في سابقة خطيرة تُنذر بتحوّل نوعي في مسار الحرب الأهلية بالسودان، كشفت منظمة العفو الدولية عن دعم عسكري إماراتي متطور قدّم إلى قوات الدعم السريع، يشمل أسلحة حديثة الصنع، تتجاوز من حيث نوعيتها وتجهيزاتها ما تمتلكه العديد من الجيوش النظامية في المنطقة.
وبحسب التقرير، فإن الإمارات خرقت حظر الأسلحة المفروض على إقليم دارفور منذ عام 2005، عبر تزويد ميليشيا الدعم السريع بأسلحة فتاكة متقدمة مصدرها الصين، مما عزز قدرة هذه القوات على شنّ هجمات نوعية ضد الجيش السوداني في مختلف الجبهات.
تسليح نوعي يكشف تغير قواعد الحرب
ما كشف عنه التقرير لا يتعلق بأسلحة تقليدية يمكن أن يتم تهريبها عبر الحدود، بل بأسلحة متقدمة تقنيًا تُستخدم لأول مرة في نزاع إقليمي بهذه الكثافة. ومن أبرز هذه الأسلحة:
1. صواريخ GB-50A الموجهة بالليزر
-
تُستخدم لأول مرة في نزاع عسكري عالمي.
-
وزنها 50 كغ وتُركب على طائرات مسيّرة من طراز وينغ لونغ 2 وفيهونغ-95.
-
دقتها العالية تجعلها سلاحًا فتاكًا في ضرب الأهداف الثابتة والمتحركة.
2. مدافع هاوتزر AH-4 – عيار 155 ملم
-
مدفع متطور من إنتاج شركة “نورينكو” الصينية.
-
يتميز بالمدى الطويل (حتى 40 كم) وسرعة التذخير (5 قذائف بالدقيقة).
-
خفيف الوزن ويمكن نصبه وإطلاقه خلال دقائق، ما يجعله مثاليًا لحروب العصابات المتنقلة.
-
الإمارات كشفت عن شرائها دفعة من هذه المدافع عام 2019.
3. الطائرة المسيّرة “وينغ لونغ 2”
-
طائرة هجومية واستطلاعية ذات مدى واسع وسرعة 370 كم/س.
-
تستطيع التحليق على ارتفاع 10 كم وتحمل قنابل موجهة بدقة.
-
الإمارات من أبرز الدول التي حصلت على هذا الطراز، ونقلته لاحقًا للدعم السريع.
4. الطائرة CH-95 (فيهونغ 95)
-
طائرة استطلاع وهجوم متعددة المهام.
-
تحمل صواريخ موجهة بالليزر وتستخدم في التشويش والحرب الإلكترونية.
-
تم رصدها في قاعدة نيالا وجرى إسقاط واحدة منها في الفاشر في ديسمبر 2024.
الأثر العملياتي: ضربات مركزة على منشآت استراتيجية
منذ حصول الدعم السريع على هذا النوع من التسليح، شهدت الحرب في السودان تصعيدًا لافتًا في الهجمات الجوية بالطائرات المسيّرة، شمل:
-
قصف قاعدة فلامنغو البحرية في بورتسودان.
-
استهداف مطار بورتسودان والميناء الجنوبي ومستودعات الوقود.
-
هجمات على البنية التحتية في مروي ودنقلا وعطبرة والدبة، شملت محطات الكهرباء والمياه.
هذه الهجمات المنسقة تشير إلى وجود دعم لوجستي وتدريب متطور، لا يمكن لقوة ميليشياوية أن تحصل عليه دون دعم مباشر من دولة ذات نفوذ إقليمي مثل الإمارات.
ما هي الرسائل من وراء هذا التسلح؟
-
توسيع النفوذ الإقليمي: تحاول الإمارات فرض وقائع جديدة على الأرض في السودان، لضمان تأثير مباشر في مستقبل البلاد، سواء عبر أدوات سياسية أو عسكرية.
-
موازنة النفوذ المصري والتركي في السودان، خاصة بعد تراجع الدور المصري لصالح قوات البرهان، وتصاعد الحديث عن دعم تركي غير مباشر للجيش النظامي.
-
تجريب الأسلحة الصينية الحديثة في نزاع مفتوح، ما يخدم شركات السلاح الصينية ويوفر ساحة حقيقية لاختبار التكنولوجيا القتالية الجديدة.
ماذا بعد؟
الدعم الإماراتي المتواصل لقوات الدعم السريع يهدد بجر السودان إلى مزيد من التفتت والفوضى، كما أنه يشكّل سابقة خطيرة في خرق قرارات مجلس الأمن، ويضع أبوظبي تحت طائلة المساءلة الدولية.
في المقابل، تتزايد الدعوات لمحاسبة الجهات التي تورّطت في تمويل وتسليح أطراف الحرب، في وقت يعاني فيه ملايين المدنيين من الجوع والنزوح.
ما يحدث في السودان لم يعد صراعًا داخليًا فحسب، بل حرب وكالة متعددة الأبعاد، تقود فيها الإمارات واحدة من أخطر حلقاتها، عبر تزويد ميليشيا متمردة بترسانة حربية تتجاوز قدرات معظم الجيوش العربية.
اقرأ أيضا: الإمارات تهاجم حكومة السودان: وقاحة دعم الميليشيات والتهجم على الشرعية
اضف تعليقا