بدأت القصة في صيف 2017، حين تلقى “حازم ندا” -أمريكي يبلغ من العمر 34 عامًا يعيش في كومو في إيطاليا- رسالة نصية آلية من شركة الاتصالات المشترك بها: “كيف كانت خدمة العملاء لدينا؟”، استقبل حازم الرسالة في حيرة لأنه لم يتصل بالشركة مؤخرًا، وبعد اتصاله بأحد أصدقائه العاملين بها اكتشف أن شخصًا انتحل شخصيته وحصل على نسخ من سجل مكالماته.

بعد بضع أسابيع من هذه الواقعة، تلقى حازم تنبيهًا من مدير بنك Credit Suisse، حيث حسابه المصرفي، محذرًا إياه من أن شخص محتال -صاحب صوت أخنف وطفولي- قد اتصل هاتفيًا وطلب تفاصيل مصرفية… “هنا بدأت أشعر أن شيئًا ما يُحاك ضدي”، هكذا أخبرني حازم وهو يسرد لي الوقائع.

حازم ندى كان مؤسس شركة “لورد إنيرجي”، يشحن من خلالها النفط الخام والمواد الجافة مثل الأسمنت والذرة، وضعت اسمها بين الشركات الكبرى في السوق، وثبتت اسمها في أسواق من ليبيا إلى كوريا، الجابون إلى إيطاليا، وبعد تسع سنوات من إنشائها، أي بحلول 2017 كانت “لورد إنيرجي”، التي تتخذ لوغانو (مدينة سويسرية واقعة على الحدود مع كومو)، افتتحًا مكتبًا في سنغافورة، وآخر في هيوستن، وعائدات سنوية تقترب من ملياري دولار.

استطاع حازم ندا تكوين ثروة ضخمة، ويعيش حياة راقية للغاية مع زوجته السعودية التي تعرف إليها في سويسرا ولديهم الآن ابنة، ويعيشون في قصر في إيطاليا وجيرانهم من النخبة.

وعلى الرغم من الناجح الساحق الذي تمتع به حازم، شعر أن حياته بلا “هدف”، أو بمعنى أوضح بلا “رسالة”، خاصة حين كان يقارن نفسه بوالده يوسف ندا رجل الأعمال المعروف، الذي كان في ذلك العام يبلع من العمر 86.

انضم يوسف ندا لجماعة الإخوان المسلمين عام 1947 في الإسكندرية، كان في سن المراهقة آنذاك، وكانت الجماعة في طور النشأة والتأسيس،

لم ينخرط أبدًا في أعمال عنف، ولا حتى في أعمال الشغب التي سبقت انقلاب عام 1952 الذي أطاح بالنظام الملكي في مصر المدعوم من بريطانيا. لكن، مع توطيد قادة الانقلاب من سلطتهم، سجنوا الآلاف من أعضاء الإخوان، بمن فيهم يوسف نفسه، أمضى عامين في السجن، ثم غادر البلاد بعد الإفراج عنه، وأصبح من ألمع وأكبر رجال الأعمال في العالم، جمع ثروة ضخمة من أعماله التجارية في ليبيا، والنمسا، والولايات المتحدة، وأخيرًا في سويسرا، وأسس بنكًا، وفقًا للاقتصاد الإسلامي، وأصبح ممولًا رئيسيًا للإخوان ومبعوثًا دوليًا لهم، كان يحب أن يطلق على نفسه وزير خارجية الحركة.

لم ينشأ حازم نفس نشأة والده، وُلد في سيلفر سبرينج بولاية ماريلاند، لم يهتم بالسياسة أبدًا ولم يحبها، ولم يكن متدينًا كذلك، كان فقط يفتخر بهويته الأمريكية، علاقته بمصر كانت شبه معدومة، لقد زارها مرة واحدة ولم يكررها.

لكنه كان يملك شغفًا تجاه الفيزياء النظرية، وبعد تخرجه من جامعة روتجرز، حصل على درجة الماجستير في الفيزياء من جامعة كامبريدج ودكتوراه في الرياضيات التطبيقية من إمبريال كوليدج لندن، وبجانب الدراسة بدأ تداول النفط في وقت كانت إمبراطورية أعمال والده تنهار، لذلك كان يتاجر في السلع لدفع تكاليف دراساته العليا، ليجعل النفط حازم أكثر ثراءً مما يمكن أن تفعله الفيزياء إن استمر بها، ورغم الثروة والنجاحات لم تهدأ روح الباحث التي بداخله، ولم يفقد حلمه بالدخول إلى مجال صناعة السيارات الكهربائية، لأسباب عدة أحدها للتكفير عن تصدير الكثير من الوقود لكوكب الأرض.

كانت هذه حياة حازم قبل المكالمات المشبوهة، لم يؤرقه قبل ذلك سوى دخول الخنازير البرية لممتلكاته، والتي كان يتخلص منها بالاصطياد!

في خريف 2017، تعرضت شركة حازم لمحاولة جديدة من الاختراق، إذ اتصل رجل تظاهر بتمثيل Citibank بالشركة وطلب معلومات مصرفية عن “لورد إنيرجي”، مدعيًا أنه يريد معالجة دفعة، لكن في ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام، ظهرت الشركة بشكل غير متوقع في أحد إصدارات موقع Africa Intelligence  الخاص بالفضائح والتسريبات والمعلومات الاستخباراتية، وورد خبر عن الشركة يتعلق بتأخير مغادرة ناقلة لورد إنيرجي من الجزائر، وتحدث الموقع أن السلطات الجزائرية منعت مرور الناقلة في حين أن حازم كان قد قال إن وقوفها مؤقتًا لإصلاحات طفيفة، لكن اللافت للنظر أن المقال ألمح إلى أن التأخير كان مرتبطًا بانهيار بنك يوسف ندا، والد حازم، والذي بدأ في التهاوي في أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001.

لقد شجب يوسف ندا وأدان هو وقادة آخرون من جماعة المسلمين هذه الهجمات، بل استخدام العنف بشكل عام، وكان هذا سبب نعت “القاعدة” لهم بأنهم جبناء، لكن تأييد حركة حماس في فلسطين وضعهم في مأزق وشبهات بأنهم إرهابيين، وجعل البعض يقول عن يوسف بأنه “أسامة بن لادن” في بدلة مصرفي، وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر تبنت الحكومة الأمريكية أيضًا وجهة النظر هذه عن يوسف ندا، واتهمه الرئيس جورج بوش الابن علنًا بمساعدة تنظيم القاعدة في “تحويل الأموال حول العالم”، وفرضت سويسرا والاتحاد الأوروبي عقوبات عليه، وفتشت الشرطة منزله، وجمدت المؤسسات المالية أصوله، وانهارت ثروته.

لأكثر من عقد، كافح يوسف ندا لتبرئة اسمه، وفاز بدعوى تشهير ضد صحفي في صحيفة إيطالية اتهمه بدعم حماس ماليًا، كما أجرى ديك مارتي، السناتور والنائب العام السويسري السابق، تحقيقًا في العقوبات المفروضة على يوسف، وفي عام 2007 خلص إلى أن وضعه القائمة السوداء كان أمرًا “تعسفيًا”، وبعد خمس سنوات، قضت محكمة أوروبية بأن القيود السويسرية على ندى انتهكت حقوقه الإنسانية بلا أساس، وفي 26 فبراير/شباط 2015، أزالت وزارة الخزانة الأمريكية اسمه من قائمتها الخاصة بـ “الإرهابيين العالميين”، وأبلغته في خطاب مقتضب أن “الظروف التي أدت إلى تصنيفك كهذا. . . لم تعد سارية”.

أما حازم ندا، الذي أسس شركته “لورد إنيرجي” عام 2008، كان عليه أن يثبت لكل مصرفي قابله أن مشروعه لا علاقة له بوالده، وبالرغم من نجاحه في ذلك، جاء موقع Africa Intelligence عام 2017 ليشيع أن شركة حازم هي امتداد لشركات والده، وأنها ستار استخدمته العائلة إبان “الماراثون القانوني” حول تهم الإرهاب، وأكد الموقع أن “عائلة ندا واصلت ممارسة أنشطتها التجارية” عبر هذه الشركة.

في البداية، ظن حازم أن أحد المنافسين له في المجال هو من دبر نشر هذا المقال، ولكن سرعان ما بدأت تظهر ادعاءات أخرى أكثر خطورة. في 5 يناير/كانون الثاني 2018، نشر الصحفي سيلفان بيسون- صاحب كتاب كان هدفه التأكيد على وجود روابط بين يوسف ندا بمؤامرة إسلامية مفترضة- مقالًا في صحيفة Le Temps في جنيف، زعم فيه أن “لورد إنيرجي” كان غطاءً للإخوان المسلمين، وكتب بيسون: “لقد أعاد أبناء القادة التاريخيين للتنظيم تدوير أنفسهم في النفط والغاز”.

ثم نشر موقع Africa Intelligence مقالًا جديدًا قال فيه إن موظفي شركة “لورد إنيرجي” كانوا “نشطين في المجال السياسي والديني”.

ثم توالى النشر على مواقع مختلفة مغمورة مثل Medium، الذي نشر مقالًا بعنوان “لورد إنيرجي: الشركة الغامضة التي تربط بين القاعدة والإخوان المسلمين”؛ “التوافق: شركة الإخوان المسلمين التجارية لورد إنيرجي مرتبطة بكريدي سويس”، وفجأة بدأت صفحة الشركة على ويكيبديا يظهر بها أوصافًا ومعلومات حول علاقتها بالإرهاب.

بعد ستة أشهر من أول مقال لـ Africa Intelligence ، قامت World-Check ، وهي قاعدة بيانات تعتمد عليها البنوك لفحص العملاء، بإدراج كل من حازم ولورد إنيرجي ضمن فئة “الخطر”، وأنهم إرهابيين، وكنتيجة لذلك انسحبت خمس مؤسسات مالية من المفاوضات مع حازم ندا، وألغى UBS حسابه الشخصي – وألغى حساب والدته أيضًا.

بعد تسعة أيام، حذفت World-Check القائمة، وكتب أحد محامي الشركة إلى ندا “حدث هذا عن طريق الخطأ”، وقدم “خطاب اعتذار” يمكنه عرضه على البنوك وغيرها من المؤسسات، لكن الضرر كان قد وقع بالفعل، وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، كان Credit Suisse قد توقف تمامًا عن التعامل مع “لورد إنيرجي”.

رافق ديك مارتي، المدعي السويسري السابق، ندا إلى مكتب المدير الإقليمي لبنك UBS في محاولة لتوضيح الأمر، لكن المدير كان متعنتًا، وأخبرهم أن ذكر أي صلة بالإرهاب بغض النظر عن الحقيقة لا يجب أن يمر دون اتخاذ إجراء.

رأى مارتي أن حملة من المزاعم غير المثبتة دمرت والد ندا، والآن نفس الشيء يحدث لحازم، لكن على الرغم من أن مارتي كان يعرف سبب كره مبارك ليوسف، إلا أنه لم يستطع فهم أسباب استهداف حازم، ومن الذي يقف ورائها.

“إنه ليس متعصبًا”، كان هذا رأي مارتي في حازم، وأخبرني بذلك.

اضطرت شركة “لورد إنيرجي” إلى تسريح موظفيها لعدم قدرتها على تحمل حتى نفقات نقل الشحنات، أُصيب حازم في تلك الفترة بنوبات هلع، لم يكن يستطيع النوم، وفي إحدى الليالي تناول حبة دواء مقاومة للأرق لكن تأثيرها لم يدم طويلًا، ودخل في نوبة هلع وظل يرتجف حتى نقلته العائلة للمستشفى، وهناك “خدرني الطبيب مثل الفيل”.

