دماء الفلسطينيين لم تجف بعد، ومشاهد الإبادة في غزة ما تزال تتصدر واجهة الأحداث، بينما ينشغل النظام الإماراتي بتقديم خدماته للاحتلال الإسرائيلي ليفتح له أبواب الخليج واحدة تلو الأخرى. التقارير القادمة من الصحافة الغربية تؤكد الدور الذي تؤديه الإمارات في تثبيت نفوذ الاحتلال اقتصاديًا في المنطقة.

صحيفة بلومبيرغ الأمريكية نشرت تقريرًا يكشف نوايا الاحتلال للتوسع في الخليج انطلاقًا من مدينة دبي، التي حددتها حكومة الاحتلال كمركز محوري للتجارة والسياحة في الشرق الأوسط، تمهيدًا لبسط نفوذها التجاري والسياسي عبر المنطقة.

وبحسب بلومبرغ، أعلن وزير الاقتصاد والصناعة في كيان الاحتلال نير بركات أن أكثر من 600 شركة إسرائيلية باشرت أعمالها في الإمارات منذ توقيع اتفاقيات التطبيع المعروفة بـ”اتفاقيات أبراهام” عام 2020. هذه الشركات لا تكتفي بالوجود داخل الإمارات، بل توسّعت لتشمل أسواقًا أخرى في الخليج، من بينها السعودية، رغم غياب العلاقات الرسمية.

وأضاف بركات أن هذا التوسع الإقليمي يُعتبر فرصة لإنقاذ الاقتصاد الإسرائيلي من الانهيار، بعد ما لحق به من أضرار بسبب الحرب على غزة. التوسع عبر البوابة الإماراتية يمنح الاحتلال مساحة جديدة للنفوذ والتمدد، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من الحصار والقتل والتجويع.

بالرغم من ذلك رفض الوزير الإفصاح عن مزيد من التفاصيل بشأن هذه الأنشطة، كما تجاهلت وزارة الاستثمار السعودية الرد على استفسارات الصحيفة، ما يعكس حجم التنسيق الذي يتم في الخفاء لتسهيل دخول الشركات الإسرائيلية إلى السوق الخليجي.

التقرير أورد كذلك شهادة رجل أعمال أمريكي يهودي أكد أنه عمل على إدخال الشركات الإسرائيلية إلى السوق الإماراتي قبل توقيع الاتفاقيات، وكشف أنه حاليًا في الرياض للتحضير للمرحلة القادمة من التطبيع السعودي الإسرائيلي، مما يشير إلى أن ما يجري لم يعد مجرد خطوات فردية، بل سياسة إقليمية موجهة.

لفت تقرير بلومبرغ إلى أن أحد أبرز ممولي هذا المشروع هو المستثمر الأمريكي إسحاق أبلباوم، المؤسس لشركة تستثمر في شركات تكنولوجيا إسرائيلية، وقد أنشأ مكتبًا استثماريًا في العاصمة السعودية، والذي قال في حديث له مع الصحيفة “”أرى فرصًا هائلة في حال حدوث التطبيع بين تل أبيب والرياض، حيث يمكن للطرفين الاستفادة من نقاط القوة المتبادلة؛ فالسعودية هي مركز المنطقة وتمتلك الرؤية ورأس المال والسكان، بينما تمتاز إسرائيل بالابتكار والخبرة”، مشيرًا أن هذا التعاون يعكس أن ما يُبنى اليوم في الخليج ليس مجرد مشاريع، بل شبكة تطبيع متكاملة تسعى لتطويق المنطقة بمصالح الاحتلال.

ما يجري تحت عنوان الاستثمار لا يمكن فصله عن سياقه السياسي والإنساني. قتل الفلسطينيين يجري على مرأى ومسمع العالم، بينما تتحول الإمارات إلى بوابة للاحتلال، تُمكّنه من تثبيت أقدامه في عمق المنطقة. هذا السلوك لا يمكن تبريره، ولا يغتفر، وسيبقى وصمة عار في جبين كل من ساهم فيه أو تواطأ بصمته.