العدسة – ياسين وجدي:
حينما يتحول حراس الأمن إلى ذئاب بشرية ، هنا تقوم قيامة الأمان في بلاد كتب عليها من السماء حتمية حماية العرض ونيل الشهادة لمن قدم الفداء.
وجاء “حمد الشمري” السجين الكويتي البسيط ليهز أركان داخلية بلاده بفيديو كشف فيه اغتصاب ضباط أمن لزوجته ، وفتح ملف جراحه لا تطوى في بلاد العرب التي باتت جرائم العرض التي يتورط فيها ضباط الشرطة في المنطقة عرضا مستمرا ، وهو ما نتوقف عنده.
ذئاب حكومية !
في الكويت كان الإجراء الرسمي سريعا ، حيث قرر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية في دولة الكويت، الشيخ خالد الجراح الصباح، بتشكيل لجنة عاجلة لتقصي الحقائق وفتح تحقيق شامل في الاتهامات التي وجهها “حمد الشمري” لعدد من منسوبي الداخلية.
الشمري، روى تفاصيل تعذيب تعرض له وزوجته في السجن على يد رجال من الداخلية، معلنا أسماءهم، مضيفا أنهم مارسوا ضد زوجته الزنا، وجعلوه يشاهدها وهي تمارس معهم الزنا طوال ست سنوات لافتا إلى أنهم لم يكتفوا باغتصاب زوجته، بل أقدموا على اغتصاب ابنته لوران (13 عاما)، وطالب كل إنسان على كوكب الأرض أن يأخذ بحقه من عماد عبدالله إبراهيم التميمي وسليمان عبدالغفور وسنجتي وخالد خلف العنيزي، وعبدالرحمن العنيزة.
هذه الأسماء قد تكون أعلنت في الكويت ، ولكن في دول أخرى لازالت طي الكتمان، ومجهولة حتى للضحايا ، وهو ما حدث في مصر حيث وثقت تقارير حقوقية مصرية ودولية وقوع حالات اغتصاب في السجون والمعتقلات المصرية، ورد بعضها على لسان الضحايا أنفسهن، وقدرت الأعداد وفق تحالف معارض للانقلاب بأنه وصلت إلى تعرض خمس وأربعين فتاة للاغتصاب عدا التعذيب البدني والنفسي والحبس في ظروف بالغة السوء في معسكرات للأمن المركزي ، ومراكز الشرطة ، وذلك بحسب معلومات نشرت عقب عقد تحالف دعم الشرعية لجان للاستماع في العام 2014 .
مركز النديم الحقوقي البارز في مصر وثق حالات اغتصاب داخل وخارج السجون المصرية، ـ ﻻسيما تلك التي تمارس من قبل موظفين حكوميين من الشرطة ، مؤكدا أنها جرائم أسهمت في اشتعال ثورة 25 يناير بسبب عدم محاسبة الشرطيين المتورطين فيها.
وفي سوريا ، كشف تقرير نشرته صحيفة ” ذا صن” البريطانية عن انتشار الاغتصاب في السجون السورية التابعة للنظام، لدرجة توزيع حبوب منع الحمل على السجينات مع استخدام الاغتصاب والاعتداء كوسيلة للاستجواب والعقاب للنساء، وذكرت الصحيفة قصتين لاغتضاب حراس سجن وضباطه للطالبة ياسمين والفتاة نسيمة.
وفق إحصائيات حديثة للشبكة السورية لحقوق الانسان، فإن 7 آلاف من النساء على الأقل في سجون تابعة لنظام الأسد، ووثقت الشبكة تعرض 864 إمرأة و432 فتاة دون الثامنة عشر، على الأقل، إلى 7 آلاف و699 حالة اغتصاب، وسط تأكيد أن عدد المعتقلات وحوادث الاغتصاب أكثر من تلك الأرقام بكثير.
وفي البحرين ، ذات الجريمة ماضية دون حمرة من خجل ، وكشف نشطاء عن أن بعض المؤسسات الحقوقية وثقت تقارير بوقوع حالات اغتصاب للنساء في السجون و المعتقلات البحرينيات، وفي الإمارات ، كشفت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، في بيان حديث لها، عن تعرّض سجينات في دولة الإمارات لانتهاكات فظيعة على يد رجال الأمن بالسجون ، مرفقة بيانها بتسجيل صوتي لإحدى السجينات تؤكّد فيه هذه الانتهاكات.
وفي السعودية ، يعرف سجن “حواء ” للنساء الذي يقع في صحراء شرق السعودية، بأنه أخطر السجون في المملكة نظرا لوجود التعذيب والظروف الصحية والنفسية السيئة المفروضة على السجينات، ووثق حقوقيون انتشار حالات التعذيب والاغتصاب في السجن.
