حُكم على 43 إماراتياً بالسجن المؤبد -الأربعاء 10 يوليو/تموز 2024- في ثاني أكبر محاكمة في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، والتي انتقدها خبراء الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان على نطاق واسع لعدم امتثالها للمعايير الدنيا للمحاكمة العادلة وفق القوانين الدولية.

وكانت محكمة إماراتية قد حكمت بالسجن المؤبد على المعتقلين الذين وصفتهم وكالة الأنباء الإماراتية (وام) بأنهم قادة وأعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، وهي منظمة صنفتها الإمارات العربية المتحدة على أنها جماعة إرهابية، ما يجعل هذه المحاكمة – التي بدأت خلال قمة COP28 التي استضافتها دبي- ذات دوافع سياسية من الدرجة الأولى وتشوبها انتهاكات للمحاكمة العادلة.

وقال ألكسيس ثيري، المستشار القانوني لمنظمة منا لحقوق الإنسان ومقرها جنيف، لموقع ميدل إيست آي: “هذه المحاكمة محاكاة ساخرة تستهزأ بالعدالة، وتوضح كيف يتم خنق الأصوات الناقدة، تحت ستار الحرب ضد الإرهاب”، وأضاف “نأمل أن يتم إسقاط هذه الإدانات عند الاستئناف وندعو إلى إطلاق سراحهم”.

وأُدين معظم المتهمين الـ 84 في هذه القضية، التي يطلق عليها اسم “الإمارات 84″، قبل عقد من الزمن في أكبر محاكمة جماعية على الإطلاق في الإمارات العربية المتحدة، ومن بينهم بعض أبرز السجناء السياسيين في البلاد، وحوكم في تلك المحاكمة، التي عُقدت في ذروة الربيع العربي، والمعروفة باسم “الإمارات 94″، 94 شخصاً بسبب تقديمهم التماسات إلى المسؤولين في البلاد من أجل إجراء إصلاحات ديمقراطية متهمين بالتآمر للإطاحة بالحكومة.

وكان العديد من المتهمين قد أنهوا مدة عقوبتهم لكنهم كانوا لا يزالون محتجزين في مراكز إعادة التأهيل سيئة السمعة عندما وجهت إليهم تهم جديدة العام الماضي.

في بيان خاص، قالت جوي شيا، الباحثة في هيومن رايتس ووتش، إن الإمارات “زجت بأسماء العشرات من أكثر المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء المجتمع المدني في قضية جديدة، وعرضتهم لمحاكمة جائرة مخزية مليئة بانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة وادعاءات التعذيب”.

وتابعت “هذه الأحكام الطويلة المبالغ فيها تسخر من العدالة، وهي مسمار آخر في نعش المجتمع المدني في الإمارات العربية المتحدة”.

نقص المعلومات

وبحسب مركز الإمارات للدفاع عن المعتقلين، فإن سلطان بن كايد القاسمي، أحد كبار أفراد الأسرة الحاكمة في رأس الخيمة، والأكاديمي والناشط محمد عبد الرزاق الصديق، كانا من بين الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد، ومن بين الآخرين الذين حُكم عليهم المدافعون عن حقوق الإنسان عبد السلام محمد درويش المرزوقي وناصر بن غيث، وهو خبير اقتصادي بارز.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام) أن خمسة معتقلين حكم عليهم بالسجن 15 عامًا، وخمسة آخرين بالسجن 10 سنوات، وتمت تبرئة رجل واحد، ورُفضت قضايا 24 آخرين.

لم تنشر السلطات بعد التفاصيل الرسمية الكاملة حول الإدانات والأحكام، مما يترك الأحكام الصادرة على العديد من المتهمين غير معروفة.

في تصريحات خاصة، قال الناشط الإماراتي في المنفى أحمد النعيمي، الذي حُكم عليه غيابياً في محاكمة “الإمارات 94″، إن العديد من العائلات لم تدرك أن أقاربها يحاكمون مرة أخرى إلا بعد الجلسة الأولية، وأضاف أن بعض المتهمين احتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي لمدة تتراوح بين سبعة أشهر وسنتين قبل بدء المحاكمة.

وقال متحدثا في نادي الصحافة بجنيف خلال فعالية أقيمت في وقت سابق من هذا الأسبوع: “لم يكن أحد يعرف مكانهم… ولم يتمكنوا حتى من الاتصال بآبائهم وزوجاتهم، أو حتى محاميهم”.

من جانبهم، قال المحامون إنهم يعتقدون أن المعتقلين اتُهموا بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإماراتي لعام 2014، والذي تعرض لانتقادات لأنه يسمح بإدانة منتقدي الحكومة السلميين كإرهابيين، وقالوا أيضًا إن إعادة محاكمة هؤلاء المعتقلين بسبب قضايا أدينوا بها بالفعل يعتبر انتهاك صارخ للقانون الذين يمنع محاكمة المرء على نفس الجريمة مرتين.

جلسة استماع مدتها سبع دقائق

خلال جلسة يوم الأربعاء، شاهدت العائلات الأحكام الصادرة على أقاربهم عبر شاشة تلفزيون في غرفة منفصلة في قاعة المحكمة، حسبما قال حمد الشامسي، المدير التنفيذي لمركز الإمارات للدفاع عن المعتقلين، حيث أوضح أنه خلال الجلسة السريعة، أشار القاضي إلى بعض المتهمين الموجودين في قاعة المحكمة بأسمائهم، وبعضهم بالأرقام فقط، ولفت أن “القرار استغرق سبع دقائق فقط”.

من جانبها قالت جنان المرزوقي، التي أدين والدها عبد السلام في المحاكمة الجماعية السابقة وحكم عليه بالسجن المؤبد يوم الأربعاء، إن هذه المحاكمة “تفتقر إلى أبسط العناصر الأساسية للمحاكمة العادلة، مع انتهاكات أشد خطورة مما شهدناه خلال المحاكمة الأولى عام 2016”.

وتابعت “لقد أحيطت المحاكمة بأكملها بسرية تامة… ولم نعلم بالتهم أو أسماء المتهمين إلا بعد بدء جلسات المحكمة… وحتى يومنا هذا، لم يتم تسليم المحامي ملف القضية”.

وقالت المرزوقي إنه كان هناك “ارتباك واضح” خلال جلسة الأربعاء، حيث لم يتم ذكر أسماء العديد من المعتقلين والأحكام الصادرة بحقهم.

وأضافت: “ما زلنا ننتظر الحصول على الوثيقة الرسمية مع الحكم، والتي قال محامينا إنه لن يتمكن من الاطلاع عليها حتى الأسبوع المقبل”.

فيم قال حمد الشامسي إن المدافعين عن حقوق الإنسان التقوا مراراً وتكراراً مع مسؤولين أجانب في السفارات في الإمارات العربية المتحدة، وطلبوا منهم إرسال ممثلين لحضور جلسات الاستماع “كنا نأمل حقا أن يكون للمجتمع الدولي دور أكبر أو على الأقل إرسال مراقبين لكن هذا لم يحدث”.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا