كشف مركز Citizen Lab الكندي عن تعرض الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان الإماراتية آلاء الصديق للاختراق من قبل أحد عملاء الحكومة بواسطة برنامج التجسس “بيغاسوس” منذ عام 2015 وحتى وفاتها في 2020.

 آلاء الصديق -البالغة من العمر 33 عاماً- كانت من أبرز النشطاء المعارضين للنظام الإماراتي في المنفى، لم تكن تعيش حياة آمنة، وحتى بعد وفاتها إثر حادث سيارة في أكسفورد في يونيو/حزيران، ظل الخوف حائلاً بين أصدقائها ومحبيها وبين حضورهم مراسم توديعها في جنازتها في مسجد ريجنت بارك.

 لم يرغب أصدقائها أن تتم رؤيتهم في جنازتها خوفاً من أن يتم تصوير هم المسجد سراً، لعلمهم أن علاقتهم بالناشطة سيشكل خطراً عليهم أو على عائلاتهم في الإمارات العربية المتحدة.

 في حواره مع الغارديان، قال أحد أصدقاء آلاء المقربين “دخلت لرؤيتها، ولإخبارها أن أصدقاءها ومحبيها بالخارج، وأنني هنا نيابةً عنهم…كان مؤلماً جداً ألا يكون لديك الحق البسيط في التواجد معها أو توديعها”.

 عند الإعلان عن خبر الوفاة، لم يُشتبه أنه قد يكون حادثاً مدبراً للتخلص من آلاء، خاصة وأن حادث التصادم أصيب فيه أشخاص في كلتا السيارتين.

لكن الآن، بعد ثلاثة أشهر من وفاتها، ظهرت أدلة جديدة حول تنظيم حملة مكثفة وواسعة النطاق لمراقبة والتجسس على آلاء، التي كانت تشغل منصب المدير التنفيذي لمنظمة “القسط”- وهي منظمة غير ربحية تدافع عن حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة والشرق الأوسط.

 في تقرير جديد، أكد باحثين في مركز  Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو، بعد فحص هاتف آلاء، أنه على الأرجح تم اختراقها من قبل عميل حكومي لمجموعة  NSO، شركة برامج التجسس الإسرائيلية، منذ عام 2015، عندما كانت تعيش في قطر، واستمر التجسس حتى بعد انتقالها إلى لندن، ووفاتها عام 2020.

 هذا الكشف كان بمثابة ناقوس الخطر لنشطاء آخرين مثل آلاء، التي غادرت الإمارات للعيش في أمان في المملكة المتحدة، وبالرغم من ذلك، لك تكن بعيدة عن “بيغاسوس”، الذي يمكنه مراقبة المحادثات وقراءة الرسائل النصية ومشاهدة الصور ورسائل البريد الإلكتروني، وتحويل الهاتف المحمول إلى جهاز استماع عن بعد.

 الجدير بالذكر أن آلاء، وبعد وقت قصير من علمها أنها تعرضت للاختراق، تحديداً عام 2020، أجدت مقابلة باستخدام اسم مستعار مع المخرجة لورا بويتراس والباحثين في Forensic Architecture ، وهي مجموعة بحثية مقرها لندن قامت بعمل بحث حول شركة NSO.

 تمت مشاركة المقابلة مع الغارديان بعد أن مُنحت Forensic Architecture الإذن لمشاركة تسجيل لتعليقاتها من قبل أحد المقربين من آلاء.

في المقابلة، وصفت الناشطة كيف تحولت إلى هدف للحكومة بسبب بحثها الذي تضمن توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ضد السجناء والمعتقلين في دول الخليج”، وتابعت “هذه مواضيع حساسة للغاية للحديث عنها في بلدي… إنهم يعتبرونها جريمة ضد الحكومة”.

ولفتت آلاء إلى خوفها من معرفة هوية الأشخاص الذين اكتسبت ثقتهم ووافقوا على توثيق حالاتهم معها والكشف عن الانتهاكات التي تُرتكب في الإمارات.

 بحسب Citizen Lab، تم العثور على اثنين من أرقام هواتف آلاء في كشف البيانات المسربة في مشروع بيغاسوس، والذي تضمن عدداً كبيراً من الأفراد الذين يُعتقد أنهم قد تم اختيارهم كأهداف مراقبة محتملة من قبل الحكومة الإماراتية، أبرز عملاء شركة NSO.

 من جانبها، نفت NSO بشدة أن البيانات التي تم العثور عليها لها أي صلة بالشركة الإسرائيلية، مؤكدة أنها لا تملك صلاحيات معرفة الأهداف المحددين لدى عملائها من الحكومات المختلفة، مشيرة إلى أن ما جاء في تحقيق “مشروع بيغاسوس” معلومات غير صحيحة.

وحول آلاء الصديق طلبت من الغارديان تزويدها بالأرقام التي كانت آلاء تستخدمها عندما تم اختراقها، وأضافت في بيان “كما هو الحال دائماً، عندما نحصل على معلومات موثوقة بشأن إساءة الاستخدام، فإننا نجري تحقيقًا شاملاً ونتصرف بناءً على النتائج”.

 يُظهر تحليل أجرته Forensic Architecture – الذي فحص قضية آلاء بدقة – أن بداية معارضتها الصريحة للسلطات الإماراتية والتي جعلت منها هدفاً بدأن بعد شهور من اعتقال والدها، محمد الصديق، في عام 2012 بعد توقيع عريضة مؤيدة للديمقراطية، ما جعلها تغادر البلاد إلى قطر، وكانت آنذاك تبلغ من العمر 24 عاماً.

 في يونيو/حزيران 2015، أصبحت آلاء شخصية محورية في الخلاف الدبلوماسي بين قطر والإمارات بعد أن طالب مسؤولون في الإمارات العربية المتحدة قطر بإجبارها على العودة إلى الوطن، وهو أمر رفضته قطر، لكن بعد تجريدها من الجنسية الإماراتية اضطرت للمغادرة إلى المملكة المتحدة.

 كانت آلاء تتعرض بشكل دوري للهجوم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوصف بأنها إرهابية لتعبيرها عن آراء داعمة لثورات الربيع العربي.

 عملت في القسط جنباً إلى جنب مع المعارض السعودي يحيى عسيري، الذي استُهدف أيضًا بمحاولة اختراق باستخدام “بيغاسوس” عام 2018، وفقًا لـ Citizen Lab، كما تم استهداف المحامية التي اتصلت بها آلاء قبل الحادث لمناقشة الطرق القانونية التي يمكن اللجوء إليها بعد معرفتها بأمر التجسس.

 قال بيل ماركزاك، الباحث في Citizen Lab والمختص بفحص استخدام برامج التجسس من قبل الأنظمة القمعية، إن آلاء اتصلت به لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2020، لأنها كانت تخشى أنها قد تكون هدفًا للقرصنة، وعليه أنشأ المركز الكندي نظام مراقبة لهاتف آلاء وبعد بضعة أشهر – في ذلك الصيف – تم اختراق هاتفها من قبل الحكومة باستخدام برنامج تجسس “بيغاسوس”.

 قال ماركزاك لصحيفة الغارديان: “كانت هناك محاولات مستمرة لمهاجمة العديد من الأجهزة التي تمتلكها بأرقام بريطانية … كانوا يحاولون اختراقها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع…كانت آلاء في حالة ذهول، وهذا أمر مفهوم. كان مصدر قلقها الرئيسي أنها لا تريد من حكومة الإمارات تسريب صور عائلتها… كانت قلقة بشأن ذلك “.

 بمجرد بدء الاختراق، بدأ Citizen Lab تحليلاً بأثر رجعي على أجهزة آلاء، ووجدوا دليلًا على وجود برمجيات خبيثة من نوع “بيغاسوس” على هاتف محمول مختلف كانت تستخدمه عام 2015.

 هذه النتائج تجعل آلاء من أوائل ضحايا الاستهداف بواسطة “بيغاسوس”، خاصة وأنه في عام 2019 وحده، كانت هناك خمس عمليات اختراق ناجحة لهاتفها المحمول في المملكة المتحدة، مع بعض الاختراقات التي استمرت عدة أيام.

 لم ترد الإمارات على أسئلة حول قضية آلاء واختراقها بواسطة برامج التجسس، كما لم ترد سفارة الإمارات في واشنطن حتى الآن على أسئلة الغارديان.

  قال الأصدقاء والزملاء المقربون من آلاء إن حملة المراقبة كانت مصدر قلق دائم خلال العام الأخير من حياة آلاء، حيث قالت إحدى صديقاتها، التي كانت في السيارة مع آلاء عند وفاتها، وطلبت عدم ذكر اسمها، إن آلاء بدأت في تغيير عاداتها خوفًا من أن تخضع للمراقبة، بما في ذلك تغيير المسارات التي كانت تسلكها، مضيفة أنها حاولت أن تكون حريصة ألا تقف على مقربة شديدة من الحافة عندما كانت تسافر بالقطار، خوفًا من دفعها ناحية القضبان.

 وأضافت أنه قبل أسبوع من عيد ميلادها في 18 يونيو/حزيران، عندما كانت تخطط لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع أصدقائها في أكسفورد، كانت قلقة بشأن الأجهزة المحمولة التي يجب أن تأخذها معها، ولفتت إلى أنها لم تكن تريد الاستسلام للخوف، لكن هذا ما حدث.

  للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا