جانب  الفساد المتغلغل في جنبات المملكة العربية السعودية لا تكشفه القنوات الرسمية، وإنما تكشفه بعض الحسابات النافذة على موقع تويتر.

التغريدات توضِّح ما آلت إليه الأوضاع في المملكة من نهبٍ وسرقةٍ حتى أصبحت تأخذ طابع “القداسة” في ظل حصانة يتمتع بها الأمراء ورجال المملكة وغيرهم.

المغرِّد السعودي الشهير “مجتهد” كشف عن جزء من الفساد الواسع وتزوير وشراء الذِّمَم وتقديم الرشاوى لأمراء وقضاة وموظفين من رجل الأعمال السعودي “عبدالله مرعي بن محفوظ”.

ويشغل بن محفوظ عضوية مجلس الغرف التجارية السعودية، ونائب رئيس رعاية السجناء، ونائب رئيس مجلس الأعمال بين السعودية ومصر، وأمين صندوق جمعية البر بجدة.

نفوذ بن محفوظ

في سلسلة جديدة من التغريدات عبر موقع “تويتر”، وبرغم رفض «مجتهد» فتح ملفات شخصية غير محسوبة على السلطة إلا أن الفساد الكبير الذي وصل إلى مسامعه كان كفيلًا بأن يفرد له نحو 20 تغريدة، لتجسد شخصية “بن محفوظ” فساد المملكة بكامل صوره.

ولأن الإغراء المالي يفعل الكثير داخل المملكة فقد استطاع بن محفوظ بالتعاون مع والده تطويع أمراء مكة وقضاتها وكتبة العدل بالمحاكم والموظفين وكل المسؤولين في المنطقة بحسب تغريدات مجتهد.

ويتضح نفوذ بن محفوظ من خلال تقديمه قصرًا يزيد ثمنه على 30 مليون ريال للأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة مقابل تسهيل معاملاته، بالإضافة إلى تقديم رشوة تقدر بـ 130 مليونًا للأمير أحمد بن عبدالعزيز لتخليصه من قضية أمنية.

رشوة القضاة

يراه السعوديون بأنه الرجل الذي استطاع أن “يطوي القضاة في جيبه” حتى وصفه العاملون في القضاء بأنه يتعامل مع المحاكم وكأنها جزء من بيته لشدة سيطرته على جميع من فيها.

أما عن طريقته في رشوة القضاة فاعتبرها البعض “وقحة” لكثرة تردده على المحاكم بحقيبته المعروفة للجميع والتي يحمل فيها دائمًا الأموال للقضاة، وفي كل مرة لا تقل الأموال عن مليوني ريال.

ويقول مجتهد إنه قام بتوزيع مساحات كبيرة من الأراضي في منطقة مكة على كثير من القضاة كما أنه قدم رشوة لـ 15 قاضيًا بالقرب من قصر والده في منطقة العوالي بمكة.

لكن ومن الطريف أنه وعد قاضيين بأرض في مخطط الحمراء، كما يصف مجتهد، إلا أنه لم يتمكن من تنفيذ وعده فتورط معهما وتربصوا له.

أكل مال الأرامل واليتامى

وكشف مجتهد عن قيام بن محفوظ بالتنسيق مع القضاة بالاستحواذ على إرث أرملة ملياردير لم يكشف عن اسمه، موضحًا أن هذه الأرملة لم ترزق بأبناء وكان وكيلًا لها فاختلق لها ابنًا حتى يؤول إرثها إليه. بحسب تغريدات مجتهد.

وتعتبر هذه الحالة الثانية التي يأكل فيها أموال المواريث بصفته وكيلًا عنهم؛ حيث كانت له قصة سابقة مع أبناء عمه سالمين التي استولى فيها على إرثهم بصكوك مزورة.

تزوير الصكوك

وكما أنه نافذ في المحاكم تتجلى قوة نفوذه في أمانة مكة؛ حيث يروي “مجتهد” عن قدرته على تزوير الصكوك وتطبيقها على الواقع، والتي تفوق قدرة الأمراء بسبب سخائه الكبير في تقديم الرشوة؛ حيث استولى “بن محفوظ” على معظم الأراضي المحيطة بمزرعته وصادرها من مُلَّاكها الذين لم تنصفهم المحاكم بسبب سيطرته على القضاة.

الأمر ليس متوقفًا عند الأراضي الخاصة؛ حيث زور صكوكًا لأراضٍ حكومية، واستخرج أذونات الماء والكهرباء بكل سهولة من الأمانة التي أصبح فيها الرجل الأول بفضل المال، كما استطاع بنفوذه الاستيلاء على أرض كانت وقفًا للأشراف وبنى عليها.

يمتد نفوذ “بن محفوظ” من الأمانة العامة لمكة إلى وزارة التجارة، ومن خلال هذا النفوذ استطاع نقل ملكية شركة “جوتن” السعودية المقدّر قيمتها بـ 2.5 مليار لملكه الشخصي بعد أن كانت مملوكة لـ”سالمين بن محفوظ”، الذي كان أيضًا وكيلًا له، وحتى لا ينكشف أمر الاستيلاء على أموال الموروث قام بنقل ملكيتها أولًا لشخص ثالث “لم يذكر اسمه” ثم نقلها لملكيته بدعمٍ من نائب أمير مكة.

تهريب الأموال

وكشفت تغريدات “مجتهد”، عن تهريب “بن محفوظ” جزءًا من أمواله خارج المملكة، وقال: “تمكن قبل أيام من إخراج 350 مليون ريال بطائرته الخاصة بعد أن وزّع 30 مليونًا على المسؤولين المعنيين”.

وأضاف: “كان قبلها قد اعتمد على علاقات سابقة وحاول الخروج بمبلغ أكثر منه فمنع فاضطرّ أن “يرش” 30 مليونًا حتى يهرِّب أمواله للخارج بعد تدهور الأوضاع”.

كما كشف مجتهد عن علاقة عبدالله مرعي بن محفوظ بجماعة أنصار الله الحوثي في اليمن، والتي تقوم المملكة بمحاربتها ضمن عملية “عاصفة الحزم”، بالإضافة إلى ارتباطه بعلاقات مع إيران.

وتابع: “وبسبب نفوذه بين الأمراء تمكّن بجدارة من التخلص من قضايا لها علاقة بأمن الدولة، وذلك بعد التأكد من علاقته مع الحوثيين وإيران وجهات أخرى”.

وبحسب مجتهد فإن بن محفوظ ووالده “مرعي” وإخوانه منبوذون من قبيلتهم “بن محفوظ” ولا يذكر اسمهم إلا ومعه قصص التزوير والغشّ وأكل المال الحرام.