قالت صحيفة الغارديان إن فرار الأميرة هيا بنت الحسين -زوجة حاكم دبي- إلى بريطانيا يهدد بإثارة أزمة دبلوماسية بين البلدين، حيث يواجه زوجها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم انتقادات وادانات دولية واسعة بشأن معاملة عائلته للنساء، على الرغم من كونه حليف رئيسي للمملكة المتحدة في الخليج.

 

وأوضحت الصحيفة أن الأميرة هيا، البالغة من العمر 45 عاماً، وهي أخت غير شقيقة لملك الأردن، تعيش الآن في لندن بعد هروبها الشهر الماضي إلى هناك، وتحاول تأمين نفسها كي لا يتم اختطافها وإعادتها إلى دبي بالقوة، كما حدث مع عدد من نساء العائلة المالكة اللاتي هربن من قبل.

 

وتحدثت الصحيفة في التحقيق الذي أعده أوين بوكوت ومارك هوليغسورث وبيثان مك كارين عن حادث الهروب الأشهر، وهو هروب الأميرة لطيفة (33 عاماً) ابنة الشيخ محمد، والتي هربت من دبي واختفت لعدة أشهر قبل أن يعثر عليها فرقة كوماندوس مأجورين في المحيط الهندي العام الماضي، وأعادوها قسراً إلى دبي، في الوقت الذي أنكرت فيه السلطات الإماراتية قصة الهروب والأسباب التي انتشرت حولها واصفة إياها أنها من ضروب الخيال.

 

وفي عام 2000، هربت الشيخة شمسة، وهي إحدى كريمات الشيخ المحمد أيضاً، من منزل والدها بالقرب من تشوبهام في سري في إنجلترا، ثم تم اختطافها في من إحدى شوارع كامبريدج في أغسطس/آب من ذلك العام، لتنقطع أخبارها منذ ذلك الحين، وقد حققت شرطة كامبردجشاير في الحادث دون الوصول إلى نتائج.

 

ويُقال إن الأميرة هيا اتخذت قرار الفرار من دبي بعد معرفتها بما حدث للأميرة لطيفة وتفاصيل ما تم معها، حيث عرضت هيئة الإذاعة البريطانية BBC الخميس الماضي فيلما وثائقياً بعنوان “الهروب من دبي: لغز الأميرة المفقودة- واستكشاف مصير لطيفة”.

 

ولفتت الصحيفة إلى أن الحادث لم يكن متوقعاً، حيث شوهد الشيخ محمد -الملياردير ومالك إحدى حلبات سباق الخيول البالغ من العمر 69 عاماً- آخر مرة في المملكة المتحدة في حديث ودي مع الملكة في رويال اسكوت في يونيو/حزيران الماضي، كما أن الأميرة هيا ظهرت بصورة عادية خلال الأحداث الرسمية لهذا العام، ومن الجدير بالإشارة إليه أن الأميرة هيا تحظى بعلاقة وطيدة مع العائلة المالكة في بريطانيا وأنها مقربة من الملكة ومن الأمير تشارلز.

 

والآن تحاول الأميرة هيا الحصول على طلب لجوء في المملكة المتحدة، وهو ما قد يؤهلها للمطالبة بالحصانة الدبلوماسية، على الرغم من أنها رسمياً لا تعتبر مسؤول معتمد وفق أحدث قائمة دبلوماسية تم إعدادها في لندن، والتي نشرت في أوائل الشهر الماضي، إلا أنها كانت مسجلة كمسؤول دبلوماسي أردني من قبل، حيث ثم إدراجها كسكرتيرة أولى للشؤون الثقافية بين عامي 2011 و2013 للأردن، ويقال أنه تم إعادتها لهذا المنصب مؤخراً، وبحسب الصحيفة فقد تم التواصل مع السفارة الأردنية للتعليق إلا أن المسؤولين بالسفارة رفضوا التواصل.

 

من المرجح أن الأميرة هيا تسكن الآن داخل منزلها المتواجد في شارع خاص يضم مساكن السفراء والأثرياء بالقرب من قصر كنسينغتون في وسط لندن، والذي قامت بشرائه اشترته مقابل 85 مليون جنيه إسترليني عام 2017 من الملياردير لاكشمي ميتال.

المنزل يخضع لحراسة مشددة يُقال إنها تابعة لشركة أمنية خاصة، ومن المحتمل أن الأميرة وبسبب مخاوفها من تعرضها للاختطاف، قامت بتقديم طلب رسمي للشرطة لتوفير الحماية لها.

 

شركة Quest هي الشركة التي تتولى حماية منزل الأميرة هيا، وهي شركة أمنية خاصة بريطانية يملكها ويرأسها جون ستيفنز-  المفوض السابق لشرطة المتروبوليتان، وتتعامل مع الأميرة هيا منذ سنوات عديدة حيث تقدم لها نصائح أمنية واستخباراتية باستمرار، وقد تولى منصب المدير التنفيذي للشركة السيد مارك رولي، الرئيس السابق لمكافحة الإرهاب في سكوتلاند يارد.

 

أول تعامل بين الأميرة هيا وشركة Quest كان في 2010، عندما استعانت بهم الأميرة في عملها كرئيسة للاتحاد الدولي للفروسية  (FEI)وكانت وقتها تعمل على تفعيل مبادرة الرياضة النظيفة، والتي كانت النقطة الرئيسية لبيانها الانتخابي للاتحاد الدولي للفروسية.

 

الغارديان في عدد سابق هذا الأسبوع كشفت أنه هناك قضية في المحكمة العليا تتعلق بالزوجين -الأميرة هيا والشيخ محمد- حددت لها جلسة 30 يوليو/تموز القادم للنظر فيها، وليس من الواضح إن كانت قضية طلاق أم لا.

 

وبحسب الغارديان، فإن الأميرة هيا يمثلها المحامية فيونا شاكلتون، والتي سبق ومثلت الأمير تشارلز خلال قضية طلاقه من الأميرة ديانا، وقد رفضت شركة “باين هيكس بيتش” للمحاماة والتي تعمل شاكلتون لديها، التعليق على القضية.

في حين يمثل الشيخ محمد، المحامية هيلين وارد كيو، من شركة ستيوارت لو، والتي سبق ومثلت أندرو لويد ويبر ، وبالوما بيكاسو، وغاي ريتشي، وبيرني إيكلستون، وكونتس سبنسر، في قضاياهم الشهيرة.

 

التحقيق الصحفي أشار إلى رسالة التي أرسلت بها “رادها ستيرلنغ”، المدير التنفيذي ومؤسسة مكتب “معتقلون في دبي”، والذي يقدم الدعم لضحايا المحاكمات غير العادلة في الإمارات، إلى شاكلتونو والتي احتوت على إفادات معتمدة تبين كيف يتعامل النظام القضائي في الإمارات مع المشتبه بهم، ومع ضحايا سوء المعاملة المنزلية/العائلية.

وكانت “ستيرلنغ” هي من أثارت قضية اختطاف الأميرة شمسة أمام الرأي العام في العام الماضي، وطلبت من شرطة كامبردجشاير إعادة فتح التحقيقات في اختفائها، كما صرحت “ستيرلنغ” أن محكمة بريطانية ستطلب تقديم أدلة حول عملية اختطاف الأميرة لطيفة من داخل يخت في المحيط الهندي، والدور الذي لعبته العائلة المالكة لتسهيل هذه العملية، وأضافت “ستيرلنغ” أن لطيفة نفسها قد تدلي بشهادتها.

 

كما تحدث التحقيق عن زيارة قامت بها رئيسة ايرلندا السابقة ماري روبنسون لدبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي بطلب من الأميرة هيا، والتي واجهت على إثرها اتهامات بمساعدتها ابنة حاكم دبي على الهروب في إشارة للشيخة لطيفة، وقد أعيد الحديث عن هذه الزيارة مرة أخرى بعد فرار الأميرة هيا، لترد روبنسون في مؤتمر نقابات العمال الذي أقيم في دبلن الأربعاء الماضي عن تلك الادعاءات قائلة “ليس لدي المزيد لأقوله بخصوص هذه المسألة، لم يكن لدي أصدقاء في دبي سوى الأميرة هيا، والتي لا تزال صديقتي”.

 

عملية هروب الأميرة هيا شابها الكثير من التكهنات وأحاط بها الكثير من الغموض، فيُقال أنها هربت في البداية إلى منزلها في ألمانيا، ومنه إلى لندن، وما زاد الأمور غموضاً هو القصيدة التي نشرها الشيخ محمد على شبكة الانترنت بعد هروبها، والتي حملت عنوان “عشتي ومتي”، وهي عن امرأة “مجهولة” متهمة بالخيانة.

 

المسألة لا تقف حد علاقة شخصية بين زوجين وحسب، بل تمتد لتشمل العلاقات الدبلوماسية بين بلدين بحجم الإمارات والمملكة المتحدة، خاصة وأن المملكة المتحدة حليف وثيق لدولة الإمارات، تقدم لها الدعم في حربها على اليمن مع السعودية، على الرغم من أن محكمة الاستئناف البريطانية قد قضت الشهر الماضي بأن مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية كانت غير قانونية.

 

من ناحيتها، رفضت وزارة الخارجية في لندن التعليق على ما حدث بين الأميرة هيا وزوجها الشيخ محمد بن راشد، معتبرة إياها مسألة خاصة، وذلك بعد أن انتشرت أخباراً تفيد ادعاءات بأن العائلة المالكة في دبي اتصلت بالحكومة البريطانية لمساعدتها في إعادة هيا إلى البلاد، إلا أن حكومة الإمارات نفت قيامها بالتواصل مع الحكومة البريطانية.

ومن المرجح أن تتأثر العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والأردن أيضاً بسبب هروب الأميرة هيا شقيقة ملك الأردن الملك عبد الله الثاني.

 

من جهة أخرى، رفض المتحدث باسم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التعليق على الأخبار التي تفيد قيام الأميرة هيا بالهروب إلى المملكة المتحدة، أو على أي مسألة تتعلق بالقضية المرفوعة في بريطانيا.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هن