بعد الفشل الساحق والهزائم المتتالية التي مني بها الانقلابي خليفة حفتر عسكريا علي الأرض، وما مثله هذا من صفعة لحلف الشر الذي تتزعمه الإمارات وإلي جانبها نظام السيسي في مصر، سارع هذا الحلف لمحاولة إنقاذ حليفهم المهزوم وإيجاد مخرج لانتشاله من مستنقع الهزائم المتكررة منذ أكثر من عام بعد هجومه الفاشل علي العاصمة طرابلس، عن طريق طرح ما سموه “مبادرة سياسية” تستهدف حل الصراع في ليبيا حسب زعمهم.
مبادرة من لا يملك لمن لا يستحق
وجاءت المبادرة التي أعلنها السيسي في مؤتمر صحفي عقده في القاهرة بحضور كلا من خليفة حفت، ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، وقال فيها إنه اتفق مع الاثنان علي طرح “مبادرة” سياسية لإنهاء الصراع في ليبيا.
وتضمنت المبادرة بنودا عدة أهمها هو إعلان وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 8 يونيو/حزيران، والعودة للمفاوضات، كما تطرح المبادرة تنظيما جديدا لشكل مجلس النواب والمجلس الرئاسي، وطريقة تمرير الدستور.
وقوبلت المبادرة بموجة من السخرية من أوساط سياسية وشعبية ليبية، حيث اشترطت المبادرة شروطا تعجيزية على الطرف المنتصر عسكريا على الأرض وهو حكومة الوفاق، فضلا عن أنها صدرت من جهة ليست ذي صفة فيما يخص الملف الليبي.
وعلق على “المبادرة” رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، السبت، قائلا: “ليبيا دولة ذات سيادة وترفض التدخل المصري في شؤونها”.
وأضاف المشري، خلال مداخلة هاتفية مع قناة “الجزيرة” الإخبارية: “حفتر يريد العودة إلى طاولة المفاوضات بعد تكبده الهزيمة ونحن نرفض ذلك، والقاعدة الشعبية له لم تعد موجودة”.
وأضاف: “نستغرب أن يضع حفتر شروطا وهو المهزوم عسكريا “
وشدد المسؤول الليبي على أن “حفتر أداة بيد دول إقليمية، ونرفض أي تبعية أو إملاء للشروط، والمطلوب من حفتر هو الاستسلام وأن يتم تقديمه لمحاكمة عسكرية”
وحول التدخل الإماراتي في بلاده، قال المشري “نعتبر أنفسنا في حالة قطيعة وحرب مع الإمارات.”
من جانبه علق المتحدث باسم الجيش الليبي، محمد قنونو علي المبادرة، السبت، قائلا، إن “الجيش الليبي لم يبدأ الحرب، لكنه هو من يحدد زمان ومكان نهايتها”.
وأضاف، في بيان نشره المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب عبر “تويتر”: “ليس لدينا وقت فراغ لمشاهدة هرطقات مجرم الحرب (حفتر) على الفضائيات”.
ومُنيت مليشيا حفتر، في الفترة الأخيرة، بهزائم عديدة على يد الجيش الليبي، الذي أعلن الجمعة، تحرير مدينة ترهونة الواقعة على بعد90 كلم جنوب شرق طرابلس، بعد يوم من الإعلان عن استكمال تحرير العاصمة من مليشيا حفتر. وبدعم من دول عربية وأوروبية، تشن مليشيا حفت، منذ 4 أبريل/ نيسان 2019، هجوما فشل في السيطرة على طرابلس (غرب)
رد ميداني للوفاق
ويبدو أن حكومة الوفاق قد اختارت أن يكون ردها علي المبادرة هو الرد الميداني علي الأرض، فقد واصلت قوات الجيش الوطني تقدمها باتجاه مدينة سرت علي الساحل الليبي.
وأعلن الجيش الليبي، السبت، تحقيق تقدم في عملية تحرير مدينة سرت، شمالي وسط البلاد، إلى جانب قصف آليات عسكرية لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، بمحيط المدينة.
جاء ذلك في تصريح لآمر غرفة عمليات تأمين وحماية سرت والجفرة العميد إبراهيم بيت المال، نشرته صفحة الغرفة على “تويتر”.
وقال العميد، في تصريحه: “قواتنا بسطت سيطرتها قبل قليل على بوابة الثلاثين والمحطة البخارية بسرت (450 كلم شرق طرابلس) ضمن عملية (دروب النصر)، والتقدم ما زال مستمرا لتحرير باقي المنطقة من فلول مليشيا حفتر الإرهابية”، دون تقديم تفاصيل أخرى.
وفي وقت سابق السبت، صرح الناطق باسم الغرفة ذاتها العميد الهادي دراه، بأن “سلاح الجو استهدف عربات مسلحة وآليات مدرعة لمليشيا حفتر قرب سرت، خلال تقدم قواتنا نحو المدينة”.
وأضاف عبر حساب الغرفة على “تويتر”: “قواتنا تستمر في تقدمها بثبات ضمن عملية دروب النصر”.
من جانبها، قالت صفحة “بركان الغضب” على فيسبوك، التابعة للجيش الليبي، إن القوات تمكنت خلال تقدمها داخل سرت، من تدمير مدرعة إماراتية تابعة لمليشيا حفتر.
كما نشرت الصفحة مقطع فيديو قالت إنه “يُظهر جانبا من فرار مليشيا حفتر من سرت، أمام ضربات قواتنا الباسلة”.
والسبت، أعلن الجيش الليبي إطلاق عملية “دروب النصر” لتحرير مدن وبلدات شرق ووسط البلاد، في مقدمتها سرت والجفرة من مليشيا حفتر.
ودخلت قوات الوفاق مدينة سرت وواصلت تقدمها شرقا، وأرغمت قوات حفتر على الانسحاب من قاعدة الجفرة بوسط البلاد.
وأكد مصدر عسكري من قوات الوفاق انسحاب قوات حقتر من قاعدة الجفرة الجوية باتجاه مدن شرق البلاد
ولاحقا، أعلن الجيش تحرير منطقة الوشكة المحيطة بمدينة سرت، والتقدم في منطقة “بويرات الحسوان”، التي تبعد 95 كم عن المدينة.
كما أعلن الجيش الليبي، السبت، إسقاط طائرتين مسيرتين داعمتين لمليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في مدينة سرت، شمالي وسط البلاد، وفق بيان وتصريح لمسؤول عسكري.
وقالت عملية “بركان الغضب” التابعة للجيش، عبر حسابها على “فيسبوك”: “قواتنا البطلة تنجح في إسقاط طائرة إماراتية مسيرة وينق لونق، عند بوابة 30 في سرت (450 كلم شرق طرابلس)”.
ولاحقا، قال الناطق الرسمي باسم “غرفة عمليات سرت والجفرة”، التابعة للجيش، العميد عبد الهادي دراه، لقناة “ليبيا بانوراما” (الخاصة)، إن قواته أسقطت طائرة مسيرة ثانية داعمة لحفتر في الحدود الإدارية لسرت.
ولم يذكر بيان “بركان الغضب” ولا المسؤول العسكري الليبي أي تفاصيل أخرى بالخصوص.
وفي وقت سابق السبت، أعلن الجيش الليبي، في بيان، أن قواته تتقدم من 3 محاور إلى وسط سرت، وسط فرار مليشيا حفتر.
ترحيب من داعمي حفتر
ورحبت دول غربية وعربية، غالبيتها داعمة للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، بـ”المبادرة السياسية” التي أعلن عنها عبد الفتاح السيسي، السبت، وقال إنها لحل الصراع الدائر في ليبيا.
ففي باريس، أعرب وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، في اتصال هاتفي مع نظيره المصري سامح شكري، عن دعم باريس لاستئناف العملية السياسية في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، واستنادا لمقررات مؤتمر برلين.
وهنأ لودريان، مصر على الجهود التي بذلتها في الملف الليبي، ورحب بالنتائج التي تحققت بهدف الوقف الفوري للقتال واستئناف المفاوضات في إطار اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، وإبرام سريع لوقف إطلاق النار يضمن مغادرة المرتزقة الأجانب من ليبيا، وفق بيان للخارجية الفرنسية.
وكان حفتر رفض الاستجابة لنتائج مؤتمر دولي حول ليبيا، عقد في برلين، يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ودعا في أبرز نتائجه إلى التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات، للبحث عن حل سياسي للنزاع.
من جانبها، قالت السفارة الروسية بمصر، في بيان، تعليقا على مبادرة القاهرة: “تقدمت مصر اليوم بمبادرة هامة لإنهاء الأزمة في ليبيا، ونرحب بكل الجهود الرامية إلى تسوية النزاع واستعادة السلام في كافة الأراضي الليبية”.
أيضا صدرت ترحيبات بالمبادرة من قبل السعودية حسب ما نشرت عبر وكالتها الرسمية (واس)، ووزارة الخارجية البحرينية في بيان، وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي عبر حسابه على “تويتر”، والجامعة العربية في بيان.
والدول المرحبة بالمبادرة في غالبيتها معروفة بدعمها لحفتر، إذ تتهم الحكومة الليبية كل من مصر والإمارات وروسيا وفرنسا والأردن بدعم عدوان حفتر على طرابلس، بالسلاح والمرتزقة، لكن تلك الدول تنفي ذلك بشكل متكرر
.
لمزيد من التقارير: واشنطن بوست: روسيا تلعب لعبة مزدوجة في ليبيا من أجل توسيع نفوذها في المنطقة
اضف تعليقا