بعد أكثر من ثلاث سنوات على مقاطعة قطر من قبل أربع دول عربية أخرى، والتي تسببت في تصاعد مخاوف تزايد النفوذ الإيراني في منطقة الخليج والشرق الأوسط، فضلاً عن الآثار السلبية التي لحقت بالتعاون الخليجي، يبدو أن الأزمة قد قاربت على الانتهاء بعد إعلان السعودية فتح أجوائها مع قطر.

في أعقاب الإعلان السعودي عن رفع الحصار عن قطر، قرر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني -أمير دولة قطر- التحليق إلى السعودية مترأساً وفد بلاده لحضور القمة الخليجية، وخلال استقباله في مطار العلا شمالي المدينة المنورة، أكد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن “المملكة سعيدة باستقبالكم”.

بدرجات متفاوتة من الحماس، أعلنت المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة أنها ستنهي مقاطعتها الجوية والبرية والبحرية لدولة قطر، بعد حصار ومقاطعة بدأوا في يونيو/حزيران 2017، عندما اتهمت الدول الأربع قطر بدعم الإرهاب في المنطقة، وهي ادعاءات نفتها قطر.

وفي تصريحاته أمام قمة مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء، شدد الأمير محمد بن سلمان -الحاكم الفعلي للبلاد-

على ضرورة الوحدة العربية لمواجهة إيران، قائلاً “نحن اليوم في حاجة إلى مثل هذه الوحدة لمواجهة التهديدات ضد منطقتنا المتمثلة في البرنامج النووي للنظام الإيراني وصواريخه الباليستية وأجندة التخريب التي يتبناها وكلائه الطائفيين”، مضيفاً أن “هذا يتطلب أن يعمل المجتمع الدولي بجدية للوقوف ضد هذه الممارسات الضارة التي تهدد السلام في المنطقة والعالم”.

وكجزء من هذا الاتفاق، وافقت قطر على تجميد عدد من الدعاوى القانونية البارزة والتوقيع على اتفاقية عدم اعتداء مع الدول المقاطعة تهدف إلى إنهاء حرب إعلامية تشنها المواقع الإلكترونية وشركات التواصل الاجتماعي.

أما فيما يتعلق عن المطالب السياسية البالغ عددها 13 مطلباً، والتي قامت دول المقاطعة باشتراطها على قطر للمصالحة، مثل إغلاق قناة الجزيرة وتغيير عدد من سياساتها الخارجية، تم التخلي عنها من قبل دول الحصار، حيث رفضتها قطر قائلة “إن الخضوع للمطالب كان سيعني فعليًا فقدان سيادتها على سياستها الخارجية وأن تصبح مجرد ذراع من أذرع السعودية”.

من ناحية أخرى، يُنظر إلى القمة على نطاق واسع على أنها محاولة من قبل الرياض لتمهيد الطريق لعلاقة أفضل مع الإدارة القادمة في الولايات المتحدة، على الرغم من أن المصالحة الفعلية تمت بوساطة الكويت وغاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، وذلك لأن تلك المقاطعة، التي قادتها المملكة العربية السعودية، كان من المرجح أن تواجه معارضة من جانب فريق الأمن القومي لجو بايدن، وكذلك كانت هناك أيضًا مخاوف من أن استمرار المقاطعة قد يفيد إيران، فضلاً عن أن تطبيع العلاقات بين بعض دول الخليج وإسرائيل ساهم في إعادة التفكير في الأزمة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من بوادر المصالحة، ترك الخلاف ندوبًا في المنطقة، حيث يقول بعض المحللين إن الخلافات الأيديولوجية الأساسية لم تُحل، بما في ذلك إيمان قطر بدورها كوسيط في النزاعات عبر إفريقيا والشرق الأوسط.

من جانبه، كتب رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني على موقع تويتر: “بينما أرحب بالتأكيد بنهاية الأزمة من صميم قلبي، أناشد وأدعو الجميع لأخذ الدروس لتجنب اندلاع مثل هذه الأزمات في البلاد مستقبلاً، ولضمان ذلك، لا بد من دراسة عميقة وصريحة لأسباب هذه الأزمة، ومعرفة الجروح النفسية التي خلفتها، والتي أصابت المجتمع الخليجي بأسره وزعزعت الثقة في المستقبل “.

المصالحة، التي كان تنفيذها محل شك حتى الأيام القليلة الماضية، تعني أن هناك آمال في أن تلتئم العلاقات الشخصية الممزقة بين العائلات التي تنحدر من أجزاء مختلفة من الخليج.

على الناحية الاقتصادية، تعني المصالحة أن قطر لن تضطر بعد الآن إلى الدفع لإيران مقابل التحليق فوق أجوائها، وهو ما كان يكلف قطر رسومًا بملايين الدولارات.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا