في تطور جديد للصراع المحتدم في السودان، أعلن الجيش السوداني، الأربعاء، تحقيق تقدم ميداني كبير في العاصمة الخرطوم، حيث فرض سيطرته على حي الرميلة ومقر الإمدادات الطبية ودار صك العملة. ووفقًا لمصادر ميدانية، فإن قوات سلاح المدرعات تمكنت من بسط نفوذها بالكامل على أحياء الرميلة والسجانة والمنطقة الصناعية، مما يقربها من شارع الغابة، الذي يعد نقطة استراتيجية رئيسية لتمركز قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم.

معركة الخرطوم:

التقدم الحالي يعكس تحولا استراتيجيا في ميزان القوى على الأرض، حيث يبدو أن الجيش يهدف إلى فرض طوق عسكري على قوات الدعم السريع داخل الخرطوم.

 وأشارت التقارير إلى أن قوات سلاح المدرعات تسعى للانضمام إلى وحدات الجيش المتمركزة في المقرن، والتي تم تعزيز وجودها هناك منذ سبتمبر الماضي.

كما تحمل زيارة قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، للخطوط الأمامية رسالة واضحة بأن الجيش يسعى لحسم المعركة في الخرطوم، خاصة مع اقتراب السيطرة على جسر سوبا، وهو شريان حيوي لقوات الدعم السريع، حيث يربط شرق النيل بالخرطوم ويسهل عمليات المناورة والإمداد. السيطرة على هذا الجسر من شأنها أن تشكل ضربة موجعة لقوات الدعم السريع، إذ ستحد من تحركاتها وتقلل خياراتها العسكرية.

غارات على الفاشر وتقدم في الجزيرة:

وفي سياق متصل، شن الطيران الحربي للجيش غارات على مواقع الدعم السريع في مدينة الفاشر، وسط أنباء عن استمرار سيطرة الجيش على ولاية الجزيرة، آخر معاقل قوات الدعم السريع خارج الخرطوم. ومن خلال تقدمه في الكاملين وعدد من القرى المحيطة بها، أصبح الجيش يسيطر تقريبًا على كامل الولاية باستثناء بعض الجيوب المتفرقة.

الدور الإماراتي في دعم الدعم السريع.. لماذا تتدخل أبوظبي في السودان؟

لا يمكن فصل تطورات الحرب في السودان عن الأدوار الإقليمية، خاصة الدور الإماراتي الذي تزايدت الأدلة حول دعمه لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

 وتشير تقارير موثوقة إلى أن أبوظبي زودت قوات الدعم السريع بالسلاح عبر مسارات متعددة، إما عن طريق ليبيا أو عبر صفقات سرية مع وسطاء أفارقة.

لكن ما دوافع التدخل الإماراتي؟

  1. النفوذ الإقليمي: ترى الإمارات في السودان ساحة صراع على النفوذ مع قوى إقليمية أخرى، مثل تركيا وقطر ومصر، وتسعى لفرض سيطرتها على موانئ البحر الأحمر لتحقيق مكاسب استراتيجية.
  2. الموارد المعدنية: يُعد السودان من أغنى الدول بالذهب، والإمارات من أكبر مستوردي الذهب السوداني، إذ تشير التقارير إلى عمليات تهريب واسعة تقوم بها قوات الدعم السريع لصالح شركات إماراتية.
  3. التأثير على مستقبل السودان: من خلال دعم الدعم السريع، تحاول أبوظبي ضمان وجود قوة موالية لها يمكنها التأثير في أي ترتيبات سياسية مستقبلية.

نحو تصعيد أم حسم؟

التقدم العسكري للجيش السوداني يضع قوات الدعم السريع في موقف دفاعي حرج، لكن المعركة لم تُحسم بعد، خاصة مع استمرار الدعم الخارجي لقوات حميدتي. كما أن طبيعة القتال في المدن تزيد من تعقيد العمليات، مما يعني أن الحرب قد تمتد لفترة أطول، ما لم يحدث تغيير سياسي جذري يفرض تسوية بين الطرفين.

في ظل هذه التطورات، يظل السودان ساحة مفتوحة لصراعات إقليمية ودولية، حيث تتداخل المصالح بين القوى الكبرى والإقليمية، مما يجعل مآلات الصراع مفتوحة على كافة الاحتمالات.