إبراهيم سمعان
كشفت وثائق حصل عليها موقع “ويكيليكس” ونشرتها صحيفة “ميديا بار” على الفساد الخفي وراء بيع صفقة دبابات فرنسية لدولة الإمارات، مشيرة إلى أن هذه الدبابات تشارك في حرب اليمن.
وأوضحت الصحيفة أن الدبابات الفرنسية تستخدم منذ ثلاث سنوات من قبل الإمارات في اليمن ، في حرب قتلت بالفعل أكثر من 10000 (معظمهم من المدنيين) وأسفرت عن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، مؤكدة أن هذه الصفقة ورائها سر كبير.
المستندات التي حصلت عليها ويكليكس يفتح الباب على اعتراف غير رسمي لفساد الدولة من خلال سداد تم من قبل شركة أسلحة حكومية فرنسية بقيمة 200 مليون دولار من الأموال السوداء في الحسابات الموجودة بالملاذات الضريبية.
وقالت “ميديا بار” إن هذه الوثائق تعرض أسرارا نادرة في أحد أكبر عقود الأسلحة التي وقعتها فرنسا، وهي الآن ثالث أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم.
وأشارت إلى أن دبابات لوكلير باعتها فرنسا أوائل عام 1990 إلى الإمارات من خلال GIAT (مجموعة لصناعة الأسلحة، شركة Nexter اليوم) حيث تمتلك الدولة الفرنسية جميع أسهمهما، وأن الشركة بدأت في تسلم الدبابات إلى الإمارات أوائل عام 2000، لكن لم تستخدم إلى في 2015 عند اندلاع الحرب في اليمن.
وعلى مدار ثلاث سنوات، من القتال العنيف بين المتمردين الحوثيين المدعومون من إيران والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، فإن التحالف، المسلح على وجه الخصوص من قبل فرنسا، “تسبب في أكثر الخسائر المدنية المباشرة” تكتب الصحيفة.
وتابعت تشير الأمم المتحدة إلى جرائم حرب محتملة ، وأن “المناطق السكنية” و “الأسواق” و”حتى المرافق الطبية” قد تأثرت، كما انه بحسب منظمة “أنقذوا الأطفال” غير الحكومية ، فإن خمسة ملايين طفل مهددون الآن بالمجاعة في اليمن بسبب هذه الحرب.
في ذلك الوقت، وصفت الصحافة الفرنسية بيع لوكلير للإمارات بأنه “صفقة القرن”، لسبب وجيه: العقد الذي وقع في 6 أبريل 1993، بعد أسبوع من تشكيل حكومة إدوار بالادور، شمل تسليم 388 دبابة و 46 عربة مسلحة وكمية من الذخيرة مقابل 3.6 مليار دولار، واستقر بعد ذلك على 3.2 مليار دولار.
لكن المفاوضات السرية بين الجانبين بدأت قبل عامين، ففقا للوثائق التي حصل عليها ويكيليكس. في يناير 1991، خلال حكومة ميشال روكار ، كلفت الدولة الفرنسية، عن طريق شركة GIAT ، مبعوثاً إلى سلطات أبو ظبي اسمه عباس ابراهيم يوسف اليوسف.
هذا الرجل في الأصل من نفس قرية الشيخ زايد، الذي كان رئيساً للإمارات من عام 1971 إلى 2004، بدأ عباس اليوسف مسيرته كطيار مقاتل، متزوج من امرأة تعيش في المملكة العربية السعودية، أب لطفلين يدرسان في الولايات المتحدة ، قريب من محمد بن زايد.
بالإضافة إلى نشاطاته العسكرية تطور عباس اليوسف نشاطه كرجل أعمال في مجال التسلح، وأصبح وسيط المفضل لدى العديد من شركات الدفاع الفرنسية في الإمارات مثل تاليس ، داسو أو إيرباص، و GIAT، لذلك صارت بينه صداقة قوية مع مدير المبيعات.
أحد شركات اليوسف التي أنشأها في الخارج ” Kenoza “، وكانت شركة استشارات صناعية وإدارة، وهي شركة بنمية مقرها في جزر فيرجن البريطانية، واحدة من أسوأ الملاذات الضريبية في العالم، حيث تم الاتفاق في عام 1991 على عمولات تقدر بـ 234 مليون دولار لبيع الدبابات الفرنسية في الإمارات.
ودفع نزاع بين اليوسف و GIAT ، والذي عرض بين عامي 2008 و 2010 أمام محكمة التحكيم في باريس (العدالة الخاصة التي تتجاوز العدالة العادية)، شركة الأسلحة الفرنسية للكشف عن الطبيعة الدقيقة لعمل وسيطها: “الفساد”.
واعترفت الشركة أمام محكمة التحكيم في باريس ، بعدم التناسب بين حجم العمولات والخدمات المقدمة بالفعل من قبل اليوسف، وأن وسيطها “قد ارتكب أعمال فساد”، وعلى نحوٍ أكثر وضوحًا، قالت الشركة أيضًا أن شركة Kenoza قد تم إنشائها لتغطية فساد المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعندما حققت المحكمة، في طبيعة الخدمات التي قدمها رجل الأعمال الإماراتي، لتفسير العمولة الكبيرة التي كان من المفترض أن يحظى بها، أو الجزء الذي حصل عليه به بالفعل، تبين أنه ساهم في تقديم رشاوى لمسؤولين في الدول المرتبطة بهذه الصفقة.
وبما أن الصفقة كانت على وشك التعطل، اعترف اليوسف أنه نجح في الضغط على السلطات للحصول على إعفاء من هذه القوانين، في “عملية شملت صناع القرار على أعلى المستويات، في كل من فرنسا وألمانيا”.
اضف تعليقا