في تصريح جديد يعكس حجم الكارثة الإنسانية المستمرة في اليمن، كشف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، عن أرقام صادمة حول وضع الأطفال في هذا البلد المنكوب.
وفقًا لفليتشر، يعاني نصف أطفال اليمن، البالغ عددهم 2.3 مليون، من سوء التغذية، بينما يواجه 600 ألف منهم سوء التغذية الحاد، وهو وضع يهدد حياتهم في بلد تتسارع فيه وتيرة الأزمات.
الأطفال في مواجهة الموت البطيء
الأرقام التي قدمها فليتشر تكشف عن كارثة إنسانية لا يمكن تجاهلها. سوء التغذية يضرب نصف أطفال اليمن، في حين أن 600 ألف منهم يعانون من سوء التغذية الحاد، مما يعني أنهم على حافة الموت.
هذه الأرقام المروعة لا تقتصر على التغذية فقط، بل تمتد إلى الصحة العامة، حيث يعاني النظام الصحي اليمني من انهيار شبه كامل، ما يجعل الأطفال أكثر عرضة للأمراض المعدية.
من بين المؤشرات الأكثر خطورة التي أشار إليها فليتشر، أن 69% فقط من الأطفال اليمنيين دون سن العام تلقوا تطعيمًا كاملًا، بينما حُرم 20% منهم من اللقاحات تمامًا، وهي نسبة وصفها بأنها من بين الأسوأ عالميًا.
في ظل هذا الوضع، تتزايد معدلات الإصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم، مثل الكوليرا والحصبة، حيث سجل اليمن أكثر من ثلث حالات الكوليرا العالمية و18% من الوفيات المرتبطة بها العام الماضي.
النساء والأمهات في قلب الأزمة
لم تكن مأساة اليمن مقتصرة على الأطفال فقط، بل تمتد لتشمل النساء، وخاصة الحوامل والمرضعات.
وأوضح فليتشر أن 1.4 مليون امرأة حامل ومرضع يعانين من سوء التغذية، مما يعرض الأمهات والمواليد لخطر جسيم. كما أن 9.6 ملايين امرأة وفتاة بحاجة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة، في ظل انهيار نظام الرعاية الصحية.
وأشار فليتشر إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2025 لم تتلق سوى 9% من المبلغ المطلوب، مما يهدد بإغلاق ما يقرب من 400 مرفق صحي، وهو ما سيؤثر على نحو 7 ملايين شخص. هذا النقص الحاد في التمويل يأتي في وقت حرج، حيث تتزايد الاحتياجات وتتفاقم المأساة.
الألغام: القاتل الصامت للأطفال
ولم يقف فليتشر عند حد سوء التغذية فقط، بل أشار إلى تهديد آخر يلاحق الأطفال في اليمن، وهو الألغام الأرضية التي تنتشر في مناطق واسعة من البلاد.
هذه الألغام تفرض خطرًا مباشرًا على حياة الأطفال الذين يجدون أنفسهم محاصرين بمناطق مليئة بها.
كما أن المدارس باتت خالية من المعلمين والمناهج، مما يضاعف من معاناة الأطفال ويحرمهم من حقهم في التعليم.
الدور الإماراتي في تعميق المأساة
وفي سياق الحديث عن الأزمة الإنسانية في اليمن، لا يمكن تجاهل الدور السلبي الذي لعبته الإمارات في هذا الصراع. فمنذ تدخلها العسكري في اليمن ضمن التحالف العربي، دعمت الإمارات ميليشيات محلية أدت إلى تأجيج النزاع، وفرضت سيطرتها على الموانئ والمناطق الاستراتيجية في جنوب اليمن.
الدعم الإماراتي للميليشيات المسلحة، خاصة في المناطق الجنوبية، أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتفاقم المعاناة الإنسانية. كما سعت الإمارات إلى تعزيز نفوذها في الجزر اليمنية مثل جزيرة سقطرى، متجاهلة معاناة الشعب اليمني ومفاقمة للأزمة الإنسانية التي يعيشها.
خاتمة: اليمن بين المجاعة والتجاهل الدولي
تستمر معاناة الأطفال في اليمن في ظل أوضاع إنسانية كارثية، مع نقص الغذاء وتفشي الأمراض وفقدان الرعاية الصحية. هذه المأساة التي وصفها فليتشر بأحد أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، تتفاقم مع استمرار الصراع وتدخلات إقليمية تزيد من حدة الأزمة.
ويظل السؤال المطروح: إلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتًا أمام معاناة أطفال اليمن؟ ومتى ستتحمل الدول الداعمة للصراع، مثل الإمارات، مسؤوليتها في إيقاف هذه المأساة؟
اقرأ ايضًا : حملة إسرائيلية – إماراتية منسقة ضد قطر: تصعيد متعدد المسارات يستهدف دور الدوحة الإقليمي
اضف تعليقا