بعد ساعات قليلة من محادثات قمة العقبة الخماسية التي شملت مفاوضات حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغم التأكيد على ضرورة التقدم نحو السلام، شن مستوطنون إسرائيلية هجومًا عنيفًا ومتوحشًا ضد أهالي بلدة حوارة والقرى المجاورة في نابلس في الضفة الغربية، سقط ضحيته قتلى ومصابون، فضلًا عن الأضرار التي لحقت بالمنازل والممتلكات.

قمة العقبة كانت أول لقاء رفيع المستوى بين هذه الأطراف منذ سنوات لكن ممارسات المستوطنين قوضت أي فرصة للتقدم نحو تهدئة الأوضاع وساهمت في تأزيم المشهد، وأكدت أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يحركها سوى التطرف الذي يعزز تصاعد العنف.

في غضون ساعات من بيان القمة، انتشر مئات المستوطنين في بلدة حوارة الفلسطينية متسلحين بالقضبان الحديدية والأسلحة النارية والحجارة وغيرها من الأدوات الخفيفة والثقيلة، انتشروا في الشوارع بعشوائية، وأطلقوا النار على رجل سقط قتيلًا، وأصيب غيره المئات، وأضرموا النيران في المنازل، والسيارات، والممتلكات العامة، والخاصة.

عنف المستوطنين ليس بالأمر الجديد، لم يواجه أي تصد من القوات الإسرائيلية، وأصبح منهجيًا حتى قبل أن تتولى هذه الحكومة المتطرفة السلطة، لكن حجم وشدة هجوم مع وقوعه بعد تحريض مباشر من مسؤولين في الدولة، يجعله غير مسبوقًا، وينذر بحدوث الأسوأ.

“حوارة مغلقة ومحترقة – هذا ما أريد أن أراه… هذا هو السبيل الوحيد لردع الفلسطينيين”، كان هذا تصريح رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست قبل الهجوم، أما بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، الذي يتمتع بسلطات واسعة على القضايا المدنية في الضفة الغربية، عبر عن دعمه لتغريدة تقول إن “قرية حوارة يجب أن تُمحى اليوم”.

وصف العديد في إسرائيل الهجوم بأنه مذبحة، ومع ذلك، لم تعتقل السلطات سوى عدد قليل من المشاركين، وأفرجت الشرطة عن جميع المشتبه بهم.

حسب إحصاءات الأمم المتحدة، كان العام الماضي هو الأكثر دموية على الفلسطينيين منذ الانتفاضة الثانية عام 2005، إذ قتلت القوات الإسرائيلية 146 فلسطينيا عام 2022، بينما قتل المستوطنون أربعة آخرين.

ورد أن الولايات المتحدة توسطت في صفقة للحد من غارات القوات الاسرائيلية، ومع ذلك شهد الأسبوع الماضي غارة وحشية ربما تُعد الأكثر فتكًا منذ سنوات، إذ اقتحمت القوات نابلس وقتلت 11 فلسطينيًا وحاصرت البلدة لفترة.

بيان قمة العقبة ألزم السلطات الإسرائيلية بوقف مناقشة الوحدات الاستيطانية الجديدة والتفويض ببؤر استيطانية، مع ذلك، غرد نتنياهو بأنه “لا يوجد ولن يكون أي تجميد لخطط التوسع الاستيطاني”.

كان يوجد حوالي 100 ألف مستوطن في الضفة الغربية عندما بدأت مفاوضات أوسلو في أوائل التسعينيات، تضاعف عددهم الآن وأصبحوا حوالي نصف مليون – ويلعب العديد منهم أدوارًا رئيسية في هذه الحكومة.

بعد شهرين من عام 2023، وافقت الحكومة على المزيد من المباني الإسرائيلية في الضفة الغربية مقارنة بالعامين الماضيين مجتمعين.

محادثات العقبة كانت مدفوعة جزئيًا بالمخاوف من أن شهر رمضان، الذي يتزامن هذا العام مع عيد الفصح، قد يشهد تصاعد للعنف على غرار ما حدث العام الماضي، وجاء ما حدث في حوارة ليضاعف هذه المخاوف خاصة في ظل وجود حكومة يمنية متطرفة تتحكم بالمشهد، وعليه يجب أن تتدخل القوى الدولية المختلفة لوضع حد لهذا العنف المتزايد.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا