تصدّر الحزب الاشتراكي برئاسة رئيس الوزراء المنتهية ولايته بيدرو سانشيز نتائج الانتخابات التشريعيّة التي جرت الأحد في إسبانيا، لكنّه لم يُحسّن موقعه، فيما بات حزب فوكس اليميني المتطرّف القوّة الثالثة في البرلمان، وذلك بعد فرز 95% من بطاقات الاقتراع.

والاشتراكيّون الذين كانوا يأملون في الحصول على غالبيّة واضحة لوضع حدّ للأزمة السياسيّة التي تشهدها البلاد منذ العام 2015 لم يحصلوا سوى على 120 مقعداً بعدما كانوا يشغلون 123، في وقتٍ تقدّم محافظو الحزب الشعبي من 66 إلى 88 مقعداً وفوكس من 24 إلى 52 مقعداً متقدِّماً على حزب بوديموس (يسار راديكالي) الذي تراجع من 42 إلى 35 مقعداً.

واقترع الإسبان الأحد للمرّة الرابعة في أربع سنوات، وسط مناخ أثقلته الأزمة في كاتالونيا وصعود اليمين المتطرّف الذي يدعو إلى التشدّد إزاء النزعة الانفصاليّة للإقليم.

وبعد ستّة أشهر من انتخابات تشريعيّة فاز فيها من دون الحصول على غالبية مطلقة، دعا سانشيز 37 مليون ناخب إلى منحه تفويضًا واضحًا من أجل وضع حدّ لعدم الاستقرار السياسي.

وبُعيد إدلائه بصوته، أمل سانشيز في أن “نكون قادرين على تشكيل حكومة اعتبارًا من الغد، والدّفع بإسبانيا للمضيّ قدمًا”.

غير أنّ كلّ استطلاعات الرأي أشارت قبل صدور النتائج إلى أنّ الناخبين لن يمنحوه ذلك، وأنّه حتى إذا فاز في الانتخابات مرّة جديدة، فلن يحصل على غالبيّة وازنة وسيضطرّ إلى التفاوض في شكل تدريجي من أجل اقرار الموازنة والتصويت على قوانين.

 

فوكس يثير جدلاً

بعدَ مواجهات أوقعت 600 جريح أواسط تشرين الأول/أكتوبر إثر الأحكام المشدّدة الصادرة بحقّ القادة الانفصاليّين لدورهم في محاولة الانفصال في 2017، طغى على الاستحقاق الانتخابي ملفّ إقليم كاتالونيا حيث نُشِرت تعزيزات أمنيّة لضمان أمن الانتخابات.

وأثار زعيم حزب “فوكس” سانتياغو أباسكال ضجّةً وجدلاً بدعوته إلى حظر الأحزاب الانفصاليّة وإلى تعليق الحكم الذاتي في كاتالونيا وتوقيف رئيسها المؤيد للاستقلال كيم تورا.

وقالت آنا اسكوبيدو، “كنت دوماً أنتخب الحزب الشعبي ولكن في الوضع الراهن، أعتقد أنّه يجب التشدد” إزاء كاتالونيا والهجرة.

بدورها قالت ليديا لوبيز وهي صحافية متدرّبة تبلغ 21 عاما إن أباسكال برز على الساحة بمشاركته في النقاشات الانتخابية.

وتابعت لوبيز التي اقترعت لمصلحة حزب “بوديموس” اليساري المتطرّف “لكن المشكلة تكمن في أنه يستخدم في تلك النقاشات أكاذيب لا يتم التحقق منها على الفور”، مضيفة أن “الناس الذين يسمعونها يصدقونها معتقدين أنها صحيحة”.

ويقود حزب فوكس أيضاً حملة ضدّ الهجرة، ويقيم صلة بين وصول المهاجرين الافارقة وما يقول إنّه ارتفاع في نسب الجريمة في اسبانيا.

والأحد قال رافايل غارسيا البالغ 84 عاما إنه صوّت لمصلحة اليمين في مدريد دفاعا عن “وحدة إسبانيا والمتقاعدين”، من دون أن يسمي الحزب الذي اقترع لمصلحته.

 

التصدي لعودة زمن فرانكو

سعى سانشيز إلى حشد الكتلة اليسارية الناخبة في مواجهة صعود “فوكس” وهو يصف حضور هذا الحزب بأنّه بمثابة عودة إلى زمن الجنرال فرانكو.

وكرر سانشيز باستمرار أنّ “اسبانيا بحاجة إلى حكومة تقدّمية بهدف التصدي للفرانكوية والمتطرفين والراديكاليين”.

من جهة أخرى، لا يخفي رئيس الوزراء الإسباني أنه يفضل أن يحكم وحيداً بالاعتماد على غالبية ضعيفة بدلا من أن يسعى إلى التوافق مع بوديموس.

ويكرر أنّ على الأحزاب الأخرى أن تسمح لمن يحتل المرتبة الأولى بأن يحكم، وذلك من خلال التغيّب عن جلسة الثقة للحكومة في البرلمان.

وحتى الآن، يستبعد الحزب الشعبي التغيّب. غير أنّ غالبية المحللين يتوقعون أن يقوم بذلك في آخر لحظة تجنباً لمواجهة غضب الناخبين.

ويرى خوسيه اينياسيو توريبلانكا، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنّ سانشيز يعتزم ضمان “تغيّب الجميع في اللحظة الأخيرة، مقابل خطر دفع الجميع إلى طريق مسدود”.