ووفقا لتقارير فإن جماعة الحوثي اليمنية متهمة كذلك باغتصاب النساء اليمنيات المعارضات للانقلاب الذي قامت به الجماعة ، ويبرز في هذا الإطار ما وثقه القيادي في حزب المؤتمر الشعبي كامل الخوذاني عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” مؤكدا أن “ميليشيا الحوثي استدعت الناشطة المؤتمرية أمل القليصي، إلى مقرها الأمني بمحافظة إب للاستجواب، لكن بعد وصولها، قاموا باغتصابها ، ثم قتلها والتمثيل بجثتها ورميها على قارعة الطريق”.
وشهدت تونس جريمة اغتصاب في أغسطس الماضي كان لها أصداء واسعة، كان بطلها ضابط أمن ، حيث كشفت التحقيقات أن ضابطا أمنيا شارك مع آخرين في اغتصاب فتاة عمرها 15 عاما، ذكرت بما حدث في سبتمبر 2012 عندما واجهت الشرطة التونسية موجة انتقادات واسعة في أعقاب جريمة “اغتصاب” فتاة من قبل شرطيين في ضاحية عين زغوان قرب العاصمة تونس.
الخريف العربي!!
ومع صعود”الخريف العربي” وملاحقة أبناء ثورات الربيع العربي ، وسيادة النظم القمعية العسكرية والبوليسية للمشهد مجددا في المنطقة خاصة مصر والإمارات والسعودية والبحرين ، يرى متابعون أن عناصر الأمن خرجت عن السيطرة ودخلت في طور انتقام استهدفت فيها المرأة أيقونة الربيع العربي البارزة ، عبر الاغتصاب والاعتداء والاعتقال ، بغرض كسر إرادتها وإرادة الحركات التحررية في المنطقة.
ووفقا لدراسة غربية في العام 2016 تحت عنوان “نزاهة الشرطة المفقودة” قال الخبراء إن أحد أكبر العقبات التي تحول دون توفر إحصائيات تتعلق بحالات الاعتداء الجنسي الذي تمارسه الشرطة هو إحجام الضحايا عن الإبلاغ عن الجريمة، لأنه وبكل بساطة في حالة التعرض إلى الاغتصاب أو التحرش الجنسي من طرف شرطي يجب الاتصال بالشرطة للإبلاغ وإيداع الشكوى وهذه هي المعضلة.
عالميا قدرت منظمة الصحة العالمية، في العام 2014 أن امرأة واحدة من بين 14 على وجه الأرض قد تعرضت للعنف الجنسي، لكن وفق تقارير عربية فإن وضع الاغتصاب والعنف الجنسي خاصة من الشرطة العربية غير واضح ، حيث لا توجد بيانات واضحة حول الاغتصاب والعنف الجنسي بالدول العربية.
هذه الجريمة الخطيرة ، لها بعد آخر لفت إليه الانتباه الباحث عدنان مقداد نقلا عن سوزان براونميلر أول مؤرخة تحاول القيام بدراسة عامة عن الاغتصاب في الحروب النظريات في كتابها “ضد إرادتنا: الرجال النساء والاغتصاب” حيث وجدت أثناء بحثها أنَّ الاغتصاب كان وسيلة حربية على مر التاريخ؛ فقد كان هدفا للرجال في الحروب وليس النساء، وقد لجأ الرجال إلى ثقافة الاغتصاب هذه قديمًا وحديثا واستفادوا منها لصالحهم وسيلةً لتكريس الهيمنة الذكورية بإبقاء النساء في حالة من الخوف، بهدف إذلال الطرف الآخر وترهيبه”.
التحرك الدولي كان شبه معدوم النتائج حتى تاريخه ، بحسب مراقبين ويستند هذا الاتجاه إلى محاولات قدمت بعد توثيق الجرائم الأمنية إلى الأطر الأممية ولم تقم بشيء ذات جدوى ، ومنها الملف الموثق الذي قدمه الائتلاف العالمي للمصريين في الخارج، إلى المفوضية العامة لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بجنيف، للمطالبة بالتحقيق في حالات اغتصاب وتحرش بحق سجينات سياسيات في مصر، داخل مقار الاحتجاز الأمنية من قبل عناصر الشرطة.
الأنكى من ذلك ، عندما تتحول الضحية إلى متهمة ، ويستدل البعض بما حدث من القضاء المصري في وقت سابق حين حكم بالحبس عاما على ندى أشرف الفتاة التي قالت إنها تعرضت للاغتصاب في مدرعة على يد ضابط شرطة، وذلك في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”أحداث جامعة الأزهر” في 2013، ومازالت الجريمة مستمرة بعد 5 سنوات ومازال الملف مفتوحا حتى تضع العدالة النقاط على حروف ضباط الأمن الضائعة في غيابات الانحراف الممنهج فيما يبدو وفق ما مرصود.
اضف تعليقا