في ظل التوتر المستمر على حدود قطاع غزة، كشف موقع “والا” العبري، نقلاً عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، أن حركة حماس تستغل الهدنة المؤقتة لإعادة بناء قوتها العسكرية وتحليل أداء الجيش الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.
وتفيد التقارير بأن الحركة ترسل عناصر استطلاعية متنكرة في ملابس مدنية لرصد تحركات الجيش الإسرائيلي، بهدف تحليل نقاط ضعفه وسلوكياته العملياتية، مما يشير إلى نهج استخباراتي متقدم تسعى المقاومة لتطويره.
وبحسب المصادر الأمنية الإسرائيلية، فإن حماس لا تكتفي بمراقبة الجيش الإسرائيلي فقط، بل تقوم بإجراء مناورات تدريبية بالقرب من الحدود، حيث يعمل مقاتلوها على محاكاة عمليات الاشتباك مع قوات الاحتلال، إضافة إلى تجارب على التسلل واستخدام العبوات الناسفة بطرق جديدة.
ووفقاً لموقع “والا”، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترى في هذه التحركات مؤشراً خطيراً على نية حماس إعادة تنظيم صفوفها استعداداً لأي مواجهة مستقبلية.
تحليل شامل للحرب.. وإعادة هيكلة البنية العسكرية
بعد مرور أشهر على الحرب الأخيرة، يبدو أن حماس قامت بتقييم دقيق لمجريات المعارك السابقة، حيث درّست أداء الجيش الإسرائيلي وحللت أخطاءها وأوجه القصور في خططها القتالية.
ووفقاً للتقارير، فإن الحركة تعمل الآن على إعادة بناء بنيتها التحتية العسكرية في مختلف مناطق قطاع غزة، مع التركيز على إخفاء الأنفاق وتعزيز الدفاعات في المناطق المفتوحة.
كما تسعى الحركة إلى تجنيد مقاتلين جدد، خاصة من فئة الشباب الذين انضموا إلى صفوف المقاومة بعد الهجوم الإسرائيلي الواسع.
وتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن حماس قد أعادت تشكيل عدد كبير من وحداتها العسكرية، وعملت على تطوير تكتيكاتها الدفاعية والهجومية، مما يزيد من تعقيد التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي.
تعزيز قدرات المقاومة وتطوير تكتيكات غير تقليدية
تؤكد مصادر أمنية إسرائيلية أن حماس لا تكتفي بإعادة بناء قوتها العسكرية التقليدية، بل تركز أيضاً على تطوير أساليب قتالية جديدة.
وتشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن الحركة تعمل على تعزيز استخدام العبوات الناسفة بطرق متطورة، إضافة إلى التركيز على تكتيكات الكمائن واستهداف الآليات العسكرية بعبوات مُبتكرة، وذلك لتعويض الفارق في القوة العسكرية بين المقاومة والجيش الإسرائيلي.
وقد أفاد الصحفي الإسرائيلي “عميت سيجال” عن حادثة وقعت الليلة الماضية، حيث رصد أحد الجنود الإسرائيليين بمنظاره تدريبات لعناصر حماس على استخدام مركبات الإخلاء العسكرية فوق أنقاض مستوطنة “إيلي سيناي” شمال قطاع غزة.
هذا المشهد، وفقاً لما ذكره سيجال، يعكس عودة تدريجية لقوة المقاومة، واستغلالها للهدنة بأقصى طاقتها لإعادة التمركز وتحضير نفسها للمرحلة القادمة.
الاحتلال في مأزق.. ضباط إسرائيليون يرفضون الحرب
وسط هذه التطورات، تواجه حكومة الاحتلال أزمة داخلية متفاقمة، حيث وجّه أكثر من 550 ضابطاً سابقاً في الجيش الإسرائيلي رسالة إلى حكومة الاحتلال يعارضون فيها استئناف الحرب على غزة. وجاء في الرسالة أن استمرار العمليات العسكرية لن يحقق أي أهداف استراتيجية حقيقية، بل سيؤدي إلى المزيد من الخسائر البشرية والعسكرية.
هذه الرسالة تمثل صدمة قوية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة لاستئناف القتال ضد غزة، لكن الانقسام داخل المؤسسة العسكرية يعكس حقيقة أن إسرائيل لم تحقق أهدافها في الحرب الأخيرة، وأن حماس تمكنت من استغلال الصراع لتعزيز مكانتها العسكرية والسياسية.
المقاومة تعود أقوى.. وإسرائيل في مأزق استراتيجي
ما يجري على الأرض يشير إلى أن حماس نجحت في استغلال الحرب الماضية لإعادة بناء نفسها، والآن تستفيد من الهدنة لتعزيز قوتها العسكرية والاستخباراتية.
في المقابل، تواجه إسرائيل واقعاً مقلقاً، حيث تفشل في تحقيق نصر حاسم، بينما تستعيد المقاومة عافيتها وتتحول إلى تهديد أكثر تعقيداً.
كل هذه التطورات تعكس مأزق إسرائيل الاستراتيجي في التعامل مع غزة، حيث لم تتمكن من القضاء على المقاومة، بل سمحت لها بإعادة ترتيب صفوفها بشكل أكثر تنظيماً وقوة.
وبينما يواجه الاحتلال أزمات سياسية داخلية وضغوطاً عسكرية متزايدة، تمضي المقاومة في طريقها لتوسيع قدراتها، في انتظار الجولة القادمة من المواجهة.
اضف تعليقا