في تطور دبلوماسي لافت يعكس تغيّرًا في المواقف الدولية، رحبت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ببيان مشترك صادر عن 80 دولة أعربت فيه عن قلقها العميق حيال الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، معتبرةً أن هذا البيان يمثل مؤشرًا واضحًا على اتساع دائرة الرفض العالمي لما وصفته بـ”الإبادة الجماعية والتطهير العرقي” الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023.
البيان، الذي وصف غزة بأنها تشهد “أسوأ أزمة إنسانية” منذ اندلاع الحرب، أكد على ضرورة الالتزام الصارم بحماية المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي، وشدد على أن استغلال المساعدات لأغراض سياسية أو أمنية أمر مرفوض.
في هذا السياق، طالبت حماس الدول الموقعة على البيان باتخاذ خطوات عملية تتجاوز حدود التنديد، داعية إلى الضغط الفعلي لرفع الحصار المفروض على القطاع، وإنهاء سياسة التجويع الجماعي، ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية على جرائمها أمام المحافل الدولية.
وفي موقف داعم لهذا التوجه، وصف المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، ممارسات الاحتلال بأنها “استخدام للجوع كسلاح”، مطالبًا الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتدخل العاجل لكسر الحصار عن 2.3 مليون فلسطيني يواجهون خطر المجاعة.
أما برنامج الأغذية العالمي، فقد حذر من أن المساعدات التي دخلت القطاع لا تمثل سوى “قطرة في بحر” الاحتياجات المتزايدة، مشددًا على أن الوضع ينذر بكارثة إنسانية ما لم يتم تأمين ممرات آمنة ودائمة لإيصال الغذاء والدواء دون عراقيل.
ورغم إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن السماح بدخول 100 شاحنة محمّلة بالمساعدات، فإن الأمم المتحدة أكدت أن أياً من تلك المساعدات لم تصل إلى مستحقيها بسبب الفوضى الأمنية وتعقيدات التوزيع داخل القطاع.
هذه الموجة الدولية من الإدانات، وإن كانت متأخرة، تشكل تحديًا سياسيًا لإسرائيل، وتعكس بداية انزياح في خطاب المجتمع الدولي الذي طالما تغاضى عن الانتهاكات تحت ذرائع “الحق في الدفاع عن النفس”. وتأتي دعوة حماس إلى ترجمة المواقف إلى إجراءات ملموسة كاختبار فعلي لمدى جدية العالم في التصدي للجرائم الجماعية ومنع الإفلات من العقاب.
إن التوصيف الصريح للجوع كسلاح حرب، والتحذيرات المتكررة من خطر المجاعة الشاملة، تضع إسرائيل أمام اتهامات غير مسبوقة، وتزيد من الضغط على الحكومات الغربية التي لم تعد قادرة على تبرير صمتها أمام الرأي العام العالمي المتضامن مع معاناة الفلسطينيين في غزة.
في ضوء ذلك، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الإدانة الدولية مجرد بيان عابر، أم نقطة تحول في مسار محاسبة الاحتلال على جرائمه؟
اقرأ أيضا: هدنة مشروطة ومفاوضات متعثرة.. حماس تحذر من الصفقات الجزئية
اضف تعليقا