تواصل السلطات الأردنية حملتها القمعية بحق الناشطين الشباب، حيث اعتقلت عدداً من الشبان في زنازين انفرادية دون توضيح أسباب واضحة، فيما تشير مصادر مطلعة إلى أن هذه الاعتقالات تأتي على خلفية مواقف داعمة لغزة والمقاومة الفلسطينية. 

ورغم عدم صدور أي بيان رسمي من السلطات الأردنية يوضح دوافع هذه الاعتقالات، فإن سلوك الأجهزة الأمنية الأردنية خلال الأشهر الماضية يعكس نهجًا متصاعدًا في استهداف الأصوات المعارضة للتطبيع والتنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي.

يواجه المعتقلون ظروفًا قاسية، حيث حُرم العديد منهم من التواصل مع ذويهم أو محاميهم، في انتهاك صارخ لأبسط حقوقهم القانونية. ومن بين المعتقلين صهيب جبريل، الإعلامي الشاب المحتجز منذ 25 يومًا، والذي لم يُسمح لمحاميه بلقائه، بالإضافة إلى المهندس حسام أبو حماد، المعتقل منذ 10 فبراير، والذي تعرّض منزله للتفتيش دون توجيه تهم واضحة. 

كما شملت الاعتقالات مهندسين آخرين، إبراهيم عيدة وخالد خليل، اللذين احتُجزا في ظروف غامضة دون السماح لأحد بالتواصل معهما. أما عبد العزيز هارون، حفيد النائب السابق عبد العزيز جبر، فلا يزال معتقلًا منذ 58 يومًا دون تهمة واضحة، ما يزيد من المخاوف حول توجه الدولة نحو خنق أي صوت معارض للسياسات الرسمية.

في هذا السياق، أصدر القطاع الشبابي لحزب جبهة العمل الإسلامي بيانًا استنكر فيه استمرار الاعتقالات، معتبرًا أنها تتعارض مع الحاجة الوطنية إلى تمتين الجبهة الداخلية في ظل التحديات الإقليمية. 

كما دعا البيان إلى تحرك واسع من قبل مجلس النواب والمنظمات الحقوقية للضغط على السلطات الأردنية لوقف هذه الانتهاكات وإطلاق سراح المعتقلين فورًا.

ملك الأردن.. حليف الاحتلال الأول وخنجر في خاصرة المقاومة

لا يمكن فصل حملة الاعتقالات التي تستهدف أنصار المقاومة عن الدور المشبوه الذي يلعبه النظام الأردني في المنطقة، حيث بات الملك عبد الله الثاني أحد أهم الحلفاء السريين للاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط عبر التنسيق الأمني، بل من خلال سياسات مباشرة تصب في صالح تل أبيب على حساب الشعبين الأردني والفلسطيني.

لطالما تغنّت الدولة الأردنية بكونها “حامية المقدسات” في القدس، لكن الحقيقة على الأرض مغايرة تمامًا، فبينما تعتقل الأجهزة الأمنية الأردنيين المناصرين لفلسطين، يواصل الملك تعزيز التعاون الأمني مع إسرائيل، متجاهلاً إرادة شعبه الذي يعارض التطبيع بأغلبية ساحقة. 

ولم يقتصر الأمر على القمع الداخلي، بل تعدّاه إلى أدوار مشبوهة في خدمة الأجندة الإسرائيلية، ومنها التصدي للصواريخ الإيرانية حتى لا تصل إلى الاحتلال، وهو ما كشفته عدة تقارير استخباراتية أكدت استخدام الأردن لأراضيه في إسقاط طائرات مسيّرة كانت متجهة إلى الأراضي المحتلة.

إضافة إلى ذلك، تحوّل “الجسر البري” بين الأردن والأراضي المحتلة إلى منفذ اقتصادي وعسكري يخدم الاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى، حيث أصبح هذا المعبر شريانًا حيويًا لإدخال البضائع الإسرائيلية إلى الدول العربية، في وقت تُضيّق فيه الدولة الأردنية الخناق على الفلسطينيين عبر معابرها الحدودية.

في ظل هذه السياسات، لا يمكن اعتبار الاعتقالات الأخيرة سوى امتداد طبيعي لمسار طويل من الخيانة السياسية، حيث يثبت النظام الأردني مرة تلو الأخرى أنه أكثر انحيازًا لأمن الاحتلال من أمن شعبه، وأنه مستعد للتضحية بأبنائه في سبيل ترسيخ علاقته بتل أبيب.

هل يصمد الأردن أمام الغضب الشعبي؟

مع تصاعد حملات القمع الداخلي، يزداد السخط الشعبي داخل الأردن، حيث لم تعد هذه الاعتقالات تمر مرور الكرام، بل أصبحت دافعًا لمزيد من الحراك الشعبي والسياسي ضد السياسات الرسمية. 

وقد بدأت الأحزاب المعارضة، وعلى رأسها جبهة العمل الإسلامي، في تصعيد خطابها ضد الدولة، مطالبة بوقف الاعتقالات والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وهو ما قد يُشكل بداية لموجة احتجاجات أكبر في المستقبل القريب.

وعلى المستوى الإقليمي، يثير استمرار الأردن في سياساته المناهضة للمقاومة تساؤلات حول مستقبل دوره في المنطقة، لا سيما في ظل توتر الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يُعدّ الأردن خط الدفاع الأول لحماية الاحتلال من أي تهديد يأتي من الشرق.

يبقى السؤال المطروح: إلى متى سيواصل الأردن لعب هذا الدور المشبوه دون أن يدفع ثمنًا سياسيًا؟ وكيف سيتعامل النظام مع تصاعد الغضب الشعبي في ظل الضغوط الداخلية والخارجية؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذه التساؤلات، لكن المؤكد أن رهان النظام على القمع والتنسيق مع الاحتلال قد ينقلب عليه في أي لحظة.

 

اقرأ أيضًا : موقع: الاحتلال يمارس نازية جديدة بحق الأسرى الفلسطينيين.. بالتزامن مع تهديدات ترامب وصمود المقاومة