دخلت الحرب في السودان عامها الثالث، وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة، تُوصف اليوم بأنها الأسوأ في العالم من حيث النزوح والجوع والانهيار الصحي والتعليمي. لكن خلف هذا المشهد الدموي، لا تقف الأطراف السودانية وحدها، بل تبرز أدوار إقليمية مشبوهة، وعلى رأسها النظام الإماراتي، الذي ساهم في إشعال الصراع وتغذيته بوسائل متعددة.
حرب بلا أفق… وعام ثالث من الجحيم
▪️ اندلعت المواجهات المسلحة في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، وبدأت من العاصمة الخرطوم لتتوسع بسرعة إلى معظم ولايات البلاد.
▪️ خلال عامين، تحولت المدن السودانية إلى ساحات خراب، حيث انهارت البنى التحتية، وتفشى النهب، وتعرضت المنشآت الحيوية من جسور ومحطات كهرباء ومصافي نفط ومطارات للتدمير.
▪️ ووفق الأمم المتحدة، فإن أكثر من 30.4 مليون سوداني باتوا بحاجة ماسة للمساعدات، فيما نزح أكثر من 11 مليونًا داخليًا، ولجأ نحو 4 ملايين إلى دول الجوار، ما يجعلها أكبر أزمة نزوح في العالم.
دور النظام الإماراتي في إشعال الحرب
▪️ لا يمكن قراءة مشهد الحرب السودانية بمعزل عن الدور الإماراتي التخريبي، حيث كشفت تقارير دولية وصحيفة الغارديان البريطانية عن تورط أبوظبي في تزويد قوات الدعم السريع بالسلاح عبر جسور جوية سرية إلى تشاد، ما اعتُبر خرقًا لحظر الأسلحة وتغذية مباشرة للصراع.
▪️ وأكد تقرير سري للأمم المتحدة في نوفمبر 2023، أن 24 رحلة شحن جوي إماراتية وصلت إلى تشاد خلال عام واحد فقط، يُعتقد أن كثيرًا منها انتهى إلى أيدي قوات الدعم السريع، بالتزامن مع التصعيد في مدينة الفاشر.
▪️ الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يهدف إلى تمكين نفوذ أبوظبي في مناطق استراتيجية مثل دارفور والبحر الأحمر، ضمن مشروع أوسع لإعادة تشكيل خارطة النفوذ في شرق إفريقيا لصالح أبوظبي وتل أبيب.
أرقام كارثية ومآسٍ بلا نهاية
▪️ تقديرات مستقلة تُرجّح أن عدد ضحايا الحرب تجاوز 150 ألف قتيل، رغم أن الرقم الرسمي لا يزال عند 20 ألفًا فقط.
▪️ رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، دانيال أومالي، وصف ما يحدث بأنه “انتهاك واسع النطاق للقانون الإنساني الدولي”، مؤكدًا أن المدنيين يتحملون كامل ثمن الحرب.
▪️ الأطفال تحديدًا يعيشون أسوأ الكوابيس:
– أكثر من 3 ملايين مهددون بالموت نتيجة الجوع والأمراض.
– 17 مليون طفل خرجوا من مقاعد الدراسة، في واحدة من أكبر أزمات التعليم في العالم.
استعادة رمزية للقصر الرئاسي… لا تغيّر المعادلة
▪️ في 26 مارس 2025، حقق الجيش السوداني اختراقًا مهمًا باستعادة القصر الرئاسي في الخرطوم بعد نحو عامين من سيطرة الدعم السريع عليه، إلا أن ذلك لم ينعكس حتى الآن على الأرض لصالح المدنيين.
▪️ فما زالت مناطق واسعة تحت نيران القتال، وما زال التحالفات الإقليمية، خاصة الإماراتية، تواصل صب الزيت على النار.
بينما يغرق السودان في عام ثالث من الحرب والنزوح والجوع والانهيار، تواصل الإمارات لعب دور خفي ولكنه محوري في تأجيج النزاع، بدعم ميليشيات على حساب الدولة، لتحقيق أهداف اقتصادية وجيوسياسية عبر الدم السوداني.
وفي ظل صمت دولي مطبق وتقاعس أممي، يبدو أن المدنيين وحدهم من يدفعون الثمن، بينما تُدار الحرب كملف إقليمي بارد، يُشعل نيرانه نظام يبحث عن النفوذ بأي ثمن.
اقرأ أيضا: تسريبات أممية تفضح دور النظام الإماراتي في تسليح الميليشيات السودانية عبر تشاد
اضف تعليقا