في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، أعلنت شركة “الاتحاد للطيران” الإماراتية عن إطلاق حملة دعائية جديدة تستهدف المسافرين الإسرائيليين، تحت شعار: “سافروا إلى أكثر من مئة وجهة عبر أبو ظبي”.
تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي قررت فيه العديد من شركات الطيران العربية والأوروبية تعليق رحلاتها من وإلى “إسرائيل” بسبب التصعيد الأمني المستمر في المنطقة.
ورغم المخاوف الأمنية التي دفعت هذه الشركات لاتخاذ تلك الإجراءات، فإن “الاتحاد للطيران” فضلت المضي في سياستها التوسعية، مركزة على خدمات الربط الجوي التي تقدمها عبر العاصمة الإماراتية، في إشارة إلى استمرار العلاقات الجوية والتجارية بين الإمارات و”إسرائيل” رغم التوترات القائمة.
التوقيت المثير للجدل: استراتيجية تسويقية وسط التوترات
تزامن إطلاق الحملة الدعائية لشركة “الاتحاد للطيران” مع تصاعد حدة التوتر في المنطقة، بعد تفاقم الصراع بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وامتداد المواجهات إلى مناطق أخرى.
وفي ظل هذه الأوضاع، قررت شركات طيران كبرى تعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” لأسباب أمنية، من بينها شركات أوروبية وعربية تسعى لحماية ركابها وموظفيها من أي مخاطر محتملة.
لكن على النقيض، ظهرت “الاتحاد للطيران” بموقف مغاير، حيث سعت إلى اجتذاب المسافرين الإسرائيليين عبر حملتها الدعائية، متجاهلة التوترات الأمنية التي دفعت غيرها لتوخي الحذر.
الحملة التي أطلقتها الشركة الإماراتية لم تقتصر على تعزيز خدماتها فقط، بل جاءت لتؤكد على استمرار التعاون الإماراتي-الإسرائيلي في قطاع الطيران، وهو التعاون الذي تعزز بعد توقيع اتفاقيات التطبيع بين الطرفين في عام 2020.
هذه الاتفاقيات فتحت الباب أمام رحلات جوية مباشرة بين أبو ظبي و”تل أبيب”، وتبادلاً سياحياً وتجارياً متسارعاً، ما جعل الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين لـ”إسرائيل” في المنطقة.
الإمارات كوكيل للاحتلال: دعم غير معلن في سياق التطبيع
رغم ترويج الإمارات لعلاقاتها مع “إسرائيل” على أنها تأتي في إطار التعاون الاقتصادي والتجاري، فإن هناك اتهامات متزايدة لها بالعمل كوكيل غير معلن لدعم الاحتلال الإسرائيلي.
فعلى مدار السنوات الماضية، اتخذت الإمارات خطوات عززت من مكانة “إسرائيل” إقليمياً، سواء عبر التعاون العسكري والتقني، أو من خلال سياسات النقل الجوي واللوجستيات.
ولعل أبرز مثال على هذا الدعم غير المباشر كان في إنشاء ما وصف بـ”الجسر البري” بين الإمارات و”إسرائيل”، الذي سهّل حركة البضائع والسلع بين الجانبين دون المرور عبر دول أخرى.
ويمثل الجسر البري امتداداً لسلسلة من التعاونات التي تجاوزت الجانب التجاري إلى الجانب الأمني والاستخباراتي، مع تبادل الخبرات بين الجانبين في مجالات التكنولوجيا والرقابة والذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، تأتي حملة “الاتحاد للطيران” لتضيف إلى سلسلة من المؤشرات التي تعكس دور الإمارات في دعم “إسرائيل”، حتى في الأوقات التي تشهد فيها المنطقة تصعيداً عسكرياً أو سياسياً.
فبدلاً من الالتزام بالموقف العربي التقليدي الرافض للتطبيع مع الاحتلال في ظل استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني، تبدو الإمارات مصرّة على تعزيز هذه العلاقات وتوسيعها، بغض النظر عن الموقف الشعبي العربي الرافض للتطبيع.
الدلالات السياسية والتجارية: المصالح فوق المبادئ
إطلاق حملة “الاتحاد للطيران” للسفر عبر أبوظبي للإسرائيليين يعكس سياسة إماراتية واضحة، تضع المصالح التجارية والاقتصادية فوق أي اعتبارات سياسية أو إنسانية.
هذه السياسة تتجاهل تماماً ما يعانيه الفلسطينيون جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة، وتتناقض مع المواقف التي اتخذتها بعض الدول العربية والإسلامية بتعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
ورغم أن الإمارات تحاول تبرير علاقاتها مع “إسرائيل” بأنها تخدم مصالحها الوطنية، فإن الواقع يكشف عن دور يتجاوز المصالح الاقتصادية البحتة إلى محاولة لعب دور إقليمي جديد، عبر بناء علاقات وثيقة مع “إسرائيل” وحلفائها.
هذه العلاقات لا تقتصر فقط على التعاون الجوي أو التجاري، بل تمتد إلى مجالات أخرى تشمل الدفاع والأمن والتكنولوجيا.
في الختام، تعكس حملة “الاتحاد للطيران” الأخيرة سياسة إماراتية تقوم على مبدأ “المصالح أولاً”، حتى لو جاءت هذه المصالح على حساب الشعوب العربية التي تعاني من الاحتلال والعدوان. وبينما تتجه بعض الشركات العالمية لتعليق رحلاتها إلى “إسرائيل” كنوع من الحذر أو التضامن مع الشعب الفلسطيني، تظهر الإمارات مرة أخرى بموقف يتسم بالتحدي والتجاهل، في خطوة تكشف عن عمق التحالف الإماراتي-الإسرائيلي الذي يتعزز يوماً بعد يوم.
اقرأ أيضًا : إغلاق مسجد الشيخ زايد أمام المصلين من أجل ترامب.. زيارة تكشف إذلال الإمارات
اضف تعليقا