كتب- باسم الشجاعي:

يبدو أن المنطقة الخليجية على أعتاب مرحلة جديدة تريد فيها السعودية والإمارات التفرد بالقرار العربي بشكل كامل، و لن تسمح بأي صوت أو رأي معارض، وخاصة إذا كان من داخل منظومة دول الخليج.

فمع مرور عام على الأزمة الخليجية من المتوقع أن تجد الكويت وسلطنة عُمان، اللتان تقومان بدور الوسيط حاليًا، نفسيهما في المربع القطري مستقبلًا، كنوع من العقاب لعدم الانحياز لفريق الحصار.

وهناك شعور يقترب من اليقين بأن ما حدث لقطر منذ عام  يمكن أن يحدث للبلدين مستقبلًا، وخاصة إذا جنحت دول الحصار إلى مزيد من التصعيد، وفق ما أكد متابعون.

الفرصة سانحة

ولا يمكن استبعاد الأحداث الأخيرة في الأردن عن محاولة زعزت استقرارها والذي تزامن مع الذكرى الأولى لحصار قطر.

وفي هذا الصدد، تحدثت صحيفة “إسرائيلية” عن الاحتجاجات التي تضرب عمان هذه الأيام، وكيف لعبت كل من السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة، دورًا في تصاعدها، وذلك لتغريدها بعيدًا عن دول الحصار.

وأكدت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، في تقرير أعدته الصحفية الإسرائيلية المختصة بالشؤون العربية، “سمدار بيري”، “الأحد” الماضي، أن “أمرين حصلا في الأردن في الأيام الأخيرة، أما الأول؛ فقد طارت عمان من الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومصر، في موضوع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس”.

وأما الأمر الثاني، فهو “تظاهر الأردنيين في المدن الكبرى ضد رفع أسعار النفط والكهرباء والنية لإعداد ضريبة دخل جديدة لكل مواطني الدولة، مع التنويه بأنَّ هذا فقط للمواطنين وليس لمن يسكنون في الأردن وعددهم هائل”.

وذكرت أنّه “في الظاهر لا يوجد صلة بين الأمرين، فنقل السفارة سياسي، ومطالب الأردنيين تتعلق بالشأن الاقتصادي”، مؤكدة أن هناك صلة بين الأمرين، “فالأردن الذي يتصرف كدولة غنية، يعيش عمليًا على التبرعات والمساعدات الأجنبية منذ سنوات عديدة”.

وتابعت: “دفعة واحدة تفكك كل شيء، فالسعودية ولأسبابها، قررت التنازل عن الأردن في مسيرة أعدت مع الأمريكيين، ومصر التي ليس لديها مال زائد جرت خلفها، ومعهما الإمارات”.

ولعلَّ ذلك يعيد للأذهان حديث نائب رئيس الوزراء السابق ورئيس الديوان الملكي الأردني “الأسبق”، الدكتور “جواد العناني”، الذي أكد في بداية العام الجاري، أن الحصار القطري سيمتد للأردن إذا تفاقمت الأزمة الخليجية.

ليس هذا الدليل الوحيد أن الحصار سميتد للأردن وحسب، فخلال الفترة الماضية ظهر تراجع حاد في حجم المساعدات السعودية والإماراتية المقدمة إلى الأردن، وربط متابعون ذلك بالمواقف ضد حصار قطر، فضلا عن موققها من ضفقة القرن.

و”صفقة القرن” هو مقترح وضعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويهدف إلى توطين الفلسطينيين في وطن بديل، خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي أول تلميح رسمي عن التهديد السعودي لعمان على موقفها، كشف رئيس الوزراء الأردني بالوكالة “ممدوح العبادي”، في فبراير الماضي، عن قطع الرياض الدعم عن بلاده بسبب مواقف عُمان، والذي لا ينسجم مع مزاج ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”.

ليس هذا وحسب، بل تحدث هرم السلطة في البلاد، الملك “عبد الله الثاني” عن الضغوط الاقتصادية التي تمارس على الأردن، نتيجة مواقفه من قضية القدس المحتلة، ورفض بلاده إعلانها عاصمة لدولة الاحتلال.

