في تطور لافت، أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالًا هاتفيًا بنظيره البرتغالي، ركّز فيه على ضرورة أن يكون أي تصور لليوم التالي في غزة ضمن إطار “وحدة الأراضي الفلسطينية”.

وأكد عبد العاطي خلال المكالمة أن القاهرة ترى أن الحل المستقبلي لا بد أن يقوم على أساس “إعادة السلطة إلى غزة”، وهو ما يترك دلالات عن توجهات مصرية لا تريد استمرار المقاومة في القطاع على الرغم من الحاضنة الشعبية لها خلال الحرب.

 

السلطة بديلاً عن المقاومة

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، ظهرت مؤشرات على تحركات إقليمية ودولية تهدف إلى تمهيد الأرضية لعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وهي رؤية تتبناها الولايات المتحدة وإسرائيل بوضوح، حيث تعتقدان أن وجود السلطة في غزة سيمكن من إحكام السيطرة الأمنية عليها عبر التنسيق الأمني مع الاحتلال.

في هذا السياق، لعبت مصر دور الوسيط الداعم لهذا السيناريو، حيث تتواصل الجهود لإقناع بعض الأطراف الدولية بأن استبدال حكم حماس بالسلطة الفلسطينية قد يخفف من التوتر ويضمن عدم عودة المقاومة المسلحة.

لكن في الواقع، فإن الدفع بالسلطة الفلسطينية إلى غزة ضمن ترتيبات أمنية لا تلبي مطالب الفلسطينيين بالتحرر من الاحتلال، بل تجعلها أداة في يد تل أبيب، حيث سيتم توظيفها لضبط الأوضاع الأمنية وفق أجندة إسرائيلية، مما قد يُحوّل الصراع إلى نزاع داخلي فلسطيني فلسطيني، بدلًا من كونه مواجهة بين شعب تحت الاحتلال وقوة احتلالية غاشمة.

 

تحييد القضية الفلسطينية ومحاولة إخماد الزخم الدولي

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، نجحت حماس والفصائل المقاومة في توجيه الأنظار الدولية إلى طبيعة الاحتلال الوحشية، مما أحدث تحولًا في الرأي العام العالمي، وأدى إلى تصاعد الضغوط على تل أبيب. 

لكن المخطط الجديد الذي تدفع به مصر، والمتمثل في استبدال حماس بالسلطة الفلسطينية، يهدف إلى تحويل القضية الفلسطينية من صراع تحرري إلى نزاع داخلي، وهو ما يخدم مصالح الاحتلال من خلال إضعاف الدعم الدولي للقضية الفلسطينية وتصوير الأمر على أنه مجرد أزمة حكم فلسطينية داخلية.

في ظل هذه التطورات، يطرح العديد من المراقبين تساؤلات حول الدور المصري الحقيقي، وما إذا كانت القاهرة تسعى بالفعل إلى إعادة ترتيب الأوضاع الفلسطينية لصالح الاحتلال، أم أنها تحاول فقط احتواء الأزمة لتجنب امتداد تداعياتها إلى الأراضي المصرية. 

لكن المؤكد أن الموقف المصري الحالي يساهم بشكل مباشر في تنفيذ المخطط الإسرائيلي لإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بما يضمن أمن الاحتلال واستمرارية سيطرته على الأرض.