إعدام سياسي بغطاء قضائي
في خطوة تعكس توجه النظام التونسي نحو تصفية خصومه السياسيين، أصدرت محكمة تونسية حكمًا جائرًا بالسجن لمدة 22 عامًا بحق رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”ملف إنستالينغو”.
هذا الحكم لم يكن معزولًا عن سياق القمع الذي يمارسه الرئيس التونسي قيس سعيد ضد المعارضة منذ استيلائه على السلطة في 2021، بل يأتي كجزء من حملة منهجية لتفريغ الساحة السياسية من أي صوت معارض.
قضية “إنستالينغو”: ذريعة لمحاكمة المعارضة
القضية تعود إلى سبتمبر 2021، عندما داهمت الأجهزة الأمنية مقر شركة “إنستالينغو” للخدمات الإعلامية في سوسة، واعتقلت عددًا من الصحفيين والناشطين، متذرعةً بتهم تتعلق بغسل الأموال والتحريض ضد الدولة.
لكن هذه القضية، التي توسعت لاحقًا لتشمل 27 شخصًا بينهم الغنوشي، لم تكن سوى أداة جديدة في يد النظام التونسي لاستهداف رموز المعارضة، وإضفاء صبغة قانونية على عمليات القمع المستمرة. الأحكام القاسية، التي شملت أيضًا السجن خمس سنوات للصحفية شذى بالحاج مبارك، تكشف بوضوح عن نية السلطة في القضاء على أي معارضة سياسية أو إعلامية.
أصابع الإمارات تعبث في تونس
منذ انقلاب قيس سعيد على المؤسسات الديمقراطية، برز دور الإمارات في تمويل ودعم مشروعه السلطوي. فالإمارات، التي خاضت معارك مماثلة ضد الإسلاميين في مصر وليبيا، لم تتوانَ عن تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لسعيد، لضمان قمع حركة النهضة وكل التيارات المعارضة لنهجه الاستبدادي. يُنظر إلى دعم الإمارات كجزء من استراتيجية أوسع لتمكين أنظمة ديكتاتورية في المنطقة، وإجهاض أي تجربة ديمقراطية ناشئة. ولم يكن مستغربًا أن تواكب وسائل الإعلام الإماراتية حملة التشويه ضد الغنوشي، بهدف شرعنة الإجراءات القمعية المتخذة ضده وضد رفاقه.
مستقبل تونس في ظل القمع الممنهج
يؤكد الحكم ضد الغنوشي، وغيره من المعارضين، أن تونس تسير بخطى متسارعة نحو نموذج الدولة البوليسية، حيث يتم استخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية.
وبينما تواصل المعارضة تقديم الطعون أمام المحاكم، يبقى التساؤل مفتوحًا حول مدى قدرة قيس سعيد على الاستمرار في هذا النهج، في ظل تزايد العزلة الدولية، والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
أما الدور الإماراتي، فسيظل محل انتقاد واسع، كونه عاملًا أساسيًا في تحويل تونس من نموذج ديمقراطي واعد إلى دولة تعاني من الدكتاتورية والقمع السياسي.
اضف تعليقا