كشفت هيئة البث الإسرائيلية، عن نتائج تقرير تشريح جثة القائد العسكري لحركة حماس، يحيى السنوار، مؤكدة أنه لم يكن تحت تأثير أي مواد مخدرة أثناء قتاله في الصفوف الأولى ضد القوات الإسرائيلية.

هذا الإعلان شكل صدمة للأوساط العسكرية والسياسية في تل أبيب، التي طالما حاولت الترويج لرواية مفادها أن مقاتلي النخبة في حماس يعتمدون على عقار “الكبتاغون” أثناء العمليات القتالية.

وأفاد التقرير الذي أعده الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية أن الاختبارات التي أجريت على عينات دم السنوار جاءت جميعها سلبية فيما يتعلق بأي مواد مخدرة، في حين أن المادة الوحيدة التي ظهرت بتركيز مرتفع في دمه كانت “الكافيين”، وهي مادة شائعة في القهوة.

هذه النتائج تفضح الرواية الإسرائيلية التي سعت منذ سنوات إلى تشويه صورة المقاومة الفلسطينية عبر مزاعم لا أساس لها من الصحة.

صمود أسطوري

في أكتوبر 2024، وبعد عام كامل من بدء عملية “طوفان الأقصى” التي قادتها فصائل المقاومة الفلسطينية، استشهد السنوار بمدينة رفح، إلا أن التفاصيل التي ظهرت لاحقًا أثبتت أنه قاتل بشراسة حتى اللحظة الأخيرة، في مشهد أسقط كثيرًا من المزاعم التي حاول الإعلام العبري الترويج لها.

وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية، فقد عُثر بجوار جثة السنوار على مقتنيات شخصية تعكس طبيعته المتزنة والمقاوِمة، حيث كانت بحوزته سبحة، وزجاجة عطر، وكتيبات أدعية، إضافة إلى مصباح صغير وسلاح أبيض.

أما عن ظروف اغتياله، فإن اللقطات أظهرت أن السنوار تم رصده كمقاتل بالقسام دون الكشف عن صفته كقائد بحماس حيث أنه كان ملثم قبل أن يصيب ويرسل الاحتلال “درون” للتحقق من مقتله فيُلقي لوحًا خشبيًا نحوها قبل لحظات من استشهاده وهو ما أكد على أنه كان يقاتل حتى اللحظة الأخيرة، ولم يكن مختبئًا كما زعمت بعض الروايات.

وعلى الرغم من ذلك، قرر الجيش الإسرائيلي عدم استخراج الرصاصات من رأسه، مما يعني استحالة معرفة الجندي الذي أطلق النار عليه، وهي خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول طبيعة العملية وملابساتها الحقيقية.

التحليل الإسرائيلي وتداعياته المستقبلية

التقرير الصادر عن هيئة البث الإسرائيلية لم يكن مجرد إعلان طبي، بل حمل أبعادًا استخباراتية واستراتيجية، حيث أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن قيادات بارزة في الجيش تدرس التقرير من جميع جوانبه، خشية أن تؤدي هذه المعلومات إلى تعقيدات جديدة على المستوى السياسي والعسكري.

فالغياب التام لأي مواد مخدرة في دم السنوار، وتأكيد أنه كان في كامل وعيه أثناء المواجهة، يشكل ضربة قوية لجهود الاحتلال في تصوير المقاومة على أنها تعتمد على وسائل غير مشروعة في القتال. 

وعلى الجانب الآخر، فإن هذه النتائج تعزز الرواية الفلسطينية التي أكدت دائمًا أن مقاتليها يتحركون بدافع العقيدة والإيمان بالقضية، لا تحت تأثير المخدرات أو أي مواد منشطة.

بالتزامن مع ذلك، استمرت الضغوط من جانب أسرة السنوار لاستعادة جثمانه، حيث يُعتقد أن شقيقه، محمد السنوار، جعل هذا الملف أحد محاور التفاوض خلال محادثات وقف إطلاق النار الأخيرة، إلا أن إسرائيل رفضت حتى الآن تسليم الجثمان، وهو ما قد يزيد من تعقيد المفاوضات مستقبلًا.

في النهاية، فإن التقرير الذي كشفه الجيش الإسرائيلي لم يحقق الهدف الذي كانت تسعى إليه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بل جاء بنتائج عكسية، حيث عزز صورة يحيى السنوار كمقاتل صلب، رفض الاستسلام حتى الرمق الأخير، وهو ما قد يلهم جيلًا جديدًا من الشباب الفلسطيني للمضي قدمًا في طريق المقاومة، رغم محاولات الاحتلال المستمرة للقضاء عليها.

اقرأ أيضًا : قمة الرياض.. لقاء للتنسيق أم تواطؤ على فلسطين؟