استمرت نوبات الهلع لعدة أشهر، قال حازم: “كان لدي دائنون يطاردونني من جميع أنحاء العالم – الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية، الجابون، كل مكان… كان الأمر مريعًا”، وفي أبريل/نيسان من ذلك العام، أوقفت شركة “لورد إنيرجي” عملياتها وسعت إلى الحماية من الإفلاس.

قدم ندا بلاغًا للشرطة السويسرية أن شخصًا ما كان ينظم حملة لتشويه سمعته، وبعد تحقيق سريع جدًا، أخبره أحد الضباط أنه تم إغلاق الشكوى، ليجد حازم نفسه وحيدًا مع ملف القضية، في محاولة يائسة للحصول على إجابات.

أخبرني حازم أن الضابط كتب ملاحظات يصفه فيها بجنون العظمة، بالرغم من أن الشرطة كانت قد حصلت أيضًا على نسخ من طلبات الحصول على سجلات حول لورد إنيرجي ومسجد محلي، وكلاهما تم رفعه من قبل شركة استخبارات خاصة مقرها جنيف تدعى:  Alp Services.

شركة Alp Services هي شركة خاصة أسسها ماريو بريرو الذي أطلقت عليه Le Temps لقب “بابا المحققين السويسريين”، وُلد عام 1946، وقد زرته في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ورفض الحديث معي، قابلني قائلًا كلمتين فقط: “مرحبا… إلى اللقاء”، وأوضح أنه لم يتحدث أبدًا مع الصحفيين، مشيرًا إلى سرية العميل، “أنا رجل عجوز”.

من غير الواضح كيف بدأ بريرو حياته المهنية إذ أنه يقول إنه خريج معهد هندسي فيما يُقال إنه انسحب من الدراسة بعد فصل دراسي واحد، كما رفض المعهد مشاركة سجلاته، ولكن بحلول عام 1986 كان يدير شركة لتصدير أجهزة الكمبيوتر ومعدات تصنيع أشباه الموصلات من الولايات المتحدة إلى أوروبا، وجه المدعون الفيدراليون في سان فرانسيسكو الاتهام إليه لانتهاكه القوانين ضد تصدير تقنيات أمريكية حساسة إلى الكتلة الشرقية – إذ أنه أنشأ نظامًا للمشترين في أوروبا الغربية، لكن بريرو نفى الاتهامات وحل الأمر بالتوقيع على مرسوم الموافقة والخروج من العمل.

أخبرني موظفون سابقون في شركة Alp أن بريرو يصف تجاوبه مع القانون الأمريكي على أنه بداية حياته المهنية في مجال الاستخبارات الخاصة. كما يروي الأمر، اتصل بطريقة ما بجولز كرول، رائد صناعة استخبارات الشركات الحديثة في أمريكا، وأقنعه كرول بالبدء من جديد كمحقق في المركز المصرفي السري في جنيف.

لقد كان قرارًا ذكيًا: أصبحت المدينة مركزًا مزدهرًا لأعمال الاستخبارات، تحتاج بنوك جنيف إلى بذل العناية الواجبة بشأن العملاء المحتملين، كما تحتاج شركات المحاماة إلى البحث للتقاضي، وتحتاج النخبة الأجنبية التي تودع أصولها في سويسرا إلى جواسيس خاصين لخلافاتهم وقضايا الطلاق. علاوة على ذلك، عملت السلطات السويسرية على ترسيخ نهج عدم التدخل بشكل واضح في التنظيم، على الرغم من أن سويسرا تشتهر بالسرية المصرفية، إلا أنها تطرح أيضًا بعض الأسئلة على شركات الاستخبارات الخاصة، مما يجعل جنيف خيارًا جذابًا للعملاء الذين يتوقون إلى تجنب التدقيق.

ركزت أعمال بريرو في البداية على الأعمال العادية للبنوك وشركات المحاماة، جنبًا إلى جنب مع عدد قليل من حالات الطلاق الكبيرة، ولكن في عام 2012، وضعته فضيحة فرنسية في عناوين الأخبار، إذ قام رئيس قسم التعدين في شركة الطاقة النووية الفرنسية العملاقة أريفا، دون إبلاغ رؤسائه، بتعيين بريرو للتحقيق في احتيال محتمل من قبل رئيسها التنفيذي، آن لوفرجون، أو من قبل آخرين متورطين في الاستحواذ الكارثي على تعدين كندي بقيمة 2.5 مليار دولار شركة.

لم يظهر أي دليل على الفساد، لكن لوفرجون شعرت بالرياح من تطفل بريرو، ووجهت هي وزوجها ضده اتهامات بانتهاك الخصوصية في محكمة فرنسية، بدا أن بريرو يستمتع بالاهتمام: في المحاكمة ، قام بمضايقة المدعين لتسلية الحشد ، وتحدث بصراحة عن الحصول على سجلات ضريبية من سويسرا تُظهر أن زوج لوفرجون، وهو فرنسي، قد سرق الأموال هناك، وشهد بريرو أن “الشرعية يختلف معناها من مكان لآخر… في فرنسا، الطريقة الوحيدة للحصول على معلومات ضريبية عن المواطن غير قانونية، لكن في كانتون فود السويسري هذا ممكن تمامًا مقابل عشرة فرنكات.”

في الوقت نفسه، أقر بريرو بانتهاك القانون السويسري، قال إنه دفع لموظفي شركة الهاتف مقابل فواتير تسرد مكالمات العملاء، ويستخدم أحيانًا وكيل استخبارات خاص آخر كوسيط، وشهد بريرو “أعلم أن العمل الذي تقوم به هذه المصادر غير قانوني”، ورفض ذكر مصادره في المحكمة، لكن المدعين السويسريين اعتقلوا بعد ذلك الوكيل وثلاثة من موظفي شركة الهاتف فيما يتعلق ببيع سجلات المكالمات، وقالت لوموند إن بريرو قد خان شركائه لحماية نفسه، وكشفت المحاكمة أيضًا عن مهام أخرى غير لائقة ناقشها بريرو مع أريفا – مثل التجسس على منظمة السلام الأخضر – وبعض رسائل البريد الإلكتروني المحرجة.

هذه الفضيحة غيرت مسار بريرو، على الرغم من أن المحكمة الفرنسية فرضت عقوبة رمزية فقط على بريرو، فقد أدين بإقناع أحد موظفي شركة الهاتف بالكشف عن بيانات العملاء ونشر المعلومات التي تم الحصول عليها بوسائل غير قانونية، ولقد أخبرني موظفون سابقون أن الحكم أبعد شركات المحاماة والبنوك والشركات المهتمة بالسمعة، جنبًا إلى جنب مع عمالقة تحقيقات الشركات الدولية، مثل شركة كرول، التي سبق لها التعاقد من الباطن مع بريرو.

في الوقت نفسه، جذبت قضية أريفا زبائن أقل حساسية للتعامل مع Alp: القلة من الاتحاد السوفيتي السابق، والسياسيون ورجال الأعمال من الدول الأفريقية الصغيرة، والشيوخ وأباطرة المال من الشرق الأوسط، وكأن الفرصة سنحت لهم.

يعيد بريرو صياغة عرض مبيعاته، ويتحدث عن قدرته على نشر المعلومات السلبية بدلاً من مجرد جمعها، وصف تخصصه الآن بأنه “حملات اتصال فيروسية هجومية”.

بعد أن التقى ندا بضابط الشرطة السويسرية، أرسل بريدًا إلكترونيًا إلى صندوق البريد العام المدرج على موقع Alp على الويب، يشكو من تعرضه ” للاحتيال والاتصالات المشبوهة للحصول على معلومات خاصة بشأن شركتنا”، واقترح حل المشكلة “وديًا”، لم يتلق أي رد، وكان مشغولًا جدًا في تسوية مطالبات دائني شركة لورد إنيرجي.

لكن اسم Alp Services لم يفلت من عقله، وفي أوائل عام 2021، أرسل ندا بريدًا إلكترونيًا للشركة مرة أخرى، مهددًا “بالتداعيات الشخصية والمهنية على وكلائك وشركتك” إذا لم تصحح Alp المزاعم الكاذبة التي تستمر في نشرها على نطاق واسع ضد أعمال حازم، وبحلول أبريل/نيسان من ذلك العام، كانت زوجته على وشك أن تلد طفلهما الثاني، وكان التوتر الناجم عن انهيار اللورد إنيرجي يهدد استمرار زواجه.

بعد ذلك تلقى حازم رسالة مشفرة من رقم فرنسي غير مسجل لديه، وادعى المرسل، الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه يتحدث نيابة عن مجموعة من المخترقين الحراس الذين اخترقوا حسابات خدمات Alp على الإنترنت، وكدليل على صحة كلامه، قدم المرسل إلى ندى نسخة من رسالة التهديد التي أرسلها إلى بريد شركة Alp،  تشتت حازم بعد ذلك: هل كانت هذه خدعة أخرى من Alp نفسها؟ ثم أظهر الشخص لندا رسائل بريد إلكتروني داخلية في Alp حول توجيهات للنشطاء لكتابة مقالات على الإنترنت تصفه بأنه متطرف، في هذا الوقت تملك حازم غضبًا شديدًا، قال لي: “أردت أن آخذ البندقية وأصب غضبي فيمن فعل ذلك”.

أرسل له المخترقون رسائل بلغة إنجليزية خاصة مبعثرة بالفرنسية والإيطالية، وتنوع الأسلوب بمرور الوقت، افترض ندا أنه كان يتعامل مع مجموعة من الرجال الأوروبيين، بدوا في بعض الأحيان صالحين، كما لو كانوا ناشطين في الخارج لفضح أخطاء بريرو، لكن دافعهم الرئيسي كان واضحًا، قال لي ندا “طلبوا مني أن أدفع لهم مقابل هذه المعلومات”… هل استهدف المخترقون شركة Alp كجزء من نزاع بعيد عن حازم ثم اكتشفوا شيئًا اعتقدوا أنه يمكنهم بيعه؟ أم أنهم استهدفوا محققًا خاصًا في جنيف على أساس أنه بالطبع يحمل أسرارًا قيمة؟

عرض المخترقون بيع ملفات Alp الخاصة بهم لحازم ندا، كان حجمها كبيرًا جدًا: تيرابايت من المواد المسروقة، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني، والعروض والتقارير، والصور، والفواتير، والمكالمات الهاتفية المسجلة – مقابل ثلاثين مليون دولار من العملات المشفرة. لكن حازم أخبر المخترقين أنه لم يكن راغبًا ولا قادرًا على الدفع لهم مقابل معلوماتهم، لكن الرسائل استمرت في الوصول له، وبعد حوالي أسبوعين، قدم المخترقون طلبًا مختلفًا: أرادوا أن يقوم ندا بدور رسول، وأن ينقل مبيعاتهم إلى مشترٍ محتمل أكثر ثراءً، كان هؤلاء الأشخاص يضغطون على ندا للاستفادة من مسروقاتهم، ومع ذلك، كان من الصعب على حازم مقاومة فرصة الانتقام.

وبسبب قلقه من احتمال اتهامه بالتحريض على القرصنة، أبلغ ندا السلطات السويسرية بذلك في غضون يومين من أول اتصال، ذهب عميل المخابرات السويسرية، أنطونيو كوفر، إلى المستشفى حيث كانت زوجة ندا تلد والتقط صورا للرسائل المشفرة، وأظهر لي ندا رسائل بريد إلكتروني أرسلها إلى الشرطة المحلية بشأن الاختراق، لكن لم يتابع أحد.

الجدير بالذكر أن محامي Alp أكد، دون رؤية الملفات المسروقة، أن بعضها “مزور بشكل واضح”، لكنه رفض تحديد الملفات التي شكك فيها.

يتبع..

النص كاملًا من المصدر هنا

 

https://www.newyorker.com/magazine/2023/04/03/the-dirty-secrets-of-a-smear-campaign