خلال الأيام القليلة الماضية، برز اسم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مجددا في صفقة رياضية ضخمة على وشك الإتمام ترتبط بشراء النسبة الأعلى من أسهم نادي نيوكاسل بالدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك بعد محاولات متكررة منه للاستحواذ على نادي مانشستر يونايتد خلال السنوات الماضية إلا أن جميعها باءت بالفشل، لكن تساؤلات عدة برزت حول دوافع ولي العهد السعودي التي تجعله مصرا على الدخول في مجال الاستثمار الرياضي بهذا الحد من الاهتمام، وهل يأخذ الموضوع بعدا سياسيا أم اقتصاديا بحتا. 

 

تلميع صورة بن سلمان

وفق وثيقة مسربة لشبكة BBC فإن بن سلمان مستعد لدفع أكثر من 300 مليون يورو لشراء أسهم النادي. وقد أشارت الشبكة إلى أن PCP Capital Group، التي ساعدت منصور بن زايد على شراء نادي مانشستر سيتي عام 2008، هي التي تقود عملية التفاوض مع مالك نيوكاسل الحالي، مايك آشلي، لكن تداعيات فيروس كورونا ساهمت في تأخير إتمام الصفقة حتى الآن

وتقتضي الصفقة أن يستحوذ صندوق الاستثمار السعودي على 80% من أسهم النادي، فيما ستحصل شركة PCP التي تملكها المموّلة “أماندا ستافلي” على 10% من الأسهم، مع بقاء النسبة الأخيرة في أيدي مجموعة الإخوة روبنز، وقد تم بالفعل إبلاغ المسؤولية في الدوري بالصفقة المحتملة.

وتأتي خطوة نيوكاسل لتجميل صورة السعودية الخارجية وغسل سمعتها المشوهة لاسيما بعد اغتيال خاشقجي في نهاية 2018، ما يجعل من الاستثمار في القطاع الرياضي الدولي وسيلة قد تبدو ناجعة لصرف الأنظار وإلهاء الرأي العام عن الجرائم الحقوقية المتتالية.

ولا تعتبر صفقة نيوكاسل الأولى من نوعها في مساعي محمد بن سلمان لاستغلال الرياضة لتعزيز نفوذه وتلميع سجله الحقوقي المليء بالانتهاكات، فقد سبق واستثمر مستشار ابن سلمان المقرب، تركي آل الشيخ، في مصر لمدة تقارب عامين عبر شراء نادي بيراميدز، قبل أن يلاحقه الفشل ويضطر إلى التخارج من مصر، والاتجاه صوب أوروبا وشراء نادي “ألميريا” أحد أندية دوري الدرجة الثانية في إسبانيا بقيمة 20 مليون يورو، ليصبح أكبر مساهم ومالك ورئيس للنادي، لكن التجربة تعاني حتى اللحظة نظرا لتدني شعبية النادي المغمور رغم إنفاق الملايين لأجل تطويره.

نيوكاسل يونايتد

غسل العار بالرياضة

في يناير الماضي استنكرت منظمة العفو الدولية سعي ابن سلمان لشراء نادي نيوكاسل ووصفت الأمر بأنه “محاولة لغسل العار عبر الرياضة”، وهو ما اتفق معه رئيس حملات المملكة المتحدة في المنظمة الدولية، فيليكس جاكنز بأن السعودية معروفة بمحاولاتها لـ”غسل العار عن طريق الرياضة” باستخدام بريق ومكانة الرياضة العليا كأداة للعلاقات العامة لتشتيت الانتباه عن سجل حقوق الإنسان السيئ لديها.

وأضاف أنه في عهد ابن سلمان كانت هناك حملة شاملة لحقوق الإنسان مع سجن العديد من الناشطين بمن فيهم لجين الهذلول والمدافعات الشجاعات الأخريات عن حقوق المرأة، لافتًا إلى ما سماه محاولة “تبييض صارخ لجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي المروعة”، بجانب المخاوف المستمرة بشأن القرصنة السعودية، والتحالف العسكري بقيادة المملكة في اليمن، الذي سقط بسببه عشرات الآلاف من اليمنيين، فضلًا عن تحويل البلاد إلى واحدة من أكبر كوارث العالم الإنسانية.

وتابعت العفو الدولية أنه لا ينبغي لهم أن يحددوا من الذي يجب أن يمتلك نيوكاسل يونايتد، “لكن يجب على موظفي النادي وفنييه ولاعبيه على حد سواء أن يدركوا هذا على حقيقته، غسيل عار عن طريق الرياضة، بكل بساطة”.

واختتمت المنظمة بيانها بأنه يجب على الموظفين والمشجعين في النادي معرفة الوضع المأساوي لحقوق الإنسان في السعودية وأن يكونوا مستعدين للتحدث عنه، وألا تتسبب الصفقة في غض الطرف عن السجل الحقوقي المشين لولي العهد الذي بات من الواضح أنه لا يتوانى عن ارتكاب أي جريمة في مقابل وصوله إلى كرسي العرش، وفق المنظمة.

غيرة إماراتية قطرية

لا يسعى بن سلمان لتحسين صورته فقط عبر شراء نادي نيوكاسل الإنجليزي الشهير، حيث يحمل الموضوع بعدا آخرا وهو الغيرة من الإمارات وقطر، وهو ما دفع بن سلمان لمحاولة السير على خطى منصور بن زايد، مالك نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، ومؤسسة قطر للاستثمار التي تملك نادي باريس سان جيرمان الفرنسي.

ولي العهد السعودي إذن مهتم بدخول عالم الدوريات الأوروبية الكبرى، وهو ما يفسر مساعيه المستمرة لتحقيق ذلك عبر مانشستر يونايتد الصفقة التي باءت بالفشل، ليتبعها لاحقا بمحاولات أخرى لشراء نادي ميلان لكنها أيضا باءت بالفشل بعدما فقد النادي الكثير من بريقه مع مالكه الصيني، ليفكر لاحقا في الاستثمار بنادي روما الإيطالي، قبل أن يستقر على العودة مرة أخرى إلى الدوري الإنجليزي وشراء نادي نيوكاسل.

وكان الشيخ منصور بن زايد شقيق رئيس دولة الإمارات قد استحوذ على ملكية نادي مانشستر سيتي في عام 2008، ليضع الفريق صاحب التاريخ المتواضع من بعدها أقدامه على منصات المجد بإحرازه العديد من الألقاب على المستوى المحلي، كما دخل القطريون على نفس الطريق باستحواذهم على ملكية نادي باريس سان جيرمان، كما استحوذوا على ملكية نادي ملقا الإسباني، واللذين ترجع ملكيتهما إلى العائلة الحاكمة في قطر.

الأمر لا يقتصر على الإمارات وقطر فقط، لكن لرجال الأعمال المصريين نصيب أيضا في الاستحواذ على الأندية الأوروبية، وأبرزها استحواذ رجل الأعمال ناصيف ساويرس على نادي أستون فيلا الإنجليزي عام 2018،  ليصبح المصري الثالث الذي يمتلك ناديا في الدوري الإنجليزي بعد هال سيتي الذي يمتلكه المصري عاصم علام، وفولهام الذي يمتلكه رجل الأعمال محمد الفايد، كل ذلك قد يكون سببا في دفع ولي العهد السعودي المراهق للغيرة والتفكير في شراء نادي إنجليزي ضخم مثل نيوكاسل.

 

اقرأ أيضًا: بالصور.. صحيفة بريطانية تستعرض بذخ بن سلمان من داخل أغلى قصر في العالم