شهدت مدينة بات يام، الواقعة جنوب تل أبيب، سلسلة انفجارات هزت ثلاث حافلات في مناطق متفرقة، مما أثار حالة من الذعر داخل الاحتلال وسط استنفار أمني غير مسبوق. 

وأفادت الشرطة الإسرائيلية بأن التحقيقات الأولية تشير إلى أن التفجيرات ناجمة عن عبوات ناسفة تم زرعها في الحافلات، وأنه تم العثور على عبوة إضافية لم تنفجر. 

وبحسب وسائل إعلام عبرية فإن سلطات الاحتلال تشتبه في أن الحادث له دوافع قومية، حيث تُجري عمليات تمشيط واسعة النطاق بحثًا عن المشتبه بهم في زرع المتفجرات.

وعقب الانفجارات، تم تعليق حركة القطار الخفيف في منطقة بات يام بالكامل، بينما أكدت التقارير أن العبوات الناسفة التي تم العثور عليها كانت معدة للتفجير بشكل متزامن صباح الجمعة. 

في الوقت ذاته، أعلن رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن عقد اجتماعات أمنية طارئة، وسط تصاعد المخاوف من تداعيات الحادث على الوضع الأمني والسياسي.

بين الفشل الأمني والاحتمالات السياسية

إعلان الاحتلال السريع أن التفجيرات “هجوم إرهابي” يطرح عدة تساؤلات حول توقيت الحادث وسياقاته السياسية والأمنية، فبينما كانت تل أبيب تواجه ضغوطًا داخلية هائلة بعد تسليم جثث جنودها المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية، جاءت هذه التفجيرات لتعيد توجيه الأنظار نحو “التهديدات الأمنية” بدلًا من الأزمة السياسية التي يواجهها نتنياهو وحكومته.

في هذا السياق، من اللافت أن الحادث لم يسفر عن أي قتلى أو جرحى، وهو ما يثير الشكوك حول طبيعة التفجيرات وأهدافها.

وقد سبق لإسرائيل أن وظفت أحداثًا مشابهة لتعزيز سياساتها الأمنية والتصعيد في الأراضي الفلسطينية، حيث يتم تضخيم بعض الحوادث لتبرير شن عمليات عسكرية في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

علاوة على ذلك، فإن استدعاء نتنياهو لمشاورات أمنية عاجلة يوحي بأن هناك نية لاستغلال التفجيرات لتمرير سياسات أكثر تشددًا، سواء من خلال التصعيد الأمني في الضفة أو تنفيذ عمليات اغتيال بحق قيادات المقاومة. 

كما أن وجود كتابات على إحدى العبوات الناسفة تشير إلى “الانتقام لطولكرم” قد يكون محاولة لربط التفجيرات بالمقاومة الفلسطينية، وهو أسلوب طالما استخدمته إسرائيل لتبرير عدوانها على المناطق الفلسطينية.

انعكاسات الحدث على السياسة الإسرائيلية والميدان الفلسطيني

في ظل الأوضاع المتوترة في الأراضي المحتلة، يمكن أن تمثل هذه التفجيرات فرصة للحكومة الإسرائيلية لتعزيز وجودها العسكري في الضفة الغربية، خصوصًا أن الاحتلال يشن منذ أسابيع عمليات عسكرية واسعة ضد مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس. 

وقد تبرر تل أبيب هذه التفجيرات كذريعة لزيادة وتيرة التصعيد، وإضفاء شرعية على عمليات القمع والاغتيالات بحق الفلسطينيين.

من ناحية أخرى، قد يستغل اليمين المتطرف هذا الحدث لتبرير سياسات أكثر تطرفًا ضد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وفرض المزيد من القيود الأمنية، لا سيما بعد تزايد الأصوات المعارضة لنتنياهو داخل إسرائيل.

في المحصلة، سواء كانت هذه التفجيرات عملية مدبرة لتحقيق أجندات إسرائيلية، أو أنها جاءت بالفعل ضمن سياق عمليات المقاومة، فإن تداعياتها قد تكون كبيرة، خصوصًا في ظل التصعيد المتزايد في الأراضي الفلسطينية.

ويبقى السؤال الأهم: هل ستستخدم إسرائيل هذا الحادث كذريعة لتوسيع عدوانها، أم أن الحدث سيكشف مجددًا هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية وعجزها عن منع مثل هذه العمليات؟

اقرأ أيضًا : انتحار الجنود الإسرائيليين.. أزمة نفسية تتفاقم تكشف آثار الحرب على المجتمع الإسرائيلي