شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تطورات عسكرية متسارعة، حيث تمكن الجيش السوداني من تحقيق تقدم ملموس في مختلف المحاور القتالية ضد قوات الدعم السريع.
وأفاد مصدر ميداني بأن القوات المسلحة نجحت في استعادة بلدة التروس، الواقعة بين ولايتي النيل الأبيض وسنار، بعد معارك ضارية تكبدت فيها قوات الدعم السريع خسائر فادحة.
وكانت هذه البلدة تشكل نقطة استراتيجية استغلتها قوات الدعم السريع لشن هجمات متكررة على الجيش السوداني في ولايتي النيل الأبيض وسنار.
وفي بيان رسمي، أعلن الجيش السوداني عن تنفيذ عمليات عسكرية نوعية، أبرزها كمين محكم بالمحور الشرقي لمدينة الفاشر، أسفر عن مقتل 30 عنصراً من قوات الدعم السريع وتدمير أربع مركبات عسكرية.
كما شنت القوات الجوية السودانية غارات على مواقع الدعم السريع في مطار نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، مما أدى إلى تكبيد الميليشيات خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.
في الوقت ذاته، واصلت القوات المشتركة عمليات التمشيط والهجوم المباغت، مستهدفة معاقل الدعم السريع في المناطق الجنوبية والشرقية للمدينة، ما أسفر عن الاستيلاء على كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر.
مجازر جديدة في الخرطوم وسط انتهاكات ممنهجة
في المقابل، واصلت قوات الدعم السريع ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، حيث أكدت مجموعة “محامو الطوارئ” الحقوقية مقتل 8 مدنيين، بينهم سيدتان، في أحياء بري اللاماب والجريف غرب شرقي الخرطوم.
وأشارت المجموعة في بيانها إلى أن قوات الدعم السريع شنت خلال الأسبوع الماضي مداهمات واسعة لمنازل المدنيين، وفرضت حصاراً خانقاً على أحياء البراري وامتداد ناصر، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء، وتسبب في وفاة عدد من الأطفال جراء الجوع وانعدام الرعاية الصحية.
واستنكرت المجموعة الحقوقية هذه الجرائم، مؤكدة ضرورة محاسبة المسؤولين عنها وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الإمدادات الضرورية إلى المدنيين المحاصرين.
كما أشارت التقارير إلى أن الميليشيات استخدمت أساليب القمع العشوائي، بما في ذلك إطلاق الأعيرة النارية على المواطنين العزل، مما أدى إلى وقوع مزيد من الإصابات بين السكان.
دور خارجي في تأجيج النزاع ودعم الميليشيات
وسط هذه التطورات الدامية، تتزايد التقارير التي تشير إلى دور خارجي في إذكاء نار الصراع في السودان، وعلى رأسها دعم الإمارات لقوات الدعم السريع.
فبحسب مصادر استخباراتية وتقارير دولية، قدمت الإمارات دعماً لوجستياً وعسكرياً لقوات الدعم السريع، مما ساهم في استمرار عملياتها العسكرية ضد الجيش السوداني وتكثيف هجماتها على المدنيين.
ويُعتقد أن هذا الدعم الإماراتي يأتي في إطار استراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز نفوذ أبوظبي في السودان، وضمان وجود وكلاء موالين لها في المشهد السياسي والعسكري السوداني.
وقد أثارت هذه التحركات الإماراتية انتقادات واسعة، حيث اتُهمت أبوظبي بتأجيج النزاع المسلح على حساب استقرار السودان ووحدة أراضيه.
من جهة أخرى، حذرت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، حيث يعاني ملايين الأطفال من الجوع وسوء التغذية، وسط عجز المنظمات الإغاثية عن الوصول إلى المحتاجين بسبب استمرار المعارك والحصار المفروض على عدة مناطق.
وفي ظل هذه التطورات، تتزايد الدعوات الدولية لوقف القتال والبحث عن حل سياسي شامل ينهي الأزمة المتفاقمة في البلاد.
ومع ذلك، يبقى المشهد العسكري مرشحاً لمزيد من التصعيد في ظل استمرار الدعم الخارجي للميليشيات، وعدم وجود ضغوط حقيقية لوقف الانتهاكات ضد المدنيين.
اقرأ أيضًا : الإمارات وتأجيج الصراع في السودان.. دعم قوات الدعم السريع يعمّق المأساة الإنسانية
اضف تعليقا