مرتزقة أجانب وشركات خاصة أبرموا صفقات أسلحة وهمية مع حفتر وأخلوا بوعودهم له
نشرت الإندبندنت البريطانية تقريراً صحفياً حول تعرض الجنرال الليبي خليفة حفتر لعملية نصب كبيرة بعشرات ملايين الدولارات بعد إبرامه عدد من الصفقات -التي اتضح فيما بعد أنها وهمية- مع رجال أعمال غربيين لتزويده بالمعدات والخدمات العسكرية التي لم يتسلمها حتى الآن.
تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي يعاني فيه خليفة حفتر وقواته المعروفة باسم “الجيش الوطني الليبي” من سلسلة من الهزائم العسكرية المتلاحقة وإحباط محاولات سيطرته على طرابلس من القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا.
وبحسب ما ورد للإندبندنت خسر الجنرال البالغ من العمر 76 عامًا ما يزيد عن 55 مليون دولار (43 مليون جنيه استرليني) في الموارد العامة ومساهمات المستفيدين بعد أن أبرم صفقات لشراء معدات للحرب كطائرة هليكوبتر هجومية وطائرة استطلاع وسفينة دورية بحرية، لم تُسلم له.
التقارير التي حصلت عليها الإندبندنت سلطت الضوء على الحرب الأهلية الليبية، والتي حولت ليبيا إلى مقر للفوضى العارمة، وأصبحت خلال السنوات الأخيرة مسرحاً معقداً لحرب المرتزقة والحرب بالوكالة، والتي لم تتوقف على الرغم من قرار من حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
وكشفت الإندبندنت عن تحقيق سري أجرته الأمم المتحدة مؤخراً أفاد بأن قوات حفتر قامت بالاتفاق مع فريق مؤلف من 20 من المرتزقة الأجانب، بينهم خمسة بريطانيين (اثنان منهم من مشاة البحرية الملكية سابقًا)، و 12 من جنوب إفريقيا، واستراليان، وأمريكي لإنشاء قوة ضاربة بحرية مقابل إيقاف وصول أسلحة تركيا إلى حكومة الوفاق الوطني، تم دفع أكثر من 120.000 دولار في يونيو/حزيران الماضي لكل منهم.
ووفقا لمصدرين دبلوماسيين على علم بالتقرير المقدم إلى لجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن في فبراير / شباط، فر فريق المرتزقة المُشار إليه إلى مالطا في يونيو / حزيران الماضي على متن زورقين منفصلين، بعد أيام فقط من هبوطهما في شرق ليبيا بعد أن تم الاتفاق، وأضاف الدبلوماسيون لصحيفة الإندبندنت إن النزاع بدأ بين هذا الفريق وبين حفتر في البداية بسبب قيمة المعدات والخدمات العسكرية المقدمة حيث قال إن قيمتها لا تزيد عن 30 مليون دولار، بينما قام هو بدفع 80 مليون دولار، ليقسم حفتر على الانتقام منهم، ما دفعهم للهروب والفرار خارج البلاد خوفاً على حياتهم.
وأوضح أحد المصادر إن تحقيق الأمم المتحدة وجد أن الجنرال حفتر تلقى ست طائرات هليكوبتر قديمة، تختلف مواصفاتها عن المواصفات التي حددها، وقدر المحققون أن قيمة هذه الطائرات لا تزيد عن 14 مليون دولار.
وبحسب المصدر، فقد حصل المحققون على وثائق تفيد بأن الصفقة كان من المفترض أن تحتوي على مروحية هجومية كوبرا أكثر تكلفة وطائرة LASA T-Bird ، وهي طائرة زراعية تم تكييفها للمراقبة والحرب، بالإضافة إلى أجهزة أخرى لم تظهر أبدًا.
نفى متحدث باسم مجموعة لانكستر 6 بشدة مزاعم التحريض على مهمة عسكرية خاصة، وقال لصحيفة الإندبندنت إن بعض الوثائق المدرجة كدليل لا تخصهم، مضيفًا أن المروحيات المذكورة في التقرير مسجلة على أنها طائرات مدنية، تم تحديدها على أنها “منزوعة السلاح” ودخلت البلاد بعد أن غادر فريق الـ20.
ولم تعلق الشركة على لسان المتحدث باسمها على أسباب نقل طائرات الهليكوبتر وعلاقتها بها، أو القيمة الحقيقية للطائرات، حيث قال حفتر أنها لا تزيد عن 30 مليون دولار، كما لم تعلق على طبيعة علاقتها بالأفراد الذين تم تحديدهم كمرتزقة في تحقيق الأمم المتحدة.
ووافق المتحدث باسم الشركة على أن “مجموعة الأشخاص الذين تم ذكرهم كانوا في ليبيا لفترة قصيرة جدًا، حوالي 48 ساعة، ولم يفعلوا شيئًا، وأصبحوا قلقين بشأن سلامتهم الشخصية وغادروا البلاد قبل وصول المروحيات … حتى إلى ليبيا”.
لكن لم تكن هذه المرة الأولى التي يُخدع فيها الجنرال حفتر ويخسر ملايين الدولارات، حيث سبق وتعرض للاحتيال بين عامي 2016 و 2017، وزُعم أنه دفع لرجل أعمال أمريكي لشراء سفينة دورية بحرية لحراسة المياه قبالة شرق ليبيا – ولكن لم يتم تسليم السفينة أبدًا.
قال دبلوماسي غربي مطلع على الصفقة، وموظف في شركة مقرها الإمارات العربية المتحدة، إن رجل أعمال أمريكي من تكساس تلقى أكثر من 6.5 مليون دولار من قبل السيد حفتر، بالشراكة مع أحد أبناء الجنرال، لشراء سفينة حربية، لكنه لم يتسلمها.
لم يفشل قطب تكساس (كما وصفته الإندبندنت) في تسليم القارب لقوات الجنرال حفتر، ولكنه فشل في الدفع لشركة Excel International ، التي اشترت سفينة الدورية من خفر السواحل في موريشيوس كجزء من صفقة تجارية مشروعة.
قال أحد كبار موظفي Excel إن الشركة لم تكن تعلم أن الجنرال حفتر أو السلطات في شرق ليبيا هي المشتري الحقيقي – تم ترتيب الصفقة تحت اسم شركة أخرى، التي طلبت إصلاح السفينة وإعادة طلائها حتى يمكن نشرها في حماية ناقلات النفط للعملاء في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح موظف كبير في Excel International لـ الإندبندنت أنهم تلقوا في البداية مبلغًا صغيرًا في عام 2016، لكنهم كانوا لا يزالون مدينين بأكثر من 2 مليون دولار للإصلاح والصيانة ورواتب الطاقم والنفقات، وأضاف الموظف أن الشركة بدأت تشعر بالقلق عندما تأخرت المدفوعات، وعندما تلقوا مكالمات هاتفية عديدة من أشخاص يعرفون أنفسهم بأنهم “أصدقاء للحكومة الليبية [الشرقية]”، أي تابعين لحفتر، الذين كانوا يطالبون بمعرفة سيتم تسليم السفينة، وبعدها اختفى أي أثر لرجل الأعمال الوسيط.
تلقت صحيفة الإندبندنت وثيقة تظهر دليلاً على تحويل نقدي صغير للأموال من قطب تكساس إلى قبطان القارب في ديسمبر/كانون الأول 2016، وبعد التهرب من فواتير لمدة عام، اختفى رجل الأعمال في نهاية عام 2017، لتحتفظ الشركة التي مقرها الإمارات بالسفينة.
من جانبه، لم يرد رجل الأعمال من تكساس على المحاولات المتكررة من قبل صحيفة الإندبندنت للاتصال به، كما لم يعد لشركته أي وجود على الإنترنت، كما لم يرد المتحدث باسم السيد حفتر على طلب صحيفة الإندبندنت للتعليق.
في سياق متصل، أفادت لجنة خبراء الأمم المتحدة العام الماضي أنه في مايو/أيار 2018 تمكنت قوات حفتر من الاستحواذ في نهاية المطاف على سفينة دورية بحرية مختلفة، والتي تم تسميتها فيما بعد بـ “الكرامة”، حيث تم شراء السفينة عبر شركة إماراتية مختلفة تسمى Universal Satcom Services، في انتهاك لحظر الأسلحة حيث تم تصنيفها كسفينة بحرية.
وبعد وصولها إلى ليبيا، قال تقرير الأمم المتحدة إن “الكرامة” تم تجهيزها بأنظمة الأسلحة بما في ذلك مدفع 40 مم ومدفعان 20 مم.
يُذكر أن الجنرال حفتر لطالما اتهم بتلقي الدعم من القوى الأجنبية في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة في محاولته ترسيخ السلطة في البلد الذي مزقته الحرب
.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا