفوري عن سليمان، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث ضد السودانيين في المستقبل.

ويشدد ناشطون على أن صمت القوى السياسية السودانية عن هذه الانتهاكات يُعد تواطؤًا غير مباشر مع سياسة القمع التي تمارسها الإمارات، مطالبين بموقف أكثر حزمًا من الحكومة السودانية تجاه حلفائها الإقليميين.

من جانب آخر، كشف البيان الحقوقي عن تورط شخصيات سودانية بارزة في دعم هذه الاعتقالات، مثل نصر الدين عبد الباري وطه إسحاق عثمان، اللذين تم اتهامهما بالتحريض على تصفية الحسابات السياسية ضد الأصوات التي رفضت الانصياع للأجندة الإماراتية. 

ويؤكد البيان أن استخدام القمع الخارجي لإسكات المعارضين السودانيين يمثل خيانة واضحة للمطالب الديمقراطية التي نادت بها الثورة السودانية، وأن اعتقال سليمان لن يمر دون مساءلة.

في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة القوى الحقوقية والسياسية السودانية على إجبار الإمارات على إنهاء هذه السياسات القمعية، وما إذا كانت الضغوط الدولية ستؤدي إلى إطلاق سراح سليمان، أم أن أبوظبي ستواصل نهجها في استخدام القمع كأداة للهيمنة السياسية في المنطقة.

 

اقرأ أيضًا : “بنك القاهرة” في قبضة الإمارات.. لماذا يفرط السيسي في ثالث أكبر بنك حكومي؟