لم يفاجئنا النظام الإماراتي اليوم.. فهو، كعادته، دائمًا ما يختار أحط المواضع في التاريخ ليتصدرها، ويسلك أبعد السبل عن الصواب.

في كل صراع، في كل قضية، يظهر النظام الإماراتي ليقف في الصف الأكثر خيانة، في المكان الذي تنعدم فيه الكرامة، ومنه يخرج أبواقه، ومن بينهم الإماراتي الصهيوني أمجد طه، الذي لا يعدو كونه مجرد لسان مستأجر لنقل ما يُملى عليه من غرف النظام في أبوظبي.

في تغريدته الأخيرة، قدم أمجد طه “اقتراحًا إنسانيًا” هو تريد حرفي للرواية الصهيونية الحمقاء، لا يختلف طرحه ولو بكلمة عن التصريحات الأمريكية العبثية لكنه أتى به وكأنه مفكر مبتكر لرأي جديد.

مشاريع التهجير القسري التي يسعى إليها الاحتلال الإسرائيلي ورغبته في اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم، مع إضافة لمسات خبيثة تحاول تسويق هذا الطرح وكأنه “فرصة” وليس “نكبة جديدة”.

العبودية الفكرية لأمجد طه.. حين ينصهر المأجور في خدمة أسياده

يتحدث أمجد طه  في رؤيته الإماراتية الحمقاء عن أن الفلسطينيين يجب أن يغادروا غزة “مؤقتًا” لعشر سنوات، وكأن غزة ليست وطنًا بل مجرد غرفة فندقية يمكنهم مغادرتها والعودة إليها بعد عقد من الزمن!

 يتحدث عن أن هذا ليس تهجيرًا قسريًا، بل “فرصة لحياة أفضل”، وهذا منطقي من نظام لا يدرك ما قيمة الوطن، نظام منزوع الهوية والكرامة مستعد للانبطاح في أي وقت للسيد الأقوى.

يغرد طه واصفا رأيه أحيانا بأنه موقفه الفردي ويعبر عن رأيه الخاص، لكن هل يمكن لأي صحفي في الإمارات أن يغرّد خارج إرادة النظام؟ بالطبع هذا فقط محضرخيال، فكل ما يقال هناك هو صدى لما تريده القيادة السياسية في أبوظبي. أي شخص يعرف عن الإمارات ولو قليل يعلم أن الحديث عن “حرية الرأي” هناك مزحة سيئة، لأن أي كاتب يتجرأ على قول رأي حقيقي يعرف مصيره مسبقًا!

 

 

طه يدّعي فهم الشرق الأوسط ويفهم طبيعة أهل غزة ويراهن أنهم سيختارون التهجير إن خُيّروا من أجل الحصول على حياة أفضل، ويجهل أن الفلسطينيين لم يقاتلوا طوال كل هذه الأشهر من أجل رفاهية الحياة في ألمانيا أو كندا، بل من أجل البقاء على أرضهم؟

إن كان أمجد طه كاتبا ومفكرا خارج الصندوق فمن الممكن أن نمنحه بعض الأفكار التي لن يجرؤعلى طرحها:

🛑 إذا كان التهجير “اختيارًا انسانيا”، فلماذا لا يتم تقديم هذه “الفرصة الذهبية” للمستوطنين الإسرائيليين؟ لماذا لا يتم “إجلاؤهم” من مستوطناتهم مؤقتًا بينما يتم “إعادة إعمار غزة”؟ أو يعودوا إلى أوطانهم الأصلية “مؤقتا” أم أن الفلسطيني هو الوحيد الذي يجب أن يُقتلع من أرضه؟

إذا كان هذا الحل بهذه الروعة والسهولة والمنطقية، فلماذا لا يطرحه على الإسرائيليين؟ لماذا لا يطالب المستوطنين الذين سرقوا أراضي الفلسطينيين بالمغادرة لعشر سنوات أو للأبد.

هذا الطرح الإماراتي الأحمق لا يمكن أن ينطلي إلا على شخص غبي أو مغيب، لكن العالم اليوم يرى بوضوح أن ما يقترحه أمجد طه ليس إلا تبني أعمى لسياسات التهجير القسري، في قالب أكثر سُمّية، وأشد خطورة، لأنه يُسوّق كأنه “خيار إنساني”، تماشيا مع محاولات التسويق الأمريكية الجديدة.

غزة ليست للبيع.. وأهلها لن يرحلوا!

15 شهرًا من الإبادة الجماعية، ولم يغادر الفلسطينيون غزة.. فهل يظن أمجد طه أن تغريدة تافهة يمكن أن تدفعهم للهروب؟

لن يكون هناك “تطهير لغزة من المقاومة”، ولن يكون هناك “إعادة إعمار تحت إشراف الاحتلال أو حلفائه”، ولن يكون هناك قبول لأي مشروع تهجير مهما كان أسلوب طرحه.

الذي لم يفهمه أمجد طه وأسياده في أبوظبي أن الفلسطينيين ليسوا لاجئين يبحثون عن مأوى، بل شعب يقاتل من أجل أرضه. غزة لن تُترك، والاحتلال مهما طال سينتهي. أما هو وأمثاله، فسيبقون مجرد أدوات تستخدمهم الأنظمة لخدمة مشاريعها، ثم تلقي بهم في القمامة عند انتهاء صلاحيتهم.