قضت المحكمة العليا البريطانية -الجمعة 19 أغسطس/آب- بأن المملكة العربية السعودية لا تتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالقضية المرفوعة ضدها من قبل الناشط السعودي المعارض غانم المصارير الدوسري، والذي يتهمها باستخدام برامج تجسس لاختراق هواتفه المحمولة.
قرار المحكمة استند على قانون حصانة الدول لعام 1978، والذي بموجبه تفتقر السعودية إلى أي حصانة تحول بين استهدافها قضائياً للتحقيق في جرائم ارتكبتها ضد مواطنين بموجب لوائح اتهام أخرى.
في قضيته المرفوعة أمام المحاكم البريطانية، يزعم غانم -المقيم في المملكة المتحدة- أن النظام السعودي أصاب هاتفه المحمول ببرامج التجسس الشهير “بيغاسوس”- التابع لشركة NSO Group الإسرائيلية- وبواسطة هذا البرنامج، تم السماح للوصول إلى الميكروفون والكاميرا الخاصة به لسماع وتسجيل كل شيء.
وبحسب غانم، فإنه تلقى بلاغًا من مركز The Citizen Lab، التابع لجامعة تورنتو الكندية، يفيد أن الحكومة السعودية قد اخترقت هاتفه بواسطة هذا البرنامج.
طالب غانم، الذي يمثله مكتب المحاماة Leigh Day، بتعويض عن الضرر النفسي الناتج عن إساءة استخدام المعلومات الخاصة والمضايقات المتعلقة ببرنامج التجسس، كما رفع دعوى تتعلق بهجوم جسدي تعرض له في 31 أغسطس/آب 2018 أمام محلات هارودز يعتقد أنه كان بتوجيه من النظام السعودي.
حصل غانم على إذن لرفع قضيته ضد السعودية في يناير/كانون الثاني 2020، ومع ذلك، في جلسة استماع في يونيو/حزيران 2021، تقدمت المملكة العربية السعودية بطلب لرفض الدعوى من الأساس باعتبار محصنة بموجب قانون حصانة الدولة لعام 1978.
بموجب القانون، تسمح المادة 5 برفع الدعاوى في ظروف استثنائية معينة بما في ذلك عندما يقع ضرر شخصي ضد أحد المواطنين من قبل مسؤولين في الدولة، لكن المملكة العربية السعودية قالت إن استثناء المادة 5 لا ينطبق على وضع غانم.
في الحكم الصادر الجمعة، رد القاضي، السيد جوليان نولز على كل نقطة من النقاط التي أثارها طلب المملكة العربية السعودية، ليكون الحكم في صالح غانم، وإليكم تلخيص النقاط:
- ينطبق استثناء المادة 5 على أي فعل من أي نوع تقوم به دولة أجنبية ويتسبب في ضرر شخصي لأي شخص داخل المملكة المتحدة، وهو أمر ينطبق على حالة غانم المصارير.
- ليس شرطاً أن يكون الفعل الذي تسبب في الضرر الشخصي التي يغطيها القسم 5 قد ارتكب بالكامل في المملكة المتحدة، ويكفي أن بعض الأعمال الجوهرية والفعالة التي تسببت في الضرر الشخصي قد ارتُكبت داخل المملكة المتحدة.
- قدم المدعي أدلة كافية لاستنتاج، على أساس ميزان الاحتمالات، أن المدعى عليه مسؤول عن الأشخاص المسؤولين عن استخدام برنامج التجسس المزعوم.
- قدم المدعي أدلة كافية لاستنتاج، على أساس ميزان الاحتمالات، أن المدعى عليه مسؤول عن الأشخاص المسؤولين عن الاعتداء المزعوم.
- ادعاء المدعى عليه بأن قضية المدعي ضعيفة و/أو ذات طبيعة تخمينية لذلك يجب عدم قبولها هو ادعاء مرفوض.
بعد صدور الحكم، ستنتقل القضية الآن إلى محاكمة موضوعية لنظر هذه القضايا في موعد لم يتم تحديده بعد.
يمثل مكتب Leigh Day أيضًا العديد من الأفراد الآخرين الذين يزعمون أنهم استُهدفوا بشكل غير قانوني ببرامج تجسس من قبل حكومات أجنبية أثناء إقامتهم في المملكة المتحدة، ومن المأمول أن يسهل الحكم الصادر لصالح المصارير قبول دعاوى هؤلاء الأشخاص.
تشمل هذه القضايا قضية رفعها اثنان من المعارضين البحرينيين، اللذان يعيشان الآن في المملكة المتحدة، ضد مملكة البحرين بسبب استخدام برنامج المراقبة FinFisher لاختراق أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
في تعليقه على الحكم الصادر لصالحه، قال غانم المصارير:
“أشعر براحة كبيرة أن القاضي قد حكم لصالحي ورفض محاولات المملكة للاختباء وراء حصانة الدولة في قضيتي. كان لتأثير الهجوم والاستهداف ببرامج التجسس، والذي أعتقد أنه تم تدبيره من قبل المملكة العربية السعودية، تأثير عميق على حياتي. لم أعد أشعر بالأمان. لم أعد أشعر بأنني قادر على التحدث باسم الشعب السعودي المظلوم لأنني أخشى أن أي اتصال مع أي شخص داخل المملكة يمكن أن يعرضهم للخطر. أتطلع إلى تقديم قضيتي كاملة إلى المحكمة على أمل أن أتمكن من تحميل المملكة المسؤولية عن المعاناة التي أعتقد أنها سببتها لي “.
وأضافت إيدا أدوا، المحامية من مكتب المحاماة Leigh Day والتي تمثل غانم:
“أوضح القاضي أن غانم قدم أدلة كافية في هذه المرحلة من القضية على أن استثناء المادة 5 في قانون حصانة الدولة ينطبق على قضيته…. يسعدنا أن محاولات المملكة لاستخدام هذه المادة في التخلص من هذه القضية باءت بالفشل… يشكل هذا الحكم سابقة قوية للقضايا الأخرى المرفوعة ضد حكومات أجنبية بشأن الاستخدام المزعوم لبرامج تجسس على أفراد داخل المملكة المتحدة. آمل أن يكون هذا الحكم بمثابة منارة للأمل لأولئك الذين تم استهدافهم”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا