في تطور ميداني لافت، أكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أن مقاتلي فصائل المقاومة في قطاع غزة، وعلى رأسهم كتائب عز الدين القسام، باتوا يبادرون إلى الهجوم بعزم غير مسبوق، ويُظهرون قدرة لافتة على كشف تحركات قوات الاحتلال ومواقع تمركزها، مما تسبب في خسائر متصاعدة في صفوف الجيش الإسرائيلي.

وبينما كان جيش الاحتلال يعوّل على انهيار قدرات المقاومة بعد تسعة أشهر من الحرب الوحشية، فإن الوقائع الميدانية تكشف العكس: مقاومة أكثر جرأة، وجيش مرتبك يتلقى الضربات في أكثر من جبهة.

الميدان يشتعل: المقاومة تهاجم مواقع الاحتلال وتكشف ثغراته

بحسب ما نقلته هيئة البث العبرية، فإن مصادر في جيش الاحتلال اعترفت أن “المسلحين الفلسطينيين لم يعودوا في وضع دفاعي كما في بداية الحرب، بل يظهرون اليوم رغبة متزايدة في الاشتباك المباشر، وهم مزودون برشاشات ثقيلة وقاذفات RPG وعبوات ناسفة.” وتؤكد المصادر أن مقاتلي حماس يتعاملون مع الجيش بجرأة، ويهاجمون نقاط تمركزه استنادًا إلى معرفة مسبقة بخطوطه ومواقعه.

ضابط إسرائيلي كبير يقاتل في غزة قال بوضوح إن هناك “تحولاً حقيقياً في سلوك المقاتلين بعد جولة التصعيد مع إيران في أبريل الماضي”، مشيرًا إلى تصاعد العمليات النوعية في خان يونس جنوبًا، وعودة مجموعات مقاتلي الشمال باتجاه مدينة غزة في تكتيك يبدو أشبه بهجوم استنزافي مستمر.

التقدير الأخطر جاء من ضابط رفيع في جيش الاحتلال قال إن “مقاتلي حماس يعرفون نقاط تجمع الجيش، ويهاجمونها بعزم غير مسبوق”، وهو اعتراف نادر بحالة التفوق الاستخباري والتكتيكي التي أظهرتها المقاومة، رغم كل الضربات والدمار.

المعنويات تتصدع: الجيش يتلقى الضربات والخسائر تتصاعد

رغم التعتيم الإعلامي الذي تمارسه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إلا أن المعطيات الرسمية تؤكد ما لا يمكن إنكاره: المقاومة لا تزال قادرة على إلحاق خسائر موجعة. فخلال الساعات الماضية، أعلن جيش الاحتلال مقتل جندي من الكتيبة 53 التابعة للواء المدرعات “باراك 188” في كمين جنوب القطاع، بعد استهداف دبابة بصاروخ موجه، أعقبه إطلاق نار على وحدة الإنقاذ، ما أسفر عن إصابة أربعة جنود، اثنان منهم في حالة حرجة.

وفي حادثة مشابهة في شمال القطاع، سقط جندي آخر في كمين للمقاومة، ليُسجل هذا اليوم خسارتين جديدتين تضافان إلى سجل الخسائر المتزايدة. ووفقاً لأرقام جيش الاحتلال، فإن عدد القتلى العسكريين منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر بلغ 882 جندياً، من بينهم 438 سقطوا في المعارك البرية. كما أُصيب أكثر من 6 آلاف جندي، بينهم حوالي 2700 في العمليات الميدانية داخل غزة.

هذه الأرقام، رغم أنها منقوصة بحسب تقديرات فلسطينية ودولية، تعكس حجم الكلفة البشرية التي يدفعها الجيش الإسرائيلي في مواجهة مقاومة محاصرة لكنها منظمة ومصمّمة على القتال حتى الرمق الأخير.

تفكك القيادة وتزايد الخلافات في أروقة القرار الإسرائيلي

في سياق موازٍ، نقلت القناة 13 العبرية عن مصادر مطلعة أن رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماع “الكابينت” أن الجيش “لا يمكنه السيطرة على مليوني فلسطيني في غزة”، في تصريح يُفهم منه أن المؤسسة العسكرية لم تعد تؤمن بإمكانية فرض “حل أمني دائم” على القطاع بالقوة، رغم أشهر من الدمار والحصار.

ويأتي هذا الاعتراف وسط تصاعد الخلافات بين المستويين العسكري والسياسي في تل أبيب، حيث يواجه نتنياهو ضغوطاً من اليمين المتطرف للاستمرار في الحرب وتحقيق ما يسمونه “الانتصار الكامل”، في حين يواجه الجيش واقعًا مغايرًا في الميدان، حيث لا سيطرة حقيقية، ولا انتصار في الأفق، بل مقاومة متجذرة تستنزف جنوده في كل ميدان.

خاتمة: غزة تصمد والاحتلال يتخبط

ما تشهده غزة اليوم ليس فقط صمودًا بطوليًا، بل هو تحوّل نوعي في ميزان القوة داخل معادلة حرب غير متكافئة. فبينما تتفوق إسرائيل بالعدة والعتاد والتكنولوجيا والدعم الغربي، تثبت المقاومة الفلسطينية أنها تمتلك ما هو أخطر: إرادة القتال، ومعرفة الأرض، ومرونة تكتيكية أربكت حسابات أقوى الجيوش في الشرق الأوسط.

إن اعتراف ضباط الاحتلال بأن “المقاتلين يعرفون نقاط تمركزنا ويهاجموننا بعزم غير مسبوق” هو دليل إضافي على أن المقاومة ليست مجرد مجموعات مسلحة بل هي منظومة قادرة على التطور والصمود، وأن الحسم في غزة بعيد المنال، بل وقد يكون مستحيلاً في ظل هذا الواقع المتفجر. وبينما يقتل الاحتلال ويهدم ويشرد، فإن المقاتلين الفلسطينيين يثبتون أن الحق لا يُقهر وأن العدو، مهما بلغ من القوة، سيظل هشًا أمام أصحاب الأرض.

اقرأ أيضًا : تل أبيب تحت الاختراق.. إيران تشعل جبهة التجسس داخل إسرائيل