في تطور مثير للجدل، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنها لم تتمكن من مطابقة فحص الـ DNA لإحدى الجثث التي سلمتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، والتي كان يُفترض أنها تعود إلى الإسرائيلية شيري بيباس.
هذا الإعلان أحدث ضجة كبيرة داخل الأوساط الإسرائيلية، حيث أكدت السلطات أن الجثتين اللتين تسلمتهما الخميس تعودان لطفليها، كفير وأرييل، لكن جثة المرأة التي كانت معهما لم تطابق الفحوصات الجينية لشيري بيباس.
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يتأخر في استغلال الحدث، إذ سارع إلى إطلاق تصريحات نارية يهدد فيها حماس بدفع “الثمن الكامل” لما وصفه بـ”الانتهاك القاسي والشرير للاتفاق”، في إشارة إلى الصفقة التي تم بموجبها تسليم الجثامين.
وأضاف في بيان مصور: “سنعمل بكل عزم على إعادة شيري إلى الوطن مع كل رهائننا، الأحياء والأموات، وسنضمن أن تدفع حماس ثمن هذا التصرف الخبيث”، لكن رد المقاومة كان حاسما وألجم نتنياهو.
حماس تروي الحقيقة
في المقابل، ردت حركة حماس بحزم، مؤكدة أن الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عن مصير شيري بيباس، حيث أن غاراته العشوائية تسببت في تدمير المكان الذي كانت محتجزة فيه، مما أدى إلى اختلاط أشلائها مع جثث أخرى.
وأوضح إسماعيل الثوابتة، المسؤول في الحركة، أن “شيري بيباس تحولت إلى أشلاء بعد أن اختلطت بجثامين أخرى، تحت أنقاض مكان قصفته طائرات الاحتلال الحربية بشكل مقصود ومتعمد”، محمّلًا نتنياهو المسؤولية المباشرة عن قتلها وأطفالها “بوحشية مروعة”.
وفي بيان رسمي، أكدت حماس التزامها باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى أنها ستجري تحقيقًا داخليًا جادًا حول ادعاءات الاحتلال بشأن عدم تطابق الجثمان، وستعلن عن النتائج بوضوح.
وأضافت: “تلقينا من الإخوة الوسطاء ادعاءات ومزاعم الاحتلال، وسنقوم بفحصها بجدية تامة”، لكنها في الوقت ذاته لم تتردد في الإشارة إلى احتمال وجود “خطأ أو تداخل في الجثامين”، ناجم عن استهداف الاحتلال المتعمد للموقع الذي كانت تحتجز فيه العائلة.
حماس شددت كذلك على “ضرورة المضي قدمًا في تنفيذ استحقاقات الاتفاق على كافة المستويات”، معتبرة أن تصعيد الاحتلال ومحاولته استغلال هذا الحدث سياسيًا، تأتي في إطار سعي نتنياهو إلى تجميل صورته داخليًا، خصوصًا في ظل أزماته السياسية المتفاقمة وخلافاته الداخلية.
كما أعربت عن استغرابها من “الضجة التي يثيرها الاحتلال”، مؤكدة أنها التزمت دومًا بكافة بنود الاتفاقات المبرمة، وليس لها أي مصلحة في عدم تسليم أي جثمان لديها.
مأزق نتنياهو السياسي وانعكاسات الحدث على التهدئة
يأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في وقت حساس، حيث من المفترض أن يتم تسليم ستة رهائن أحياء يوم السبت ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، لكن مع تصاعد التوتر، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الحدث سيؤدي إلى تأجيل تنفيذ هذه الخطوة أو يعرقل المفاوضات حول المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
ويرى مراقبون أن نتنياهو يحاول استغلال الأزمة الحالية لصرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية، وسط تزايد الضغط عليه من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يطالبونه بإيجاد حلول سريعة للإفراج عن ذويهم.
ومع استمرار الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية، يبدو أن رئيس الوزراء يبحث عن وسيلة لاستعادة زمام المبادرة سياسيًا، حتى لو كان ذلك عبر تصعيد غير محسوب ضد المقاومة الفلسطينية.
من جانب آخر، تؤكد حماس أن الاحتلال يسعى لتوظيف هذه القضية لصالحه إعلاميًا وسياسيًا، لكنه في الوقت ذاته يدرك أن تصعيده لن يغير من واقع الميدان، حيث ما زالت المقاومة تفرض معادلاتها بقوة في غزة.
ومع تصاعد التهديدات، يبقى التساؤل قائمًا: هل سيتجه الاحتلال نحو تصعيد عسكري جديد؟ أم أن الوسطاء سيتدخلون لمنع انهيار الاتفاق القائم؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في رسم معالم المرحلة المقبلة.
اقرأ أيضًا : وزير خارجية تونس الأسبق: الاحتلال يريد زرع اليأس في غزة.. والأنظمة العربية في دائرة الاتهام!
اضف تعليقا