في تطور عسكري لافت يُنذر باتساع رقعة المواجهة في المنطقة، أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة أنصار الله (الحوثيين)، العميد يحيى سريع، صباح الأحد، عن تنفيذ عملية عسكرية “نوعية” استهدفت أهدافاً حساسة في مدينة يافا المحتلة، بالتزامن مع هجمات صاروخية ومسيّرة مكثفة أطلقتها إيران على مواقع داخل الأراضي الإسرائيلية، في مشهد يعكس مستوى التنسيق العالي بين محور المقاومة، ويضع إسرائيل أمام تحديات أمنية غير مسبوقة منذ تأسيسها.

هجوم مركّب ومنسق: اليمن وإيران على خط المواجهة

وبحسب سريع، فإن العملية جاءت “ضمن التزام جماعة أنصار الله تجاه القضية الفلسطينية”، مضيفاً أن التوقيت المتزامن مع الضربات الإيرانية يحمل رسالة بأن الرد الإقليمي على التصعيد الإسرائيلي أصبح أكثر تنسيقاً وحدة.

من جهتها، أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل تتعرض منذ ساعات الفجر لهجوم مزدوج، يشمل إطلاق صواريخ من إيران واليمن، تزامناً مع وصول أسراب من الطائرات المسيّرة إلى أجواء “منطقة تل أبيب الكبرى”، وهو ما أكدته أيضاً وسائل إعلام عبرية أخرى وصفت الهجوم بأنه “الأوسع منذ بدء التصعيد”.

ضربات ضد إسرائيل.. ورد في اليمن

وفي ظل هذا التصعيد، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن سلاح الجو الإسرائيلي شنّ غارة على هدف داخل اليمن، في محاولة لاحتواء مصادر إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة.

ونقلت قناة “كان” العبرية عن مصدر أمني قوله: “إذا نجحت الضربة في اليمن، فإنها ستكون تطوراً دراماتيكياً”، مشيرة إلى أن الهدف المحتمل كان رئيس هيئة الأركان في جماعة الحوثيين، محمد عبد الكريم الغماري، دون أن تؤكد الجماعة أو تنفي إصابته.

كما أورد موقع “أكسيوس” الأميركي نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع، أن “إسرائيل حاولت تصفية شخصية بارزة في القيادة العسكرية الحوثية”، مما يعكس حجم القلق الإسرائيلي من تصاعد الدور الحوثي في الهجمات على الداخل الإسرائيلي.

عبد الملك الحوثي يعلن الحرب المفتوحة

وفي خطاب متلفز أذيع مساء السبت عبر قناة “المسيرة”، قال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي إن “الحرب ضد الكيان الصهيوني دخلت مرحلة جديدة”، مؤكداً أن جماعته “لن تتوقف عن استهداف إسرائيل ما دامت تعتدي على غزة وشعوب المنطقة”.

وأضاف أن “ما يجري اليوم هو بداية لحرب مفتوحة ستشهد فصولاً أكثر عنفاً واتساعاً”، موجهاً تهديدات مباشرة لتل أبيب وحلفائها في المنطقة، ومشدداً على أن موقف جماعته متقدم في محور المواجهة.

أبعاد إستراتيجية للتنسيق الإقليمي

الهجمات الحوثية الأخيرة، إلى جانب الضربات الإيرانية المباشرة، تشير إلى مرحلة جديدة من الانخراط الإقليمي المباشر في الصراع، تتجاوز حدود الدعم السياسي أو العسكري غير المباشر إلى تنفيذ عمليات متزامنة ومنسقة على جبهات متعددة.

ويعكس ذلك حالة اصطفاف جيوسياسي لم يسبق لها مثيل، خاصة بعد سنوات من النزاع المحدود خارج الأراضي الإسرائيلية.

ويرى محللون أن إسرائيل تواجه الآن “حرب استنزاف مركّبة” تشمل تهديدات من الشمال (لبنان وسوريا)، والشرق (إيران)، والجنوب (اليمن وغزة)، مما يشتت جهودها الدفاعية ويضعف قدرتها على احتواء التهديدات المتعددة في آنٍ واحد.

فشل المنظومة الدفاعية؟

الهجوم على يافا، رغم تمركز الدفاعات الجوية الإسرائيلية في محيط “تل أبيب الكبرى”، يثير تساؤلات حول فاعلية القبة الحديدية وغيرها من الأنظمة في التصدي لهجمات متعددة المحاور، خاصة المسيّرات ذات البصمة الحرارية الصغيرة.

وقد تداول ناشطون مقاطع مصورة تُظهر دوي انفجارات قرب الساحل الإسرائيلي، دون أن تتمكن المنظومات الدفاعية من اعتراضها جميعاً.

الرسائل الإقليمية وتداعيات المستقبل

تصعيد الحوثيين في هذا التوقيت لا يمكن فصله عن تطورات الحرب في غزة، والغارات الإسرائيلية المتكررة على سوريا والعراق، والاغتيالات التي طالت قيادات من الحرس الثوري.

وتحمل هذه الهجمات رسائل متعددة: أبرزها أن أي ضربة ضد إيران أو وكلائها لن تمر دون رد، وأن “الردع المتبادل” أصبح جزءاً من معادلة الصراع.

وربما تمثل هذه الهجمات بداية لتغير جذري في قواعد الاشتباك بالمنطقة، إذ بات واضحاً أن محور المقاومة – على اختلاف مشاربه – قادر على التنسيق الميداني والتنفيذي بشكل فعال، وهو ما قد يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى مراجعة خياراتهما بشأن أي تصعيد إضافي.

في الخلاصة:

الهجوم الحوثي على يافا، بالتزامن مع ضربات إيران، يمثل تطوراً نوعياً في مسار المواجهة بين محور المقاومة وإسرائيل، ويكشف عن مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي قد تتسع لتشمل مواجهات مباشرة مع القواعد الأميركية في الخليج أو البحر الأحمر.

وإذا استمر هذا التنسيق، فإن الحرب التي ظلت محصورة في غزة، قد تنفجر قريباً في كل الجبهات.

اقرأ ايضًا : صواريخ إيران ترعب الاحتلال: سفير أميركا يهرع للملاجئ 5 مرات ويعترف بـ”ليلة قاسية”