وجاءت هذه التصريحات الأردنية العلنية والتي تتحدث مباشرة عن العقوبة السعودية على الأردن، في وقت كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، عن سر الخلاف السعودي الأردني، مؤكدة أن العدوان على اليمن وأزمة قطر شكلتا بالإضافة إلى قضية الإخوان المسلمين، أهم قضايا الخلاف بين الطرفين.

الكويت على الأبواب

ما يحدث مع عمان قد لا يكون بعيدًا عن الكويت، ولا يستبعد خبراء أن تتعرض لحصار مماثل لما تتعرض له قطر، وخاصة أن اتهام قطر بدعم الإرهاب، لأنها تأوي الإخوان المسلمين ينطبق على الكويت.

وخاصة أن الكويت مازالت تحافظ على الحياد في موقفها من الأزمة الخليجية، والذي يقود أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، جهود وساطة لحل الأزمة المتواصلة، كما شهدت العلاقات الكويتية القطرية تقاربًا ملحوظًا خلال الآونة الأخيرة، وهو ما أزعج الإمارات والسعودية، وما قد يدفعها لضم75 الكويت للأردن وقطر في المستقبل.

وفي ظل هذا موقف الكويت من الأزمة الخليجية، لم يخفِ كُتّاب ونخب سعودية وناشطون إماراتيون امتعاضهم من الموقف الرسمي الكويتي، وامتناع السلطات الكويتية من اتخاذ موقف صريح تجاه قطر، خاصة أن المملكة والإمارات كانتا الأكثر اندفاعًا في موقفهما الداعم للكويت إبان الغزو العراقي.

كما كشفت تصريحات “محمد بن زايد”،  ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن الكويت لن تسلم من نفس مصير قطر.

“ابن زايد”، أكد لجريدة الاتحاد وهي جريدة ناطقة باسم السلطة في الإمارات، العام الماضي أن المشكلة في منظومة مجلس التعاون الخليجي هي أن بعض الدول تتخذ سياسة مواقف مزدوجة وغير شفافة ودولة قطر تمثل النموذج الأمثل لهذا النوع من السياسات وأن دولة الكويت وسلطنة عمان في كثير من الأحيان تتبعان نفس السياسات، وفق قوله.

وبيّن أنه نقل للسعودية، قلق وتخوف دولة الإمارات العربية المتحدة على مستقبل مجلس التعاون، ولا بدَّ من اتخاذ خطوات حازمة، للحدّ من هذه السياسات المزدوجة التي تتبناها بعض دول مجلس التعاون، كتلك التي اتخذت تجاه قطر حتى تكون منظومة مجلس التعاون أقوى تأثيرًا وأكثر صمودًا تجاه المخاطر والتحديات التي يواجهها المجلس، وفق تصريحه لجريدة الاتحاد الإماراتية.

كما كانت مجموعة وثائق نشرتها صحيفة “ديلي بيست” الأمريكية، مسربة من البريد الإلكتروني للسفير “العتيبة”، تتضمن مراسلات تمتد من عام 2014 إلى مايو 2017، عن العديد من التفاصيل المتعلقة بتواصل السفارة الإماراتية في الولايات المتحدة مع شركات علاقات عامة لتشويه صورة حلفاء واشنطن والتأثير على سياستها الخارجية.

وكشفت الوثائق عن قيام سفارة الإمارات بجهد منسق لتحجيم دور قطر الإقليمي والتحريض على استهدافها أمنيًا وسياسيًا واتهامها إلى جانب الكويت بتمويل العمل الإرهابي بالإضافة إلى تنسيقها لحملات ضد تركيا وجماعة الإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية.

ما يؤكد أن الدولة الخليجية الثّانية بعد قطر، التي ستستهدفُها دولُ الحصار، ستكون الكويت.

ولعل ذلك يفسر السب الرئيسي وراء التعاون العسكري غير مسبوق بين قطر أحد طرفي الأزمة والكويت صاحبة دور الوساطة، وذلك بالإضافة لتركيا.

وسبق وأن قال حساب “العهد الجديد”: إنَّ “الكويت أيقنت بأنها الهدف القادم بعد قطر، وثقتها بـ”بن زايد” و”بن سلمان”(صفر)”.

وأشار الحساب الذي يعرف نفسه بأنّه قريب من مراكز صنع القرار في السعودية، أنه بعد ذلك قررت الكويت تعزيز التعاون العسكري مع تركيا لقطع الطريق على مؤامراتهما (في إشارة للإمارات والسعودية).