تواصل دولة الإمارات سعيها الدؤوب لترسيخ التطبيع مع إسرائيل في كافة المجالات وعلى مختلف الصعد، وذلك عبر عقدها لسلسلة من الاتفاقيات المشتركة شملت مختلف الجوانب التجارية والأمنية والاقتصادية، حيث تطور الأمر مؤخراً لاستيراد الإمارات لمنتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، في مخالفة صريحة للقوانين والمعاهدات الدولية.

المستوطنات


دعم المستوطنات

وفي تطور لافت، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية، عن انطلاق أول شحنة تجارية من منتجات مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، المقامة على الأراضي الفلسطينية، إلى دولة الإمارات، ضمن اتفاقيات التطبيع بين الجانبين.

وذكرت القناة الإسرائيلية السابعة التابعة للمستوطنين، أن “أولى الشحنات من زيت الزيتون والعسل”، انطلقت من “شومرون” الواقعة شمال الضفة الغربية المحتلة، إلى إمارة دبي.

وبحسب القناة العبرية، فقد تم تجهيز الشحنات الأولى من قبل مصنع خمور طرة الاستيطاني في مستوطنة “بساغوت” المقامة على أراضي فلسطينية قرب رام الله ومصنع عسل برادايس بمشاركة رئيس مجلس المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة يوسي دغان.

وأكد دغان أن التعاون الاقتصادي مع الإمارات سيعزز الاستيطان للوصول إلى حلم “مليون مستوطن في الضفة الغربية”. حسب زعمه.

وأضاف” دغان”، خلال إشرافه على عملية التصدير، إنه “يوم تاريخي للسامرة ودولة إسرائيل”، فيما لم تعقب السلطات الإماراتية على ما أوردته القناة العبرية.

وفي ديسمبر الماضي، وقّعت شركة “فام القابضة”، ومقرها دبي صفقة مع شركات عاملة في المستوطنات الإسرائيلية لتصدير منتجاتها للإمارات.

ويتهدد شركات الإمارات فرض عقوبات من الأمم المتحدة عليها بسبب تعاملها مع منتجات مستوطنات إسرائيل، حيث دعت مؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان في رسالة لها إلى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان “ميشيل باشليه” إلى اتخاذ إجراءات عاجلة تجاه أية استثمارات إماراتية في مشاريع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية.

ولفتت إمباكت إلى عواقب تشجيع مشاريع الاستيطان الذي يتسبب في مصادرة الأراضي الفلسطينية بشكلٍ واسع، وسلب حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم، داعيةً حكومة الإمارات والقطاع الخاص الإماراتي إلى وقف جميع أعمالهم التجارية مع الشركات التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية أو تفيدها.

وناشدت المؤسسة “باشليه” لمعالجة إهمال الإمارات الصارخ لواجباتها تجاه حماية حقوق الإنسان في أعمالها التجارية.

وطالبت إمباكت المفوضة بأن توضح للإمارات أنه في حال قامت باستيراد منتجات إسرائيلية، فعليها أن تلتزم بالقانون الإنساني الدولي، بحيث تبتعد عن دعم ومساعدة السلطات الإسرائيلية في توسيع احتلالها.

ودعت إمباكت المفوضية السامية إلى توسيع القائمة بشكل دوري وإدراج أية شركات أخرى تساهم في الاستثمار أو دعم المؤسسات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، بما فيها الشركات الإماراتية.

 

تنديد واسع

وقوبلت الخطوة الإماراتية باستيراد منتجات مستوطنات إسرائيلية بتنديد فلسطيني وحقوقي شديدين، حيث قالت وزارة الاقتصاد الفلسطينية إن محاولة تسويق منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الإمارات يعد انتهاكا صارخا للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرم الاستيطان على الأراضي الفلسطينية المحتلة والتعامل معه، ومحاولة لشرعنته.

فيديو: الإمارات وإسرائيل.. اكتمال دائرة عار التطبيع - إمارات ليكس

وطالبت الوزارة الشركات الإماراتية، بالتراجع والتوقف عن هذه الخطوة غير القانونية والتي من شأنها أن تعزز من النشاط الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وأضافت أنها التفاف على حقوق الشعب الفلسطيني في الاستثمار بموارده وأرضه التي تتعرض لقرصنة بتشجيع من إدارة دونالد ترمب.

ودعت الوزارة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ الإجراءات المتبعة في حظر إدخال منتجات المستوطنات إلى الأسواق العربية والإسلامية، وذلك تبعاً لقرارات القمم العربية التي أكدت أن مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي ونظامه الاستيطاني، هي إحدى الوسائل الناجعة والمشروعة لمقاومته وإنهائه ومجابهة المخططات الإسرائيلية الساعية الى ضم الأراضي الفلسطينية.

