في تصعيد خطير يعكس السياسة القمعية التي تنتهجها الدوائر اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة ضد الفلسطينيين، أطلقت الناشطة اليمينية المتطرفة والمقربة من الرئيس دونالد ترامب، لورا لومر، حملة تحريضية ضد الناشط الفلسطيني محمود خليل وزوجته نور عبد الله، وصلت إلى حد المطالبة بفصل طفلهما عنهما فور ولادته.
هذا التصعيد يأتي ضمن حملة أوسع تستهدف النشطاء المؤيدين لفلسطين في الولايات المتحدة، حيث تواجه العائلات الفلسطينية خطر التهديد والاعتقال والترحيل القسري، بل وحتى حرمانها من حقها الأساسي في الحفاظ على وحدة الأسرة.
لومر، المعروفة بترويج نظريات المؤامرة وتحريضها المستمر ضد العرب والمسلمين، نشرت تغريدة على منصة “إكس” دعت فيها السلطات الأمريكية إلى أخذ ابن محمود خليل وزوجته نور عبد الله فور ولادته، مدعية أن الزوجين غير مؤهلين لتربية طفل بسبب “ارتباطهما بحماس”، على حد زعمها. ونشرت لومر مقطع فيديو يظهر نور عبد الله، وهي طبيبة أسنان أمريكية حامل في شهرها الثامن، تمشي بجانب زوجها محمود خليل خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين، معتبرة أن مجرد مشاركتها في المظاهرة دليل على دعمها “للإرهاب”، وفقًا لاتهاماتها الملفقة.
BREAKING:
Mahmoud Khalil’s wife confirmed to also be a pro-HAMAS jihadi who participated in his jihadi rallies.
Now we know why Mahmoud Khalil’s wife Noor Abdalla wanted to be kept secret.
She is on video participating in her husband’s pro HAMAS activities. Maybe her child… https://t.co/Tgk65hu2gw pic.twitter.com/YvdhIMCMTp
— Laura Loomer (@LauraLoomer) March 15, 2025
في تغريدتها المثيرة للجدل، قالت لومر:
“محمود خليل وزوجته نور عبدالله غير مؤهلين ليكونا والدين، بسبب مشاركتهما في أنشطة تدعم حماس. ربما يجب أن يُؤخذ الطفل منها فور ولادته، فهي ليست ضحية بريئة، بل بنفس سوء زوجها”.
لم تكتفِ لومر بذلك، بل دعت أيضًا إلى استهداف نور عبد الله في عملها كطبيبة أسنان، متسائلة كيف يمكن الوثوق بها لعلاج المرضى اليهود وهي “تشارك في أنشطة إرهابية”، على حد زعمها، وتابعت “تعمل في عيادة أسنان في نيويورك. كيف يمكن الوثوق بها لاستخدام أدوات حادة داخل أفواه المرضى اليهود؟ هذا أمر مقلق للغاية”.
كما طالبت مسؤولين مقربين من ترامب، مثل رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل ونائب مدير الاستخبارات دان بونغينو، بفتح تحقيق ضد زوجة محمود خليل واعتقالها.
محمود خليل، الذي حصل على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة بسبب زواجه من مواطنة أمريكية، تم اعتقاله في 8 مارس/آذار في نيويورك من قبل سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، قبل نقله إلى مركز احتجاز في لويزيانا، وهو معروف بظروفه القاسية ومعاملة السجناء بأساليب قمعية.
ويقول محاموه إن اعتقاله يأتي في إطار حملة منظمة تستهدف الفلسطينيين ونشطاء حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، حيث يتم استخدام تهم ملفقة بصلاتهم بحماس أو غيرها من الجماعات الفلسطينية لتبرير اعتقالهم وترحيلهم، حتى دون وجود أدلة واضحة ضدهم.
عند اعتقال خليل، وثقت زوجته نور عبد الله الواقعة عبر مقطع فيديو نشرته منظمة الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)، حيث ظهرت وهي تصرخ وتسأل العملاء الفيدراليين عن المكان الذي يتم أخذه إليه. وكان الرد الوحيد الذي تلقته هو “26 فيدرال بلازا”، وهو عنوان محكمة الهجرة بوسط مانهاتن، مما أثار مخاوف من إمكانية ترحيله في أي لحظة.
التقارير تكشف أن استهداف خليل لا يرتبط فقط بمشاركته في الاحتجاجات، بل أيضًا بتاريخه الطويل في العمل الإنساني، حيث بدأ نشاطه في لبنان عام 2016، حين التقى بزوجته أثناء إدارتها لبرنامج تطوعي لتقديم منح دراسية للشباب السوريين اللاجئين. وبعد علاقة استمرت سبع سنوات، تزوجا في نيويورك عام 2023.
لومر واليمين المتطرف.. حملة أوسع ضد النشطاء الفلسطينيين
لومر ليست مجرد ناشطة يمينية عادية، بل تعد من أبرز الشخصيات في حركة( MAGA نجعل أمريكا عظيمة مجددًا)، وهي حركة يقودها ترامب وتمثل أحد أبرز التيارات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، ومعروف عنها دعمها المطلق لإسرائيل، ورفضها لأي خطاب ينتقد سياسات الاحتلال، فضلاً عن تبنيها لمواقف عنصرية ضد المسلمين والمهاجرين.
هذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها لومر دعوات تحريضية ضد النشطاء الفلسطينيين أو المؤيدين للقضية الفلسطينية. فقد سبق أن شنت حملات مشابهة استهدفت طلاب الجامعات المؤيدين لفلسطين، واتهمتهم بالإرهاب، بل وطالبت بطردهم من الجامعات الأمريكية وسحب جنسياتهم.
كما أن دعوتها إلى فصل الطفل عن والدته تأتي في سياق أوسع من السياسات التي يتبناها اليمين المتطرف الأمريكي لاستهداف العائلات الفلسطينية، وذلك في محاولة لردع أي تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين من داخل الولايات المتحدة.
المطالبة بفصل الطفل عن والدته فور ولادته تعكس مستوى غير مسبوق من الانتهاكات لحقوق الإنسان، حيث يتجاهل الخطاب العنصري لليمين المتطرف في أمريكا المبادئ الأساسية لحماية الأسرة التي يكفلها القانون الدولي.
الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، تنص بوضوح على حق الطفل في البقاء مع والديه، وعدم فصلهما عنهما إلا في حالات الضرورة القصوى التي تهدد سلامته. لكن ما تدعو إليه لومر لا يستند إلى أي مبرر قانوني أو أخلاقي، بل هو محاولة لتكريس العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين لمجرد تعبيرهم عن موقف سياسي.
ردود فعل غاضبة ودعوات لمحاسبة المسؤولين
تصريحات لومر أثارت غضبًا واسعًا بين النشطاء الحقوقيين والمنظمات المدافعة عن الحريات المدنية، فقد وصفت منظمة الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU) هذه الدعوات بأنها “تحريض خطير يستهدف الأسرة الفلسطينية بشكل مباشر”، ودعت السلطات الأمريكية إلى رفض مثل هذه المطالب العنصرية.
من جهته، قال المتحدث باسم منظمة “مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين” إن هذه التصريحات تعكس الوجه الحقيقي للحركة اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة، والتي تسعى إلى استئصال كل صوت يدافع عن حقوق الفلسطينيين، وتابع “لومر لا تستهدف محمود خليل وزوجته فحسب، بل تستهدف كل فلسطيني وكل شخص يجرؤ على التعبير عن دعمه لفلسطين. هذه حملة منظمة لإسكات أي صوت يرفض الاحتلال الإسرائيلي ويدافع عن حقوق الفلسطينيين”.
في الوقت الذي يواجه فيه محمود خليل خطر الترحيل القسري، تتحول عائلته الآن إلى هدف لحملة انتقامية تهدف إلى تمزيقها، في خطوة تعكس مدى التواطؤ بين الجماعات اليمينية المتطرفة واللوبيات الداعمة لإسرائيل داخل الإدارة الأمريكية.
ما يحدث مع محمود خليل وزوجته نور عبد الله هو جزء من سياسة قمعية أوسع تستهدف النشطاء الفلسطينيين وعائلاتهم في الولايات المتحدة. التحريض العلني على فصل طفل عن والدته فور ولادته ليس سوى خطوة أخرى في حملة التخويف والترهيب التي تسعى إلى إسكات أي صوت يعارض الاحتلال الإسرائيلي. هذه السياسات، التي تتجاوز كل الحدود الأخلاقية والقانونية، تضع الإدارة الأمريكية أمام اختبار حقيقي حول مدى التزامها بحقوق الإنسان، أم أنها ستواصل دعمها الأعمى لإسرائيل على حساب القيم التي تدّعي الدفاع عنها.
اضف تعليقا