في فضيحة جديدة للنظام الإماراتي، أعلنت وزارة العدل الأميركية، الثلاثاء الماضي، اعتقال توم براك المستشار السابق لدونالد ترامب للاشتباه في ضلوعه بأنشطة لصالح الإمارات، حيث يواجه حاليًا أمام القضاء الأمريكي 7 تهم مرتبطة بالتعامل مع نظام أبوظبي دون إخطار رسمي ما بين أبريل/نيسان 2016 وأبريل/نيسان 2018.

وجاء في لائحة الاتهام التي وجهها مدعون فدراليون في منطقة بروكلين في نيويورك، أن باراك، ورجل أعمال إماراتي لم يسجلا نفسيهما ضمن لائحة الوكيل الأجنبي بموجب قانون “فارا” (FARA)، الذي ينظم عمل جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وأن الرجلين استغلا نفوذهما لخدمة أهداف السياسة الخارجية الإماراتية داخل الولايات المتحدة، في الفترة ما بين أبريل/نيسان 2016 وأبريل/نيسان 2018.

ولفت تقرير العدل الأمريكية أن المتهمين استفادوا مرارا من علاقة براك بمرشح رئاسي وصل في النهاية إلى الرئاسة، في إشارة إلى ترامب. حيث جاء في لائحة اتهام وزارة العدل الأميركية أن رجل الأعمال الإماراتي راشد سلطان الشحي تواصل مع باراك في 2017 بشأن معارضة الإمارات لعقد قمة في منتجع كامب ديفيد الأميركي لحلحلة الأزمة الخليجية. وبالفعل، لم تعقد هذه القمة حينها بسبب الضغط الإماراتي.

 

اهتمام الإعلام الأمريكي بالفضيحة الإماراتية

ووفق وسائل إعلام أميركية، فإن هدف نظام أبوظبي من استغلال باراك حينها هو التأثير على مواقف السياسة الخارجية للحكومة الأمريكية في الإدارة الأمريكية الفائزة بالانتخابات حينها (إدارة ترامب)، وكذلك السعي للتأثير على الرأي العام لصالح الإمارات.

كذلك، فتشت الصحف الأمريكية في ماضي الإمارات من الرشاوى والفساد وشراء الذمم، خصوصًا مع مسؤولين ومشاهير في الولايات المتحدة، حيث ذكرت شبكة “سي ان بي سي” الأمريكية أن هذه ليست المرة الأولى التي يكشف فيها الفساد الإماراتي. فبينما كان جورج نادر –  الذي أقر لاحقًا بارتكاب جرائم جنسية مع أطفال وتهم إباحية- مستشارًا لمحمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، فإنه قام بتحويل 2.5 مليون دولار إلى إليوت برويدي، وهو جامع تبرعات لحملة ترامب 2018، وقد أثبت ذلك تحقيقات انبثقت من تحقيق المحامي الخاص روبرت مولر عن التدخلات في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.

وقالت مصادر لوكالة أسوشييتد برس، إن نادر دفع الأموال إلى برويدي، من أجل تمويل محاولة لإقناع واشنطن بتشديد موقفها ضد قطر، حليف الولايات المتحدة، لكنها خصم لدود للإمارات. كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، نقلًا عن مئات الصفحات من المراسلات بين الرجلين، في عام 2018 حملة من جانب السعودية والإمارات للتأثير على البيت الأبيض في عهد ترامب. واعترف برويدي في أكتوبر / تشرين الأول 2020 بأنه مذنب في تهمة التآمر للعمل كعميل أجنبي غير مسجل.

 

السفير الإماراتي يرفض التعليق

ومن جانبها، ذكرت الصحيفة الأمريكية الشهيرة، وول ستريت جورنال، أن السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، رفض التعليق على اعتقال توم براك، والاتهامات الموجهة له، بعد تواصل الصحيفة معه.

واهتمت الصحيفة بكافة التفاصيل التي تخص القضية، حيث نقلت أن باراك عمل مع رجل الأعمال الإماراتي، راشد الملك، لصياغة لغة لخطاب ألقاه في مايو 2016 حول سياسة الطاقة للمرشح آنذاك ترامب، بالتشاور مع أحد كبار المسؤولين في الإمارات العربية المتحدة. وجاء في لائحة الاتهام أن السيد مالك أرسل رسالة نصية للسيد باراك تمدح فيها أحد المسؤولين الإماراتيين.

وقال ممثلو الادعاء إن هذه اللغة أضيفت إلى مسودة تم تعميمها، لكنها حُذفت في النهاية من خطاب ترامب. ومع ذلك، قال مسؤول إماراتي آخر لباراك إن الإمارات العربية المتحدة وجاء في لائحة الاتهام إن المسؤولين كانوا “سعداء بالنتائج”.

وفي تفاصيل لائحة الاتهام صياغة مقال رأي لباراك في أكتوبر 2016، نصح خلاله مالك ماثيو غرايمز – الموظف السابق في كولوني المتهم في القضية – بأن المسؤولين الإماراتيين لم يعجبهم مصطلح “ديكتاتوريات” و ” لا يريدون أن يوصفوا أيضًا بأنهم ديكتاتوريون “. وجاء في لائحة الاتهام أن السيد غرايمز وافق على تغيير اللغة إلى “أنظمة”.

 

السعودية ليست بعيدة عن القضية

وذكرت وول ستريت جورنال أن علاقات باراك بالشرق الأوسط قد خضعت للتدقيق من قبل، إلى جانب عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين مصالحه التجارية وتأثير البيت الأبيض. حيث أظهرت الوثائق التي أصدرتها لجنة الرقابة في مجلس النواب في عام 2019 أن السيد باراك سعى للحصول على تمويل من الحكومة السعودية في محاولة لشراء شركة ويستنجهاوس الأمريكية لبناء المفاعلات النووية، حتى عندما ضغط من أجل الحصول على دعم إدارة ترامب لهذه الاستراتيجية. 

وقال تقرير اللجنة إن باراك سعى للحصول على وظيفة رفيعة في البيت الأبيض للتعامل مع سياسة الشرق الأوسط حتى عندما كان يضغط من أجل البرنامج النووي السعودي، الذي تطمح الرياض لتنفيذه.

وفي الختام، لم تكن هذه الأخبار المذكورة عاليه مفاجأة، فهي ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة بأي حال من الأحوال، فبين الفينة والأخرى، تظهر وثائق مسربة تؤكد على الأدوار المشبوهة التي يمارسها حكام إمارات الشر عن طريق استغلال أموال بلدهم الثري، في سبيل توسيع نفوذهم وتعزيز مكانتهم على حساب شعوب العالم الحر. فلن تجد الإماراتُ يومًا تستخدم ثرواتها أو تستغل نفوذها لخدمة شعوب المنطقة أو لتعزيز قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. لكن دومًا كانت أموالها سيفًا مُشهرًا ضد الشعوب والقيم الإنسانية المثلى.