حثت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية على وقف حملات الاعتقال التعسفي التي تستهدف الصحافيين، والنشطاء، والمحامين، والمعارضين السياسيين.

وعبّرت المفوضية عن بالغ قلقها إزاء انتهاك حرية التعبير والمحاكمة العادلة، مؤكدة أن استمرار هذه الممارسات يقوض الأسس الديمقراطية التي قامت عليها تونس بعد ثورة 2011. 

وتأتي هذه الدعوة بالتزامن مع محاكمات مرتقبة في مارس المقبل لأكثر من 40 شخصية معارضة، يواجهون تهماً خطيرة مثل التآمر على أمن الدولة والإرهاب، في قضايا يرى مراقبون أنها ذات دوافع سياسية تهدف إلى إخراس الأصوات المعارضة.

القضاء كسلاح لتصفية الخصوم

من بين أبرز الشخصيات التي استهدفتها حملة القمع المتصاعدة في تونس، رئيس البرلمان السابق وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي صدر بحقه حكم بالسجن 15 عاماً بتهم تتعلق بالإرهاب، في قضية وصفها أنصاره بأنها جزء من خطة الرئيس قيس سعيد لتفكيك المعارضة السياسية وإسكات الأصوات الرافضة لانفراده بالسلطة. 

ولم يكن الغنوشي الوحيد الذي وجد نفسه خلف القضبان، حيث طالت الاعتقالات أيضاً سياسيين بارزين مثل جوهر بن مبارك ورياض الشعيبي، إضافة إلى صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وسط تصاعد القلق من استخدام القضاء أداة لتصفية الحسابات السياسية.

تونس بين القمع والتضييق

لم تقتصر حملة القمع على السياسيين، بل امتدت لتشمل المجتمع المدني والصحافة، حيث تعرض العديد من الصحافيين لملاحقات قضائية بسبب تقاريرهم المنتقدة للسلطة، وكان آخرهم الصحافي نور الدين بوطار، الذي اعتقل بتهم فضفاضة تتعلق بالأمن القومي.

كما تم حل المجلس الأعلى للقضاء وإحلاله بهيئة معينة من قبل الرئيس، مما زاد من سيطرته على المنظومة القضائية. وأمام هذه التطورات، دعت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وضمان محاكمات عادلة، وإعادة النظر في القوانين القمعية التي تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، تتزايد المخاوف بشأن مستقبل الحريات في تونس، وما إذا كان النظام الحالي يسير بالبلاد نحو نموذج سلطوي أكثر تشدداً.

اقرأ ايضًا : خيانة السيسي تتواصل: مصر تزيد واردات الغاز الإسرائيلي رغم وعود “ظهر” الكاذبة