بدورها، أدانت حركة حماس على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، بدء الإمارات باستيرات بضائع من منتجات المستوطنات.

وقال قاسم في تصريح صحفي، إن “بدء شركات من الإمارات باستيراد منتجات المستوطنات في الضفة الغربية، إصرار على خطيئة التوقيع على اتفاق التطبيع”.

وأكد أن التبادل التجاري بين الطرفين، يمثل تشجيعا للاستيطان، المقام على أراضي الفلسطينيين بالضفة، معتبرا الاستيراد الإماراتي لمنتجات المستوطنات، يعد دفعة “لسياسة التهجير التي يمارسها اليمين الصهيوني”.

وذكرت بقرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي أكد أن الاستيطان “الإسرائيلي” يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويعتبر المستوطنات كيانات غير قانونية.

من جانبها، قالت “أتافيا ساني”، الباحثة في إمباكت الدولية إن تصاعد الاستثمارات بدأ بعد توقيع اتفاقية “أبراهام” في 15 من سبتمبر الماضي بين حكومات إسرائيل، والإمارات، والبحرين، والتي ستؤدي إلى فرض المزيد من القيود على سبل عيش الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

وأضافت “ساني” أن ارتفاع معدل الاستثمار في المشاريع التجارية داخل المستوطنات الإسرائيلية مقلق.

وأشارت إلى أن الاستثمارات الإماراتية تساهم فقط بتوسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وتنتهك حقوق الفلسطينيين واستقلالهم.

 

تطبيع إعلامي

وفي سياق تطبيعي آخر، أعلنت مجموعة “يسرائيل هيوم” الإعلامية العبرية، انضمام نجاة السعيد وهي باحثة وصحفية إماراتية إلى فريق عملها، حيث تأتي الخطوة في إطار تعزيز التطبيع الإعلامي المتنامي بين أبوظبي وتل أبيب بموجب اتفاق إشهار التطبيع بينهما.

وذكرت المجموعة الصحفية العبرية، أن السعيد ستعمل كمعلقة سياسية وكاتبة عمود في الصحيفة التي تصدر يوميًا، وتعد من أشد الصحف تطرفا وعنصرية في إسرائيل لقربها من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتكتب السعيد عمودًا في جريدة الاتحاد الإماراتية، وتشارك كمحللة في قناة الحرة الفضائية الأميركية التي تنطق بالعربية، وتعمل أستاذة مساعدة في جامعة زايد في دبي، قسم الإعلام، كما عملت محررة في مجلات نسائية معنية بحقوق المرأة، والتعليم، والفن والصحة.

وفي السابع من الشهر الماضي تم الإعلان عن اتفاق جديد بين الإمارات وإسرائيل يستهدف قطاع الإعلام، وذلك عبر توقيع مذكرة تفاهم لأهداف مشبوهة تقوم على تعزيز تحالف إشهار التطبيع بين الجانبين.

وأعلنت قناة “أي 24 نيوز” ومقرها إسرائيل، ومجموعة أبوظبي للإعلام عن توقيعهما مذكرة تفاهم “لتطوير المحتوى” و”توفير تغطية إخبارية متبادلة” لطواقم المؤسستين الإعلاميتين.

وتسمح مذكرة التفاهم بين “أي 24 نيوز” التي تبث باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، ومجموعة أبوظبي للإعلام وهي شركة خدمات عامة للإعلام تقدم خدماتها لقنوات أبوظبي وأبوظبي الرياضية وشبكة أبوظبي الإذاعية، “بتبادل التغطية في مجال الأخبار والقضايا الراهنة والتقارير وإنتاج المحتوى” مع التركيز على اللغة العربية.

وأكد المؤسس والرئيس التنفيذي لشبكة “أي 24 نيوز” التي انطلقت في العام 2013، فرانك ملول، على أن الشراكة تمثل “خطوة ستسمح بتوسيع أنشطتنا على اعتبار أنها شراكة رائدة في الشرق الأوسط، المنطقة التي نغطي أحداثها بكثافة”.

وأبدى ملول ارتياحه لهذه الشراكة “التاريخية” وما تتضمنه من خدمة للتسويق الإعلامي لصورة إسرائيل الخارجية بدعم وتورط إماراتي.

من جهته زعم القائم بأعمال مدير عام مجموعة أبوظبي للإعلام عبد الرحيم البطيح، على أن الشراكة الإعلامية مع “أي 24 نيوز”، تساهم في “تطوير القدرات الإنتاجية لتقديم مضامين إعلامية مميزة وهادفة”.

اقرأ أيضاً: تشكيك بالمصالحة وإساءة لأمير الكويت.. الإمارات تحرك أذرعها لإفشال اتفاق العلا الوليد